على خلاف “الرأي السائد” حول التغيرات الأخيرة ضمن الاقتصاد السوري!! القدرة على الانطلاق نحو إعادة قوة اقتصادنا الوطني أقوى بكثير مما كانت قبل الأزمة
بداية لا بد من شرح بسيط حول قوة اقتصاد دولة ما..، وهنا يمكننا التأكيد على أن قوة اقتصاد أي مجتمع أو دولة يعتمد ويتناسب طرداً مع ثلاثية رئيسة؛ أولها: قدرته الإنتاجية والتصنيعية، وخلق فرص عمل باستمرار؛ وثانيها: قدرته أيضاً على تأمين حصانة اجتماعية اقتصادية له..؛ أما ثالثها فهي قدرته على ربح أسواق خارجية لمنتجاته..، وهذا بالمحصلة والنتائج ما يجعل القدرة الشرائية للمواطن عالية نسبياً..، وبالتالي ضمان عدم الوقوع بحالة الركود الاقتصادي والإنتاجي..، على أقل تقدير.
هذا في العموم..، أما في الخصوص فيمكننا القول: إن الأزمة التي عصفت ببلادنا منذ 8 سنوات ونيف، كانت قاتلة لاقتصاديات الدول المجاورة لنا، أكثر من تداعياتها علينا..
استراتيجية لا انتقائية..
في هذا السياق يقارب الخبير الاقتصادي سامر الحلاق وضعنا الاقتصادي مقاربة متفائلة..، إذ يرى أنه على الرغم من الدمار الهائل للمنشآت الخاصة والعامة، إلاّ أن القدرة على الانطلاق بقوة نحو إعادة قوة الاقتصاد السوري، هي أقوى بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة (نتيجة لتسلحه بالمناعة والخبرة التي اكتسبها من الأزمة)، ليس هذا فحسب، وإنما يؤكد أن القدرة على تحقيق هذا لا تزال متاحة وبنسبة 100%، إذا تم إطلاق العنان وبسرعة كبيرة لاقتصاد الإنتاج والتصنيع والسياحة وتربية المواشي والزراعة..، محدداً الشرط الذي يُوصلنا لتحقيق هذه النسبة، وهو أن يتم ذلك من خلال خطة دعم استراتيجية – وليست انتقائية – للقطاعات أعلاه؛ لأنها باعتقاده تشكل الأساس السوري من حيث التراكم التاريخي الاقتصادي…
جاهزون بشرط
ولفت الخبير إلى ضرورة وأهمية ألا يتم إهمال القطاعات الاقتصادية الأُخرى، مثل: النقل والترانزيت والموانئ والمطارات والتعليم والأبحاث وغيرها، وعدم نسيان الوزن الكبير للمغتربين السوريين الذين يستطيعون جعل اليورو = 250 ليرة سورية، حيث إنهم ووفقاً لمعطياته ومعلوماته، جاهزون لانتشال الاقتصاد..، إذا ما تم التعاطي معهم بمنهجية استراتيجية؛ لأن الاقتصاديات القوية تعمل بشكل شامل وكلي، وليس بشكل جزئي.
اتهام صريح
إن الأبحاث العلمية الدقيقة والخبرات الاقتصادية – يضيف الحلاق- تعتبر أن قيمة العملة الأوربية اليورو، مقومة بالليرة السورية خلال الأزمة السورية وحتى الآن تعادل ما بين 450 إلى 500 ليرة سورية لكل يورو واحد..، على الرغم من اختلاف هذا الرقم عن أرقام مضاربات البورصة..، مبيناً أن السبب لهذا الفارق الكبير (سعر الصرف الحالي لليورو 800 ليرة)، يعود إلى سوء إدارة الاقتصاد السوري، وإلى بعض سوء النوايا لدى من يتخذ بعض القرارات الخاطئة، إضافة إلى عدم الاستفادة من التجارب الحديثة المتطورة عالمياً..، إضافة إلى ترك الفساد الإداري والتشريعي والمالي يستفحل بشكل منقطع النظير..! تلك هي أسباب الفارق بين يورو = 800 ليرة سورية، وبين يورو لا يتعدى 475 ليرة سورية، حتى في ظل الأزمة الكبيرة التي يتعرض لها وطننا من حروب اقتصادية إلى حصار إلى تحالفات خانقة.. إلخ.
وزن نوعي
كما برأيه أن المعايير الاحترافية الحيادية والشفافة، وعلى الرغم من الحرب على بلادنا، تعطي وزناً نوعياً للاقتصاد السوري، يجعل سعر صرف الدولار الواحد أقل من 400 ليرة سورية..، مشدداً على أن الانطلاق السريع وبدون خسارة الزمن..، تجعل حرق المراحل باتجاه التعافي والقوة، سهلاً وممكناً…
لا خوف..
وفي خلاصة رأيه حول التغيرات الأخيرة ضمن الاقتصاد السوري..، يختم الحلاق بالتأكيد أن لا خوف على الاقتصاد السوري من السقوط؛ لأنه يملك مفردات كثيرة وهامة..، لكن هذا الاقتصاد بحاجة لإدارة رشيدة ناجحة وحس وطني، بعيداً عن الترهل واللامبالاة.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com