خطوات “صفقة القرن” التنفيذية بدأت.. واشنطن تشرعن المستوطنات سورية تدين الازدراء الأمريكي بالشرعية الدولية: باطل ولا أثر قانونياً له رفض فلسطيني واسع.. موسكو: يزيد توتر الأوضاع
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ ما سمي “صفقة القرن”، الرامية إلى تصفية الحقوق الفلسطينية وإلغاء حقّ العودة وطمس الهوية العربية الفلسطينية، بدءاً من شقّها الاقتصادي المتمثّل في مؤتمر المنامة، البحرين، الذي عُقِد أواخر حزيران المنصرم، واستمراراً إلى وقف واشنطن المساعدات المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وليس انتهاءً بإعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو “أن إدارة بلاده لا تعتبر المستوطنات الإسرائيلية متعارضة مع القانون الدولي”، في محاولة لإضفاء “الشرعية” على الاستيطان الصهيوني، متجاهلاً بذلك كل القرارات الدولية، ولا سيما قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016 الذي يطالب الاحتلال بوقف فوري لكل عمليات الاستيطان على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وردّاً على الانحياز الأمريكي الأعمى لكيان الاحتلال، أدانت سورية بأشدّ العبارات الموقف الأمريكي إزاء المستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي يشكّل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وخرقاً لقرارات الأمم المتحدة حول الوضع القانوني للأراضي المحتلة، وأضاف مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين: “إن هذا الموقف الأمريكي يشكّل الحلقة الأحدث في ازدراء الولايات المتحدة للشرعية الدولية واستمراراً للعدوان الأمريكي المستحكم للأمة العربية والدعم اللامحدود الذي تقدّمه الولايات المتحدة للكيان الصهيوني التوسعي الاستيطاني في عدوانه المتواصل على الحقوق العربية”، وتابع: “إن الجمهورية العربية السورية تؤكّد أن هذا الموقف الأمريكي باطل ولا أثر قانونياً له، كما هو الحال بالنسبة لموقف واشنطن إزاء القدس والجولان السوري المحتل، ويظهر مجدّداً عمق الفجوة التي تفصل الولايات المتحدة الأمريكية عن المجتمع الدولي نتيجة سياساتها الخرقاء التي تحكمها عقلية الهيمنة والغطرسة، الأمر الذي بدا جليّاً خلال التصويت الأسبوع الماضي في الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار المتعلق بوكالة الأونروا لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين”. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة صوّتت مؤخراً بأغلبية 170 صوتاً لتجديد تفويض عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فيما عارضته الولايات المتحدة وكيان الاحتلال، وامتنعت سبع دول عن التصويت.
من جهتها، أكدت الرئاسة الفلسطينية، على لسان المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة، أن هذا الإعلان باطل ومرفوض ومدان، ويتعارض كليّاً مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية الرافضة لمخططات الاحتلال الاستيطانية وقرارات مجلس الأمن، مشدّداً على أن واشنطن تتحمّل المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات لهذا الموقف الخطير، لافتاً إلى أن الإدارة الأمريكية غير مخوّلة بإلغاء قرارات الشرعية الدولية.
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية شدّد على أن إعلان الإدارة الأمريكية يعدّ استهزاء بالقانون الدولي والقرارات الدولية، التي تجرّم الاستيطان بشكل واضح، مطالباً المجتمع الدولي بالتصدي لهذا الإعلان الخطير الذي يشكّل ضربة لإمكانية التوصل إلى تسوية لقضية الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس.
الخارجية الفلسطينية أشارت إلى أن الإعلان حلقة جديدة من حلقات العدوان الأمريكي على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، وخطوة أخرى لوأد أي تسوية مستقبلية للقضية الفلسطينية.
