أكد في مقابلة مع “باري ماتش” الفرنسية أن الحرب على الإرهاب لم تنته رغم التقدّم الكبير فيها الرئيس الأسد: الوجود الفرنسي في سورية احتلال.. وعلى الحكومة الفرنسية العودة إلى القانون الدولي كل إرهابي في مناطق سيطرة الدولة سيخضع للقانون السوري وأردوغــان يبتـــز أوروبـــا في موضــوع إعـــادة الإرهابييـــن
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الحرب الوطنية ضد الإرهاب في سورية لم تنته بعد، رغم التقدّم الكبير فيها، فالإرهاب ما زال موجوداً في مناطق الشمال، والأخطر من ذلك أن الدعم لهذا الإرهاب ما زال مستمراً، وخاصة من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، ولفت، في مقابلة مع مجلة “باري ماتش” الفرنسية، إلى أنه على الحكومة الفرنسية العودة إلى القانون الدولي فقط، والتوقّف عن دعم كل ما من شأنه أن يزيد الدماء والقتل والعذاب في سورية، وأضاف: الإرهابي إرهابي بالنسبة لنا، سواء كان فرنسياً أو سورياً، وكل إرهابي في مناطق سيطرة الدولة السورية سيخضع للقانون السوري.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
صباح الخير، التقيت بكم منذ خمسة أعوام وتحديداً في تشرين الثاني 2014. لم تكن حكومتكم تسيطر إلا على ثلث البلاد. اليوم عادت جيوشكم إلى المناطق الحدودية مع تركيا.. هل تشعرون أنكم انتصرتم في الحرب؟
الرئيس الأسد: لأكون فقط دقيقاً بهذه الكلمة، هي ليست حربي لكي أربحها أو أخسرها، لأن الرواية الغربية حاولت تصويرها بأنها حرب الرئيس الذي يريد أن يبقى في منصبه، هذه هي الرواية، ولكنها حرب وطنية.. حرب السوريين ضد الإرهاب. وما ذكرته صحيح بأننا تقدّمنا منذ ذلك الوقت خطوات كبيرة بهذه الحرب، ولكن هذا لا يعني أننا انتصرنا.. ننتصر عندما ينتهي الإرهاب.. وهو ما زال موجوداً في مناطق في الشمال، والأخطر من ذلك أن الدعم لهذا الإرهاب ما زال مستمراً.. من تركيا، ومن الدول الغربية، سواء من الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا بشكل أساسي.. لذلك من المبكر أن نتحدّث عن انتصار.
هل تظن حقاً بأن فرنسا مستمرة في دعم الإرهاب؟
الرئيس الأسد: طبعاً، هم أرسلوا سلاحاً في مراحل سابقة، لا أعرف إذا كان هناك تغيّر حقيقي في هذا الموضوع في الأشهر الأخيرة أو ربما السنة الأخيرة. لا توجد لدينا معطيات الآن.. ولكن دعنا نرَ الأمور في السياق العام، عندما تأتي القوات الفرنسية إلى سورية دون دعوة من الحكومة الشرعية فهذا احتلال، الفرق ليس كبيراً بين دعم الإرهاب والمجيء بالقوات العسكرية لاحتلال بلد، السياق واحد ولكن العناوين تختلف..
مداخلة: لكن الفرنسيين أتوا لدعم الأكراد الذين كانوا يقاتلون “داعش”، تلك كانت مهمتهم..
الرئيس الأسد: ولكن هل يمكن لنا أن نرسل قوات سورية لتحارب الإرهاب في فرنسا دون دعوة من الحكومة الفرنسية؟! إن ما يحكم تصرّفات الدول في العالم هو فقط القانون الدولي وليس النوايا، فلا يكفي أن تكون لديك رغبة في مكافحة الإرهاب، هناك قواعد دولية لمكافحة الإرهاب.. طبعاً أنا بهذه الحالة افترض حسن النوايا، ولكن لا نصدّق بأن هناك حسن نوايا. الحكومة السورية كانت تحارب “داعش”، فلماذا لم يتم دعمها؟!، ولماذا تحارب الحكومة الفرنسية “داعش” وتدعم “النصرة”، وكلاهما “إرهابي”؟!
