ترويض الخوف في معرض ليلى نصير
تعرض حاليا في صالة كامل للفنون الجميلة أعمال الفنانة السورية ليلى نصير في زمن بدأ تراجع اللوحة الجادة بتعبيريتها مترافقا مع غياب المقتني والذواقة لهذا الفن في الوقت ذاته الذي نشهد من المعارض ما هو مزدحما باللاشيء تقريبا، والتي لا يزال أصحابها يبحثون عن شخصية فنية أو ذات ضجيج في عالم تزدحم فيه الأفكار الفنية والتقنية في فضائها الأزرق المجاني والمتاح للجميع، حيث الخليط والعبث بمسميات جاذبة للبعض وخاصة أولئك الذين يبحثون عن معاصرة وحداثة وما شابه ذلك، والمهم هنا أن نشاهد اليوم أعمالا لفنانة سورية درست الفنون في مصر في بداية النصف الثاني من القرن الماضي هي وكوكبة من الفنانين السوريين الذين أسسوا لتجربة عريضة راسخة وحداثوية في الحياة التشكيلية السورية، ليلى نصير التي تعد حاليا من أهم الأسماء الفنية في سورية تعرض بعض أعمالها وهي مقتنيات خاصة لغاليري كامل، وبالطبع هذه المقتنيات لا تغطي المساحة الكبيرة لمسيرة الفنانة الطويلة، إلا أن هذه المجموعة تتصف بالتنوع والقوة والخصوصية وقد يعود بعضها لبداية الستينيات من القرن الماضي، إضافة لمجموعة كبيرة من الكروكيات المرسومة بالقلم الأسود أو الرصاص والمنفذة بالخط المباشر والصريح، تأكيدا لموهبة الفنانة النادرة في فن الرسم الواقعي والتلخيص للمشهد واختزاله ببضعة خطوط على الورق، ومن المهم الاعتراف بتأثير الثقافة الأكاديمية المصرية في التصوير الذي لا يغيب عن أعمال البورتريه ورسم المرأة تحديدا، وتتضح تلك المعالم بالخط القوي والألوان الحيادية والبني وصولا لكثافة التعبير الذي تنشده الفنانة وخاصة تلك الوجوه بعيونها الواسعة ووجناتها الناتئة وتلك التفاصيل الواضحة لقساوة العالم وممارسات الظلم عليها.. ربما هناك ما يكفي من الخوف قد تعرضت له هذه الروح الإنسانية الحساسة فلم تجد بدا من ترويض هذا الفزع المقيم وبناء خط الدفاع النبيل بالفن الذي يروض العزلة والخوف معا، ويجعل من الحياة شيئا لا بد منه. ليلى نصير حالة تمتلك استثناء خاصا بموهبتها وحزنها المدهش الذي يليق بروحها المبدعة.
أكسم طلاع