الهدوء الذي يسبق العاصفة الاقتصادية
عن موقع “فوربس” 20/11/2019
ترجمة: علاء العطار
الاقتصاد العالمي يتباطأ، فألمانيا، على سبيل المثال، قد تكون بالفعل تمرّ بحالة ركود، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% في الربع الثاني من هذه السنة، ولا سبب يدعو لتوقع حال أفضل من الربع الثالث وهو ما سنعلمه قريباً، فألمانيا تعتمد بشكل كبير على الصادرات التي أصبحت واهنة لأسباب عدة، خاصة في مجال صناعة السيارات.
في هذه الأثناء، قد يقلّل البريكست من مشتريات المملكة المتحدة للبضائع الألمانية بدرجة كبيرة، وعلاوة على ذلك، تمنع الشكوك الناجمة عن الحرب التجارية التي شنّها ترامب الشركات الأوروبية من الاستثمار في المشاريع التنموية المستقبلية. وإن تحول “الركود التقني” في ألمانيا إلى ركود حقيقي، فسيتبعها جميع الدول الأوروبية بالتأكيد، وبالتالي لن يسلم الاقتصاد الأمريكي من الأضرار.
لن يسلم باقي العالم
ليست مصادفة أن تعاني الأسواق الناشئة من المصاعب، وينطبق الأمر نفسه على بعض مصدّري السلع كأستراليا وكندا، إذ تنبع مشكلتهم من انخفاض أسعار السلع الأساسية.
يمكن لوم تباطؤ الاقتصاد الصيني بفعل الحرب التجارية على الكثير من ضغوط أسعار السلع الأساسية، ذلك أن الصين تشكّل ما يقارب 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي على أساس تعادل القوى الشرائية، وتحتل قدراً كبيراً من النمو التزايدي في الاقتصاد العالمي، فإذا تباطأ النمو الصيني، يمكن الإحساس بموجاته تمسّ العديد من المناطق.
تتناسب أسعار السلع الأساسية مع معدل النمو الصيني تناسباً طردياً، وهو ارتباط يصعب تحطيمه، لكن لماذا؟ من العسير تحديد اتجاه القوة التي تدفع نحو التقدم، كما أن التوقيت يعدّ عقبة أخرى يصعب التغلب عليها، لذا يصعب على أي دولة أن تحلّ محل الصين.
ومن المرجح أن يتراجع دور الدولار كقوة مؤثرة في أسعار السلع في المستقبل القريب، فالنمو العالمي يعتمد بشكل كبير على الدولار وسياسة الصين التجارية، لكن ربما يوجد تحول هامشي أعلى في النمو، واستبدال النمو الصيني السريع ليس أمراً يسهل تحقيقه، ورغم أن الهند تكتسب حصة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لكن يصعب رؤيتها تحلّ محل الصين في دورة السلع.
علامات الركود المستقبلي
في حين يتمّ تسليم المزيد من السلع بشكل إلكتروني وأن سلاسل التوريد تضاءلت، لا تزال حركة السلع هي الجهاز الدوري للاقتصاد.
يعدّ مؤشر كاس للشحن أكثر المؤشرات شمولاً، وقد دلّ على كل نقطة تحول اقتصادي تقريباً، لذا فإن التغيّر الذي طرأ في العام الماضي كان تغيّراً سلبياً في كل شهر منذ كانون الأول 2018، وهو أمر يبعث على القلق.
وبالتعمق بالأمر أكثر، يجد مؤشر كاس أن حجم الشحن باستخدام الشاحنات هو مؤشر موثوق إلى حدّ ما بالنسبة لمبيعات التجزئة ولا زال سليماً نسبياً. وهذا يلائم ما نراه في مكان آخر بشأن الإنفاق الاستهلاكي الذي يدعم النمو، لكنه يشير أيضاً إلى أن حجم الشحن الموسمي بواسطة الشاحنات يجب أن يكون أقوى مما هو عليه حالياً، وهذا يوصي بتوخي الحذر مع انتهاء هذا العام.
وتشير وسائل الشحن الأخرى إلى مشكلات حقيقية في الاقتصاد الصناعي، إذ يبدو أن الشركات المصنّعة لا تعوّل كثيراً على أن يشتري المستهلكون بالمعدلات الحالية، ومن المحتمل أنهم محقون بتوخي الحذر نظراً لمقدار الإنفاق الاستهلاكي المموّل من الديون، لكن معدل النمو البالغ 22% مقارنة بالعام الماضي يفوق معدل النمو الإجمالي في الأسابيع الثلاثة الأولى من الموسم، وهو ما ينبغي اعتباره علامة على زخم إيجابي.
بدأ الركود العظيم قبل شهر من هذه “العلامة على زخم إيجابي”، فموسم التسوق القوي لن يعني أننا خرجنا من الأزمات، بل ربما يعني أننا دخلناها تواً.