ربما تشيرون في حديثكم إلى الفترة التي كان فيها هولاند رئيساً للجمهورية، ووزير الخارجية الفرنسي فابيوس نفسه قال في وقت من الأوقات: إنكم لا تستحقون أن تبقوا على قيد الحياة، ما الوضع الآن مع إيمانويل ماكرون، وهل لمستم تغيّراً في المواقف الفرنسية؟
الرئيس الأسد: بالشكل، نعم. ولكن عندما يبقى هناك احتلال، فهذا شكل من أشكال الإرهاب، علينا أن نعرف هذه الحقيقة، إذاً علينا أن نتحدّث عن التغيّر بالمضمون وليس بالشكل، لا تهمنا التصريحات، إنما الفعل على الأرض.
كيف تريدون أن تتغيّر الأشياء على الأرض؟
الرئيس الأسد: بكل بساطة العودة إلى القانون الدولي فقط. لا نطلب شيئاً من الحكومة الفرنسية، لا نطلب منهم حتى دعماً، لا سياسياً، ولا اقتصادياً، ولا أمنياً. لسنا بحاجة لهم ونستطيع أن ندير أمورنا في سورية، لكننا نريدهم أن يعودوا للنظام الدولي.. هو غير موجود الآن.. هي فوضى دولية. لا نريد منهم دعماً للرئيس، لا يعنيني هذا الموضوع، ولا يهمنا أن يقولوا إنه جيد أو سيئ، هذا موضوع سوري أيضاً ولكن ما نطلبه هو أن يتوقّفوا عن دعم كل ما من شأنه أن يزيد الدماء والقتل والعذاب في سورية.
هناك مشكلة حقيقية تواجهها فرنسا، تتعلّق بالجهاديين الموجودين في سورية، هل لديكم جهاديون في سجونكم؟
الرئيس الأسد: بغض النظر عن الجنسيات، لا بد من العودة للجهات المختصة فهي التي لديها الإحصائيات، ولكن بكل الأحوال إذا كانوا موجودين فهم يخضعون للقوانين السورية.
مداخلة: لكنكم تعرفون بالضرورة إن كان هناك فرنسيون في سجونكم؟
الرئيس الأسد: لا توجد لدي إحصائيات، الإرهابي إرهابي بالنسبة لنا سواء كان فرنسياً أو سورياً.
إذا وقعتم اتفاقاً مع “قوات حماية الشعب”، ودخل الجيش واستعدتم كل هذه الأراضي، فستجدون أن هناك سجوناً وأن في هذه السجون أربعمئة جهادي فرنسي، ما الذي ستفعلونه بهم؟
الرئيس الأسد: كل إرهابي في مناطق سيطرة الدولة السورية سيخضع للقانون السوري، والقانون السوري واضح تجاه موضوع الإرهاب، ولدينا محاكم مختصة بالإرهاب في سورية، فإذاً سيخضعون لمحاكمة.
مداخلة: إذاً أنتم لا تنوون أن تعيدوهم إلى أوروبا كما فعل رجب طيب أردوغان مثلاً؟
الرئيس الأسد: أردوغان يحاول ابتزاز أوروبا. الذي يحترم نفسه لا يتحدّث بهذه الطريقة. هناك مؤسسات وهناك قانون. موضوع إرسال الإرهابيين أو أي شخص محكوم إلى دولة أخرى يخضع للاتفاقيات الثنائية بين الدول، أما أن تُخرج شخصاً من السجن وأنت تعرف أنه إرهابي وتُرسله لدولة أخرى كي يقتل مدنيين فهذا عمل غير أخلاقي.
نعود إلى مسألة النزاع القائم، ثماني سنوات من الحرب، البلاد دُمّرت، هناك مدن كاملة دُمّرت.. هناك نصف السكان من المهجرين أو من المهاجرين ومئات الآلاف من القتلى. هل تعترفون بأنه لم يكن بإمكانكم أن تربحوا هذا النزاع أو هذه الحرب دون دعمٍ من الروس أو من الإيرانيين؟
الرئيس الأسد: الحرب قاسية وليست سهلة، ونحن لسنا دولة عظمى. كنا نواجه أقوى وأغنى دول العالم، ومنطقياً، لا شك بأن دعم الأصدقاء خفف الخسائر وساعدنا باستعادة الأراضي، ولكن إذا أردنا أن نسأل هل يا ترى – لولا هذا الدعم – كان يمكن لسورية أن تذهب باتجاه التقسيم، أو الهزيمة الكاملة؟ فهذا سؤال افتراضي الآن، لأنه من الصعب أن تتوقّع أحياناً نتيجة مباراة كرة تنس وفيها لاعبان فقط، فكيف إذا كنت تتحدّث عن عشرات اللاعبين ومئات الآلاف من المقاتلين!
