مع تعدد الأسباب زيتون طرطوس.. قلة في الإنتاج.. وتكرار سيناريو التحديات الزراعية
قلة إنتاج الزيتون هذا العام في محافظة طرطوس البالغ /103429/ طناً من ثمار الزيتون شكّلت تحدياً للمزارعين وأصحاب المعاصر على حد سواء، فالكثير من المزارعين لم يؤمنوا مؤونة الشتاء “الطويل” من الزيتون وحتى الزيت، كذلك أصحاب المعاصر الذين ينتظرون الموسم من عام إلى آخر لم تعمل معاصرهم كما في المواسم السابقة!.
ومع قلة الإنتاج رافقت المزارع صعوبات ضاغطة، بدءاً بارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وأجور اليد العاملة التي وصلت إلى 4 آلاف ليرة، “ست ساعات فقط”، وعدم وجود طرق زراعية كافية لإيصال الآلات الزراعية إلى الحقول، ونقص الوقود لتلك الآلات، وارتفاع أجور نقل المحصول البالغ عدد أشجاره 11 مليون شجرة تنتشر زراعتها على مساحة /75421/ هـ.
المهندس الزراعي شكيب أسعد، رئيس الوحدة الإرشادية في جنينة رسلان، حدثنا كمزارع ورئيس وحدة عن موسم الزيتون الحالي، لاسيما أن خبرته تفوق الـ 36 سنة، ولديه سبعة دونمات، ما يعادل 150 شجرة زيتون، لافتاً إلى ضعف الموسم الذي لا يتجاوز 5% من الإنتاج!.
ويوضح أسعد ما حصل هذا العام لشجرة الزيتون بأنه مع بدء مرحلة الإزهار في النصف الأول من شهر أيار، وخلال الفترة الممتدة بين 16و 20 أيار، وبسبب ارتفاع الحرارة الزائد، والرياح الشمالية الجافة، أدى ذلك إلى تلف أزهار الزيتون، ويباس الزهرة، خاصة على السفوح الشرقية والشمالية الشرقية، وإلى انخفاض كبير في الإنتاج، أما في السفوح الغربية فكانت نسبة الإنتاج بحدود 30-40%، علماً أنه يوجد فارق ما بين بعض مناطق المحافظة، ففي القريبة من البحر وحتى ارتفاع 300-350م كان الإنتاج غزيراً وبنوعية جيدة، وذلك بسبب الإزهار المبكر.
أمراض الشجرة
وحول الأمراض التي أصابت الأشجار هذا الموسم، بيّن رئيس الوحدة أن المرض الشائع والأكثر انتشاراً هو مرض تبقع عين الطاووس الذي انتشر في جميع حقول الزيتون، إضافة إلى بعض الحشرات مثل ذبابة ثمار الزيتون التي تنشط عند انخفاض الحرارة تحت 28 درجة، حيث تضع كل 20 يوماً جيلاً، والحشرة الواحدة تضع 200 بيضة، تثقب الثمار، وتضع البيوض داخل الثمار، وهي حشرة اقتصادية، والتغلب عليها يتم من خلال المكافحة الكيميائية، والمصائد الجاذبة على اختلاف أنواعها، كما أصيبت شجرة الزيتون هذا العام بتلك الحشرة التي تشوه الثمار، وهي حشرة غير اقتصادية “لا تؤثر تأثيراً كبيراً على الثمار”، وعتة الزيتون، والبسيلا، وهما حشرتان اقتصاديتان تصيبان الثمار والأزهار، أيضاً حفار ساق الزيتون الذي يسبب يباساً في الأفرع والساق، كما أن حشرة /ثاقبة الأفرع/ تسبب يباس الأفرع الغضة “حديثة النمو”.
صعوبات العمل
وككل موسم، أياً يكن، بزيتون أو غيره، يعاني المزارعون من غلاء أسعار مستلزمات الإنتاج من مبيدات وأسمدة، ما يؤدي إلى عجز المزارع عن تأمينها، وارتفاع أجور اليد العاملة لتصل إلى أربعة آلاف ليرة يومياً تعمل من 5-6 ساعات فقط، إضافة إلى عدم وجود طرق زراعية كافية لإيصال الآلات الزراعية إلى الحقول، وقلة الوقود لتلك الآلات، كل تلك الصعوبات أدت إلى هجرة المزارعين من الأرض، والتفات المزارع للأعمال الحرة التي تؤمن له “على الأقل” دخلاً يومياً.
