مشروعاتنا الصّغيرة.. إلى متى؟!
خمسةُ أعوامٍ مضت على إحداث هيئة تنمية المشروعات الصّغيرة والمتوسطة، وما زلنا نجترّ، بمرارة بالغة، الوعود المعسولة التي أُغدقت حول محوريّة دور الهيئة في تحديد آليات ومطارح دعم هذه المشروعات، عبر ربط المؤسسات التّمويلية بالمشروع الصّغير والمتوسط، وتوفير دعم الإنتاج والصّادرات وإعطاء الأولويات والميزات للشّركات الصّغيرة والمتوسطة، فضلاً عن أنّ الهيئة ستستهدف في مرحلتها الأولى القطاعات الزّراعية، بشقّيها النّباتي والحيوانيّ، والصّناعات الزراعية الأقرب للأسريّة، وإعادة ترميم الصّناعات التّقليدية البسيطة كالنّسيج والألبان والمربيات والمفروشات وسواها، التي تقوم على ورشات صغيرة الحجم، قليلة العدد والعدّة!
ومن الأهمية بمكان أن نستذكر ههنا؛ حديث حاكم مصرف سورية المركزي، مطلع شهر أيار الماضي، خلال ورشة عمل لدعم قطاع التّمويل الصّغير، إذ قال إن مؤسسة ضمان مخاطر القروض ستلعب دوراً مهماً في تقديم الضمانات التي يعجز الأفراد والمؤسسات عن تأمينها، وبالتالي تسهيل الحصول على مصادر تمويل، متوقّعاً أن تباشر هذه المؤسسة عملها خلال أشهر!
وها هي ذي الأشهر تمرّ ولا زلنا في ردهات الانتظار، وفي ترقّب لمخاضات الأنظمة والقوانين الدّاخلية النّاظمة وولادتها المتعثرة!؟ في وقت كشف المدير العام لهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن الحقيقة المرّة بالقول إنّ حصّة المشروعات الصّغيرة والمتوسطة من التّسهيلات المصرفيّة الممنوحة بلغت 4%، وهي الأقل بين الدّول العربية، إذ يصل المتوسط العربي لحدود 9%، بينما يلامس المتوسط العالمي حدود 18%!
إذاً ثمّة معوّقات جعلت الضّبابيّة تكتنف حضور الهيئة الخجول على الأرض، وقعودها دون الدّور المنوط بها، في تحقيق نموّ كليّ في سلة السّلع والخدمات المنتجة ضمن قطاعها المفترض، أو في تقديم التّسهيلات اللازمة لاستدامة نشاطها.
وعطفاً على همسٍ جريءٍ في إدارات مصارفنا العامة مفاده أنّ السّيولة الفائضة بشكل مطّرد لديها باتت تُشكّل عبئاً على أرباحها، ولم تخفِ تذمّرها من تعليمات الإقراض الطّاردة للاستثمار، فإنّ مصرف سورية المركزي يبقى في مرمى الأسئلة المشروعة عن أسباب تلكُّئه في اعتماد سلّة قرارات تستهدف تهيئة المناخ المناسب لتعزيز فرص تمويل هذه المشروعات والمنشآت وتذليل العقبات التي تواجهها، وعن موانع قيامه حتى الآن بتوجيه المصارف نحو استحداث قروض، أو زيادة نسبة القروض الممنوحة، لتمويل مشروعات صغيرة ومتوسطة، لتصل إلى نسبة ما من إجمالي محفظة قروض هذه البنوك، والتّسريع في بلورة حضور شركة ضمان القروض الوليدة، من خلال شروعها بتقديم الضّمانات للبنوك بنسب تغطية تتناسب مع التوجّه نحو إحداث شبكة وطنية لحاضنات أعمال المشروعات الصّغيرة والمتوسطة متعدّدة النّشاطات، وتسهيلاً للمشروعات العتيدة، وحاجتنا الماسّة إليها لدفع عجلة الاقتصاد والتّنمية قدُماً، في هذا الظّرف الاقتصادي والمعيشي الدّقيق الذي تمرّ به البلاد!
أيمن علي