هل فكرتم خلال هذه الحرب ولو للحظة أن ترحلوا، أن تذهبوا إلى المنفى مثلاً؟
الرئيس الأسد: الحقيقة لم أفكر بذلك لسبب بسيط وهو أن هذا الخيار لم يكن موجوداً أو مطروحاً، تمّ طرحه فقط من قبل المسؤولين الغربيين، وهذا الطرح بالنسبة لي غير موجود، لا يعنيني في الحقيقة. لا يمكن أن أفكر بهذا الخيار إلا إذا كان صادراً عن الشعب السوري، وعندما أقول الشعب السوري فأنا أقصد الأغلبية، لا أقصد أقلية إرهابية، ولا أقلية مُصنّعة سياسياً في أجهزة المخابرات الأجنبية، ولا أقلية من الذين تظاهروا لأن قطر دفعت لهم أموالاً. هذا الشيء لم يكن مطروحاً من الأغلبية، لذلك أنا بقيت.
لكن عسكرياً، “جبهة النصرة” وصلت إلى بعد كيلومترات من مكان سكنكم في عام 2013، وصلت إلى حي العباسيين، ساحة العباسيين..
الرئيس الأسد: هذا صحيح، دمشق بقيت مطوّقة تقريباً لسنوات، أحياناً بشكل كامل وأحياناً بشكل جزئي، وكانت القذائف تسقط علينا يومياً، وهذا بحد ذاته كان دافعاً أكبر لي كي أبقى وأدافع عن بلدي، لا أن أهرب. أنا أقوم بواجبي الدستوري بالدفاع عن الشعب ضد الإرهاب.
الآن لنتحدث قليلاً عن إعادة الإعمار، يقال: إن عملية إعادة الإعمار ستكلف حوالي 300 أو 400 مليار دولار، هل لديكم خطة لإخراج الشعب من المأزق الذي هو فيه على الرغم من حالة الحصار والعقوبات المفروضة عليكم، والتي تضر في واقع الأمر بالشعب وتزيد من آلامه؟
الرئيس الأسد: هذا صحيح تماماً، لكن مع ذلك، على سبيل المثال، الصناعة في مجالات عدة أصبحت أكبر وليس العكس، فهي لم تتراجع في بعض القطاعات، قطاع الأدوية مثلاً توسّع. أما بالنسبة لإعادة إعمار ما هُدّم، فتستطيع أن تذهب إلى حلب، التي كانت مدمّرة بشكل كبير من قِبل الإرهابيين، وترى الفرق الكبير كل عام، وأن الدولة تقوم بعملية إعادة إعمار وأيضاً المواطنون.
لكن الليرة السورية في أسوأ حالاتها، سعرها منخفض جداً، ولا بد لكم من وجود استثمارات أجنبية. هل الصين مثلاً، وغيرها من الدول، تريد أن تستثمر؟
الرئيس الأسد: مؤخراً، خلال الأشهر الستة الأخيرة، بدأت تأتينا بعض الشركات من الخارج للاستثمار في سورية، طبعاً الجانب الاستثماري الخارجي سيبقى بطيئاً في هذه الظروف، لكن هناك أساليب للالتفاف على العقوبات، وبدأنا بالتنسيق مع هذه الشركات، بإيجاد طرق.. وسيأتون قريباً للاستثمار، لكن هذا لا يعني أنّ عملية الاستثمار وإعادة الإعمار ستكون سريعة، أنا واقعي.
مداخلة: كم هي تقديراتكم.. كم سنة؟
الرئيس الأسد: هذا يعتمد على كم سنة سيستمر الحصار وما هي أساليبه.. ويعتمد على عودة السوريين من الخارج. الآن هم يعودون ولكن أيضاً بشكل تدريجي، فإذاً من الصعب إعطاء جواب على هذا الموضوع، ولكن هي عملية مستمرة لسنوات طبعاً.