دعم وتشجيع
وأشار أسعد إلى أن ما تعرّض له الزيتون في محافظتي طرطوس واللاذقية هذا العام يعتبر شبيهاً بالكوارث الطبيعية الناتجة عن البرد، موضحاً أن الحرارة أتلفت الثمار، والبرد أتلف المحصول، فلماذا لا يعوض مزارع الزيتون؟ وفي عام 2010 -2011 أعطت الدولة لكل مزارع 500 ليرة لكل دونم زيتون تشجيعاً للزراعة، وكان كيس السماد وقتها بـ 350 ليرة، أما حالياً فلا تعويض ولا دعم، وشعور المزارع أن الدولة تدعمه يعتبر عاملاً تشجيعياً له، مقترحاً باسم المزارعين تخفيض أسعار مستلزمات الإنتاج، ودعم مزارعي الزيتون مادياً، ثم تطبيق القانون الناظم للعمليات الزراعية.
البحث عن أعداء حيوية
تحدث رئيس الوحدة عن جودة الزيت المنتج في المحافظة، فهو “أذكى وأنقى وأطيب زيت”، فهو نقي تماماً، وخال من الشوائب، ولا يوجد أثر متبق للمبيدات بسبب قلة الإنتاج التي خففت كثيراً من استخدام المبيدات، فالإنتاج لا يشكّل 1- 2 كيلوغرام على شجرة يفترض أن تحمل مئة كيلوغرام، منوّهاً لغياب الدعم والاهتمام الحكومي بشجرة الزيتون، مقترحاً البحث عن أعداء حيوية لآفات وأمراض الزيتون، وذلك يخفف أو يكاد يمنع المكافحة الكيميائية.
استقبال المحصول
بدوره أشار محمد أحمد، صاحب معصرة، إلى ضعف الحركة التي لا تذكر نتيجة عدم توفر المادة الأولية لعمل المعاصر /الزيتون/، بدأ أحمد بتجهيز معصرته قبل شهرين من بدء العمل استعداداً لاستقبال محصول الزيتون من الفلاحين، مشيراً إلى أنه رغم قلة الإنتاج إلا أن الزيت ممتاز، فمن مئة كيلوغرام زيتون، 35% نسبة الزيت، وعزا السبب في ذلك كون الثمار مبعثرة، وكل شجرة تعطي 10 كيلوغرامات كحد أقصى، وبالتالي تعطي الشجرة غذاءها لكمية قليلة من الثمار، كما أن عدم سقوط الأمطار أدى إلى احتفاظ حبة الزيتون بزيتها “زيت دون ماء”، وعندما تكون هناك مواسم وفيرة، كل شجرة تعطي عشر “تنكات”.
وفيما يخص تسعير عصر كيلوغرام ثمار الزيتون، أشار أحمد إلى وجود تسعيرة من مديرية التجارة الداخلية، حيث سعرت 25 ليرة للكغ إن كان النقل على حساب المعصرة، و20 ليرة إن أحضره المزارع، وفي بعض الحالات يدفع الزبون زيتاً، فهنا نأخذ 9% إن قمنا بنقل الزيتون من الأرض إلى المعصرة، ومن المعصرة إلى المنزل /حسب صاحب المعصرة/، مشيراً إلى أن عصر “التنكة” /13/ كغ يصل إلى 260 ليرة، ويكلّف عصر كيلوغرام الزيتون 15-16 ليرة، وربح صاحب المعصرة 4 ليرات.
تقديرات أولية
نستغرب تجاهل مديرية الزراعة لبعض الأسئلة الموجهة لها؟!.. وجل ما أفادت به هو أن التقديرات الأولية لإنتاج الزيتون للموسم الحالي 2019 في محافظة طرطوس هو /103429/ طن ثمار زيتون، يخصص منها 20% زيتون مائدة، ما يعادل /20685/ طناً للتخليل الأخضر والأسود، والباقي للعصر واستخراج الزيت، أي 80%، ما يعادل كمية /82743/ طناً، وتقدر كمية الزيت الناتج من ثمار الزيتون المخصص للعصر 20%، أي ما يعادل /16548/ طن زيت زيتون، وذلك حسب المهندس محمد عبد اللطيف، رئيس دائرة الأشجار المثمرة المتخصصة بزراعة طرطوس.
وأوضح عبد اللطيف أن المساحة الإجمالية المزروعة بالزيتون تبلغ /75421/ هـ من إجمالي المساحة المستثمرة بالمحافظة البالغة /122520/ هـ، ويبلغ عدد أشجار الزيتون الكلي/11049143/ شجرة، منها /10455295/ شجرة في طور الإثمار.
دارين حسن