من جانبها، وصفت فصائل المقاومة الفلسطينية تصريح بومبيو بأنه عدوان جديد على شعبنا وأمتنا واستخفاف بالقانون الدولي والمنظومة الدولية، مضيفةً: “إن العدوان الأمريكي والصهيوني يتطلب توحيد الجهود الفلسطينية، ومواجهة التحديات تبدأ بعقد لقاء وطني جامع، لذلك ندعو الأمة بمختلف أطيافها لمواجهة تلك القرارات العدوانية والتصدي لموجة التطبيع التي شجّعت الأمريكيين والصهاينة على هذا العدوان”.
وأشارت الفصائل إلى أن خيارها هو خيار المقاومة، وتصعيد المواجهة في الضفة والقدس لإسقاط كل القرارات الظالمة بحقّ قضيتنا وشعبنا، معلنةً أن هذا القرار يُعد ضربة أخرى للمراهنين على خيار أوسلو، والذي يعني التمادي فيه مزيداً من تضييع الحقوق والأرض.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة أدانت الإعلان الأمريكي مؤكدةً أنه حلقة في سياق ما تسمى “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية، وأشارت إلى أن سياسة التطبيع والمفاوضات شجّعت إدارة ترامب على التمادي في قراراته ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدةً أن المواجهة الفعلية لهذه المخاطر وغيرها تتطلب العودة إلى مفهوم وآليات المقاومة وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية والسير في الطريق المعبّر عن هوية الشعب وإرادته.
في بيان مماثل، استنكرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني الموقف الأمريكي، معتبرةً أنه عدوان أمريكي على الأراضي والحقوق الفلسطينية وتحدٍّ صارخ لقرارات الشرعية الدولية.
حركة فتح أشارت إلى أن إعلان الولايات المتحدة مُدان ومرفوض ومخالف للقانون والشرعية الدولية، مشدّدةً على أن صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بالمقاومة وحقوقه الوطنية سيفشل كل المؤامرات الهادفة إلى تصفية قضيته.
مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور أوضح أنه بدأ مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن لحشد المواقف الدولية للتصدي للإعلان الأمريكي غير القانوني بشأن المستوطنات، معوّلاً على الجلسة التي يعقدها المجلس حول القضية الفلسطينية.
دولياً، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن الإعلان الأمريكي يزيد توتر الأوضاع في المنطقة المتوترة أصلاً، كما أنه يهدف لهدم الأسس القانونية للتسوية في الشرق الأوسط، مؤكدةً موقف روسيا المبدئي الثابت بعدم شرعية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي بروكسل، أعلنت مفوضة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن موقف الاتحاد الأوروبي من الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة لم يتغير، مؤكدةً أن جميع العمليات في هذا المجال غير شرعية، وقالت: “إن الاتحاد الأوروبي يدعو “إسرائيل” لإنهاء كل الأنشطة الاستيطانية”، مشيرةً إلى أن الإعلان الأمريكي يقوّض آفاق تسوية القضية الفلسطينية.
كما جددت الأمم المتحدة التأكيد على أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعية، وتنتهك القانون الدولي، وقال المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة روبرت كولفيل، رداً على الموقف الأمريكي: “إن تغيّر السياسة في دولة لا يعني تعديلاً لقانون دولي موجود أو لتفسيره من قبل محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن”، وأضاف: “إن مكتب حقوق الإنسان سيواصل تبني الموقف الذي تعتمده الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو أن المستوطنات الإسرائيلية انتهاك للقانون الدولي”.
ميدانياً، اقتحمت قوات الاحتلال بلدات العيسوية شرق القدس المحتلة وسبسطية في نابلس وسواد شرق رام الله ومخيم العروب شمال الخليل بالضفة الغربية، واعتقلت 25 فلسطينياً، كما اقتحمت بلدة جبل المكبر شرق مدينة القدس المحتلة بعدد من الجرافات، وهدمت منزلاً.
إلى ذلك، اقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، ونفّذوا جولات استفزازية في باحاته بحراسة مشدّدة من قوات الاحتلال.