كم سورياً عاد إلى سورية؟
الرئيس الأسد: أكثر من مليون سوري خلال أقل من عام، وهناك تسارع الآن، وخاصة بعد تحرير دمشق والمنطقة الجنوبية ومحيطها. طبعاً جزء من العودة يرتبط أيضاً بعودة البنى التحتية والخدمات الأخرى كالكهرباء، والمدارس، والمشافي. ومع كل أسف فإن هذه القطاعات الثلاثة هي الأكثر تأثّراً بالحصار. في الوقت ذاته هناك ضغط غربي أيضاً على اللاجئين لعدم العودة إلى سورية لأنها بالنسبة لهم قضية إنسانية تستخدم كورقة لأهداف سياسية.
عدد كبير من هؤلاء المهاجرين ذهبوا لأنهم كانوا معارضين لكم، ولأنهم عانوا الأهوال من الجيش.. كيف توجّهون لهم الدعوة للعودة؟ كيف تشجعونهم على العودة؟ هل سيكون هناك مثلاً عفو عام لهم؟
الرئيس الأسد: أولاً القسم الأكبر منهم من المؤيدين للدولة وليس العكس، والدليل هو الانتخابات الرئاسية التي ساهموا فيها عام 2014 وصوّتوا فيها لصالح الرئيس. الجزء الأكبر هاجر بسبب الحرب نفسها وبسبب نتائجها الاقتصادية. فإذاً من ناحية العودة لا توجد مشكلة، هؤلاء الأشخاص يعودون من دون عفو، بشكل طبيعي، وجزء من الذين يعودون أيضاً هم من المعارضين، الذين لا توجد أي قضية قضائية ضدهم، لأنهم لم يخالفوا القانون، أما عن كونهم معارضين لي، فهناك معارضون الآن في قلب سورية ولا توجد مشكلة، ونحن نتحاور معهم بشكل مستمر. أمّا بالنسبة للعفو، فقد أصدرنا عفواً أكثر من مرة، وآخرها كان منذ أشهر، لأن البعض يخاف أن يأتي من دون عفو، ويعتقد بأنه سيُلقى القبض عليه، مع العلم أن من حمل السلاح فقط هو الذي يُلقى القبض عليه، وحتى هؤلاء نحن نعفو عنهم.
في العام الماضي عندما سقطت الغوطة، ذهبتُ إلى هناك والتقيت ببعض المتمردين الشباب الذين كانوا يحملون السلاح. الضباط السوريون كانوا يطالبونهم بإلقاء السلاح وأنهم لن يؤذوهم، فكان ردهم: تريدوننا أن نلقي بأسلحتنا لأنكم تريدون منا أن نلتحق بالجيش، ونحن لا نريد ذلك.. وذهبوا إلى إدلب، فما هو موقفكم؟
الرئيس الأسد: إذا أردنا أن نتحدّث عن الحقائق فجزء ممن ذهبوا إلى إدلب تركوا عائلاتهم لدينا، ونحن كدولة نرعاهم، وهذا يعني أنهم لا يخافون وإلا كيف يتركون عائلاتهم؟ هذا من جانب. من جانب آخر فإن هناك من المسلحين من ذهب إلى إدلب ولكن لاحقاً عاد إلينا، طلبوا ذلك وسمحنا لهم بالعودة، وحصلوا على العفو، لأن الجزء الأكبر من هؤلاء قيل له: إن الدولة أو الجيش سيقتلك، طبعاً هذا عندما كانوا منعزلين عن الدولة لمدة سبع سنوات، ولكن عندما دخل الجيش الى الغوطة عادت الحياة طبيعية، والناس تعيش حياة عادية. علينا أن نعرف أن جزءاً منهم كان يقاتل ليس لأنه متطرّف، ولكن لم يكن لديه خيار آخر إلا أن يقاتل مع الارهابيين أو يتمّ قتله. هم يعودون إلينا بشكل تدريجي بعد أن اطمأنوا.
