د.محمود السيد يحاضر حول واقع اللغة العربية في التعليم العام والجامعي
“المعلم هو الأساس حتى إذا كانت هناك ثغرات في المناهج يستطيع أن يتلافاها” هذه المفردات التي توصل إليها د. محمود السيد في بحثه الذي قدمه في جلسات المؤتمر الحادي عشر لمجمع اللغة العربية، الذي ناقش واقع اللغة العربية في التعليم العام والجامعي. وأجمع المشاركون من خلال التقاطعات المشتركة بأبحاثهم على أن الضعف في اللغة العربية يعود إلى مستوى التعليم لمرحلة ما قبل التعليم الجامعي، وإلى ضرورة تغيير طرائق التدريس والبحث عن منافذ الاستنتاج والاستقراء لدى الطالب بدلاً من الحفظ، والتركيز على التعليم السليم. وتبقى اللغة العربية مسؤولية جماعية وليست مسؤولية مدرس القواعد فقط.
واقترح د. عبد الستار الحلوجي من مصر ببحثه “الأداء اللغوي لطلاب الجامعات أسباب تدنيه وأساليب علاجه، أن تكون علامة نجاح الطالب في مقررات اللغة العربية 60% بدلاً من 50%، ودعا د. محمد موعد في بحثه مستوى أداء الطلاب في التعليم الجامعي تعليم النحو أنموذجاً إلى العودة إلى السماع الفصيح في سنوات الطفولة الأولى، وإلى الموروث اللغوي مبيّناً أن النحو يشبه الرياضيات لا يقوم على التلقين والحفظ.
في حين بيّنت د. ميساء أحمد عبد القادر في بحثها تحسين الأداء اللغوي لطلاب أقسام اللغة العربية من واقع الحال إلى المستقبل- نموذج تطبيقي من جامعة طرطوس- بوضع خطة جديدة تتلاءم مع مرحلة إعمار سورية تقوم على أسس صحيحة بتطوير الخطة الدرسية للغة العربية والحدّ من دخول الأعداد الكبيرة القسم، واعتماد العلامة التخصصية بالمادة لدراسة اللغة العربية.
وفي البحث الذي قدمه د. محمود السيد بعنوان “مستوى الأداء اللغوي في التعليم العام والجامعي لدى الطلاب والمدرسين” عاد فيه إلى الشكوى من تدني مستوى الأداء لدى المتعلمين في التعليم ما قبل الجامعي إلى ثلاثينيات القرن الماضي كما ورد في كتاب د.طه حسين في كتابه”في الأدب الجاهلي،” وإلى اعتراض أمين الخولي من مصر على تدني مستوى الأداء، وإلى صيحة د. هادي نهر من تونس وغيرهم، وبيّن د. السيد أن الشكوى ليست من تدني مستوى الأداء في اللغة العربية في التعليمين الجامعي وماقبله، وإنما تطال ضروب التعبير الوظيفي كلها.
هجين لغوي
والأمر الهام أن الشكوى ليست من أداء الطلاب فقط، وإنما من تدني مستوى أداء المعلمين في التعليم ما قبل الجامعي ومستوى أعضاء الهيئة التدريسية في التعليم الجامعي كما ذكر د. السيد، وتوقف عند غياب التدريس باللغة العربية اللغة الأم في أغلب الجامعات العربية حتى مناقشات الماجستير والدكتوراه تناقش بهجين لغوي، ثم انتقل إلى البحث عن أسباب تدني مستوى الأداء والتي تعود إلى القصور في إعداد المعلمين في مراحل التعليم، وإلى القصور في بناء المناهج الوظيفية، ويرى بأن ثمة قصوراً في تعليم مناهج لا تلبي حاجات المتعلمين فيكرهون المادة، وإلى الاهتمام بالقضايا التاريخية والنظرية على حساب الأمور التطبيقية والعملية، ففي تدريس المادة النحوية يتم التركيز على التقديرات والتأويلات على حساب الأمور الجوهرية في ممارسة اللغة، وعدم التركيز على الأساسيات والمفاتيح التي تساعد المتعلم على القراءة الصحيحة والاستعمال السليم في التعبير الشفاهي والكتابي.
وتعمق أكثر وصولاً إلى تخلّف طرائق التدريس إذ مازال التلقين سائداً، وما تزال عملية التعليم الذاتي واكتساب المهارات قاصرة عن التحقيق، فالطرائق التقليدية تجعل الطالب يعتمد على الآخرين وتقتل في ذاته روح الابتكار والإبداع، إضافة إلى القصور في عملية استخدام وسائل التقانة المعاصرة في العملية التعليمية عامة. وعالج د. السيد القصور في أساليب تقويم الأداء، فالمهارات اللغوية لا تكتسب إلا بالأداء المتقن القائم على الفهم والسرعة وتصويب الأخطاء وتعزيز الاستجابات السريعة.
الأمر الهام أيضاً الذي أثاره الباحث هو لجوء المعلمين إلى تكليف المتعلمين بالقراءة الصامتة التي لا تكشف عن الأخطاء، والتركيز على قياس الأداء على المستوى الأول من مستويات المعرفة بالحفظ والتذكر والاسترجاع، أما المستويات العليا من الفهم والربط والاستنتاج والموازنة والتحليل والتركيب والتطبيق والتفاعل والحكم فنادراً ما تحسب ضمن أساليب التقويم.
المنعطف في البحث كان في الامتحانات المتبعة والتركيز على قياس المتعلم بالامتحانات الكتابية فقط التي تغفل بعض المهارات اللغوية التي لا تكشف عنها وإهمال الامتحانات الشفهية والمحادثة، فدعا د. السيد إلى إعادة الامتحانات الشفهية لأهميتها في قياس أداء الطالب اللغوي، كما نوّه إلى القصور بالتركيز على امتحانات الأتمتة في قياس الأداء اللغوي واستبعاد الأسئلة المقالية.
وفي ختام البحث عاد د. السيد إلى أهمية ودور المعلم، ولابد من إعداد المعلمين جميعاً والمدرسين كافة لتعليم اللغة الأم، وأن تعليم اللغة مسؤولية جماعية للارتقاء بلغة الطالب بالابتعاد عن الطرائق الإلقائية والتلقينية والبحث عن مصادر التعلم المتعددة في عصر العلوم والتقانة، والأهم هو ربط المدرس بين اللغة والواقع في التعليم والاعتماد على وسائل تعليمية عدة من المراجع والمصادر والتسجيلات الصوتية والصور المتحركة واللوحات المصوّرة وغيرها.
ملده شويكاني