المستوطنات الإسرائيلية تتويج مخزٍ لسجل إدارة ترامب
ترجمة: هناء شروف
عن الغارديان 23/11/2019
بعد اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل عام 2017 وبعد اعترافها بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان قبل أشهر، يأتي إعلان وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو الأخير بأن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية أمراً مروعاً وتغييراً رئيسياً في السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ليكون تتويجاً مخزياً لسجل إدارة ترامب.
تتسق هذه الخطوة مع الخط السياسي لترامب الذي اتخذ خطوات سابقة عدة لمساعدة الحكومة اليمينية الإسرائيلية ومعاقبة الفلسطينيين ودفن حل الدولتين، حيث نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس وأوقف تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين.
إعلان الإدارة الأمريكية أسعد الجناح المتطرف داخل إسرائيل، ورأى الفلسطينيون أنه ضارٌ بحقوقهم ومقوّض لآمالهم في تأسيس دولة مستقلة، فقد عزّز هذا الموقف الدعوات داخل إسرائيل لإعلان السيادة الكاملة على هذه المستوطنات، وأدّت حالة النشوة في الجناح اليميني المتشدّد داخل إسرائيل إلى أن تخرج وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة والمؤيدة للسياسات الاستيطانية أيليت شاكيد لتقول: إن “الوقت قد حان لفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على هذه الأراضي”، مضيفة أنه “من حق الشعب اليهودي أن يعيش على أراضيه التاريخية بالكامل”.
قرار الإدارة الأمريكية باعتبار المستوطنات الإسرائيلية قانونية يأتي في المقام الأول لتعزيز موقف بنيامين نتنياهو، ودعم دونالد ترامب بين الإنجيليين. حالياً يتشبّث نتنياهو بالسلطة مقابل منافسه بيني غانتز -الذي رحب أيضاً بالقرار الأمريكي- لتشكيل حكومة منافسة.
هذا الإجراء هو أحدث الجهود التي تبذلها الإدارة لتدمير النظام الدولي القائم على القوانين، لأن الإعلان رمزي أكثر منه عملي، والمستوطنات لا تزال غير قانونية والسيد ترامب لا يغيّر القانون الدولي. كما أن الحكومات لأمريكية السابقة لم تفعل أكثر من التأنيب على الرغم من أن المستوطنات ازدهرت في عهد باراك أوباما بصرف النظر عن القيود الدولية.
إن قابلية التنبؤ بهذا الإعلان تجعله أكثر إهانة، فالإدارة الأمريكية لا تعترف فقط بالحقائق على الأرض، كما ادّعى مايك بومبيو، بل تشجع على مزيد من التوسع والضم، وأن الادعاء بأن الإعلان يزيد من احتمال التوصل إلى اتفاق سلام كلامٌ مزيفٌ. يبدو أن الولايات المتحدة تتخلى عن كل التظاهر بالعمل كوسيط، لكن إذا كانت ترغب حقاً في مواجهة الحقائق، فعليها الاعتراف بأن دولة واحدة لن تكون يهودية وديمقراطية على حدّ سواء.
من جانبهم سارع المرشحون الديمقراطيون للرئاسة الأمريكية إلى مهاجمة هذا الإعلان، حيث تعهدت إليزابيث وارن بإلغائه. كما سارع الاتحاد الأوروبي إلى إعادة التأكيد على أن كل النشاط الاستيطاني غير قانوني، وأن المستوطنات تنتهك القانون الدولي، حيث إن أغلبها تم إنشاؤه على أراض صودرت من العائلات الفلسطينية بعد إبعادها وطردها من هذه المناطق، وأن الاستيطان يقوّض قابلية حلّ الدولتين وإمكانية السلام الدائم، وأنه يجب أن ينتهي فوراً.
في واقع الحال، يعيش مئات الآلاف من المستوطنين اليهود في بؤر استيطانية وسط أكثر من 2.5 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية، لكن المستوطنين يعيشون ويتنقلون بحرية، بينما يعيش الفلسطينيون تحت الحكم العسكري الإسرائيلي ولا يمكنهم حتى التصويت في الانتخابات الإسرائيلية. ورغم أن موقف الأمم المتحدة كان ثابتاً لعشرات السنوات وهذا واضح في آخر قراراتها بهذا الصدد وهو القرار 2334 لعام 2016 الصادر عن مجلس الأمن الدولي والذي أدان المستوطنات الإسرائيلية واعتبرها دون سند قانوني، وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وعقبة رئيسية في طريق حل الدولتين، إلا أن المستوطنات مستمرة والأمم المتحدة لم تحرك ساكناً.