القدس ستبقى عاصمة فلسطين
ريا خوري
في عام 1995 قرر الكونغرس الأمريكي وجوب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لكنه منح الرؤساء صلاحية تأجيل نقل السفارة تحت مسمى حماية الأمن القومي الأمريكي، وهذا ما كان، فقد أغفل الرؤساء المتعاقبون على رئاسة الولايات المتحدة من جمهوريين وديمقراطيين هذا القرار، لكن الرئيس دونالد ترامب اختار أن يتحدى العالم بشكل عام، والفلسطينيين والعرب بشكل خاص، وقرر الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، والبدء بمشروع نقل السفارة الأمريكية إليها.
إن القرار الذي اتخذه ترامب هو مجرد “رأس جبل جليد” تختفي قاعدته في أعماق المحيط، ويهدف إلى تحقيق مشروع “صفقة القرن” لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وتحقيق أهداف الكيان الصهيوني التي عجزت جميع محاولات الدول الغربية الاستعمارية عن تحقيقها، وإجبار الشعب العربي الفلسطيني المناضل على الاستسلام والتسليم بها.
لقد نسي ترامب أو تناسى ومعه الكونغرس الأمريكي بأن فلسطين ليست عقاراً يتم بيعه وشراؤه، بل هي وطن لشعب عربي لم ولن يستسلم لنتائج وعد بلفور، أو قرار التقسيم الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، لذلك أعاد هذا القرار الجائر الصراع العربي- الصهيوني إلى المربع الأول، وأشعل فتيل احتراق المنطقة.. لقد انكشف بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ونقل السفارة الأمريكية إليها، حجم التبادل والتعاون حد التماهي مع الكيان الصهيوني وقيادته اليمينية، ليس بشأن القدس وقضيتها فحسب، بل بشأن جميع ما تم الاتفاق عليه في اوسلو، وخاصة موضوع اللاجئين، والقدس، والمستوطنات، والحدود، والمياه، والدولة بشكل عام، كون هذه القضايا تمثّل لب الصراع وجوهره، وهي مازالت مستعصية على الحل، وكان من المفترض أن ينتهي التفاوض حولها في أيار من عام 1999.
من هنا ندرك أن عرقلة أي حل يأتي بتوافق الكيان الصهيوني مع الولايات المتحدة من أجل حماية الكيان، والتأكيد على دعمه المطلق، لأنه يقوم بدور وظيفي لصالح الامبريالية العالمية، والنظام الكولونيالي الغربي، وهو تأكيد على اتباع خطوة جديدة من تحقيق شعار (يهودية الدولة)، وتحقيق فكرة “الترانسفير” القسري للشعب العربي الفلسطيني في أراضي عام 1948، وكذلك في الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلت عام 1967.
إن القرار الأخير الجائر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أنهى مرحلة رعاية الولايات المتحدة لمفاوضات مدريد للسلام، واتفاقية اوسلو، ليس هذا فقط، بل سعى ويسعى لتحقيق مشروع “صفقة القرن” التي رفضها الشعب العربي الفلسطيني.