نيلز.. الطفل الذي علّم أطفال السويد الجغرافيا
خلال سنوات الحرب تعرّض قطاع التعليم لضغوط كثيرة أثرت عليه بشكل مباشر، وما زاد الأمر سوءاً قيام وزارة التربية بتغيير المناهج عدة مرات خلال فترة قصيرة، ما شتت الطلاب، وأصاب الأهالي بالعجز لصعوبة المناهج، وانفصالها عن الواقع، وعدم توفر الكادر التعليمي المؤهل، فكان كل ما فعلته الوزارة خلال تلك السنوات هو توسيع الفجوة بين الطلاب والمدرسة، ما زاد الحاجة اليوم إلى وضع خطط تتماشى مع واقعنا، ومراعاة خصوصية الوضع، والصعوبات التي واجهت جيل الأطفال في محاولة لجعلهم يتغلبون على الواقع الذي عايشوه، خاصة في المناطق التي كانت تحت سيطرة المجموعات الإرهابية، وفي إطار تسليط الضوء على واقع التعليم، قامت منذ عدة أيام إحدى القنوات التلفزيونية الوطنية بالإضاءة على مجموعة نقاط فنّدت خلالها واقع التعليم والمدارس، فكانت النتيجة محبطة بسبب الكشف عن واقع مترد، وصعوبات جمة، وهذا ما أشار إليه الأطفال والأهالي أثناء حديثهم، لذلك نرى اليوم الحاجة ملحة للاستفادة من تجربة الدول المتقدمة في قطاع التعليم، وربما ما يستحضرنا اليوم الطريقة التي تعاملت بها دولة كالسويد التي كان الأطفال فيها يعانون من ضجر وملل من كتاب الجغرافيا، وما أظهرته من ذكاء بطريقة التعاطي مع المشكلة، فمن منا لا يعرف قصة الطفل نيلز الذي قام قزم بمسخه وحوّله من حجمه الطبيعي إلى حجم صغير جداً عقاباً له لإيذائه الحيوانات، وبسبب حجمه الجديد أصبح يركب على ظهر الاوزة، ما مكّنه من السفر إلى كل المناطق في بلده، وتمكّن من التعرف على تضاريس وجغرافيا وطنه، إذاً هذه القصة لم تكتب بالصدفة، فبعد عدة دراسات قامت بها وزارة التربية في السويد اكتشفت أن السبب الأساسي الذي أدى لضجر الأطفال يعود لهيئة ونمطية كتاب الجغرافيا المقرر، حيث كان مضجراً للأطفال، وصعب الفهم، وعليه طلبوا من الكاتبة “سيلمى” أن تكتب كتاب جغرافيا جديداً وممتعاً، وكانت النتيجة العمل لمدة ست سنوات متواصلة، بحيث سافرت فيها الكاتبة عبر السويد، وأبدعت في كتابة قصتها الرائعة التي حملت اسم الشخصية “نيلز هولكر سونس ورحلته” عام 1906، الكتاب الذي أقبل الكبار على قراءته قبل الصغار، ما غيّر مسار تعليم الأطفال لمادة الجغرافيا في ذلك البلد، وجعلهم يقبلون عليها بحماسة، وترجم بعد ذلك إلى 12 لغة، وتحوّل إلى فيلم كرتوني شاهده جميع أطفال العالم، وتقديراً وتكريماً للكاتبة سيلمى ليكروف الحائزة على جائزة نوبل للآداب سنة 1909م، تمت طباعة ورقة نقدية بقيمة 20 كروناً على أحد وجهيها صورة لها، والوجه الآخر حمل صورة نيلز وهو يركب على ظهر صديقته الاوزة.
لينا عدرة