اليوم إيران تعاني من مظاهرات كثيرة ولبنان والعراق أيضاً، وكل هؤلاء المتظاهرين يطالبون بالكرامة وألا تجتمع الثروات في أيدي قلة في بلادهم، ألم يكن هذا هو حال المتظاهرين الذين خرجوا في بداية الأزمة السورية؟
الرئيس الأسد: إذا أردنا أن نتحدّث عن العناوين التي تطرح كالكرامة والحرية وغيرها، فهي يمكن أن تكون أقنعة جميلة ولكن ما خلفها قبيح، وسأعطيك أمثلة، بوش قتل مليونا ونصف مليون عراقي تحت عنوان الديمقراطية، وساركوزي ساهم في قتل مئات الآلاف من الليبيين تحت عنوان حرية الشعب الليبي، واليوم فرنسا وبريطانيا وأمريكا يخرقون القانون الدولي تحت عنوان دعم الأكراد، الذين هم من الشعب السوري وليسوا شعباً مستقلاً. في سورية عام 2011 كانت هناك العناوين نفسها كالكرامة والحرية، وهي التي استخدمت لقتل الشرطة والمدنيين وتخريب الأملاك العامة، فإذاً علينا ألا نهتم بالعناوين وإنما بالحقائق على الأرض، وما الذي كان يحصل.
مداخلة: لكن في البداية كانت هناك انتفاضة شعبية، ومطالبات حقيقية. لم يكن هناك وجود للقاعدة. لماذا استعملتم العنف في البداية؟
الرئيس الأسد: دعنا نعط أرقاماً، أكبر عدد خرج في سورية كان 170 ألف متظاهر، ولنفترض أن هذا الكلام غير دقيق، فلنضاعفها مرات عدة لتصل إلى مليون متظاهر، والشعب السوري تعداده يتجاوز 23 مليون مواطن، وبالتالي فإن هذه الأرقام التي خرجت في سورية لا تعبّر عن شيء. إذاً أولاً بالحجم هي ليست انتفاضة شعبية، ثانياً الانتفاضة الشعبية لا تكون بأن تأتي الأموال من قطر لتُخرج الناس، وثالثاً لا يمكن أن أبقى أنا والحكومة تسع سنوات في وجه انتفاضة شعبية. لا أحد يصمد في وجه انتفاضة شعبية، والدليل أن الغرب حاول إبقاء شاه إيران ولم يتمكّن بالرغم من كل الدعم الغربي. فإذاً التسمية خاطئة، أو لأقل غير واقعية.
في بداية الحرب في عام 2011 أخرجتم سجناء من صيدنايا. هناك اتهامات توجّه إليكم بأنكم فعلتم ذلك لإدخال السم الجهادي في صفوف المعارضة. كيف تجيبون على هذا الأمر؟
الرئيس الأسد: كل عدة أعوام نصدر عفواً عن السجناء في سورية، هذه قاعدة عامة قبل الحرب. عندما يصدر العفو يتمّ تحديد الشرائح التي لا يشملها، مثلاً التجسس، وحالات المخدرات غالباً لا تكون مشمولة، وغيرها، ولكن لا يوجد لدينا في القانون شريحة اسمها المتطرّفون، فالعفو يشمل الجميع. هناك حالات أخرى في عام 2011 تحديداً هم أشخاص خرجوا لأنهم كانوا محكومين وانتهت مدة الحكم، ولم يخرجوا بالعفو. أين نربح إذا أخرجنا المتطرّفين أو الإرهابيين كي يقتلوا الجيش السوري والمدنيين؟! الرواية الغربية قالت: إننا قمنا بذلك كي نشيطن المظاهرات السلمية، لكن في الحقيقة هم شيطنوا أنفسهم لأنهم نشروا فيديوهات – موجودة على الانترنت – عندما قاموا بقتل الشرطة، وبالاعتداء وذبح المدنيين منذ الأسابيع الأولى. هذه حقيقة ما حصل بالنسبة للإفراج عن المساجين.
تحدّثت قبل قليل عن صيدنايا، ولديكم مراكز احتجاز وسجون أخرى. لي زميلة اسمها مانون لوازو نشرت وثائقيات حول حالات اغتصاب تتمّ في سجونكم. ماذا تقولون في هذا الصدد؟
الرئيس الأسد: هناك فرق بين أن تتحدّث عن سياسة تُطبّق، وبين أن يكون هناك أخطاء فردية. التحرّش أو الاغتصاب غير منتشر في المجتمع السوري، ولكن إذا كان هناك مثل هذه الحالات، فإن القانون يعاقب عليها. هذه حالات فردية. أما إذا كانت سياسة في أي مكان في العالم، فنحن ندينها لأنّها غير أخلاقية ولأنها أيضاً ضد مصلحة الاستقرار في سورية. لا يمكن أن تتحدّث عن استقرار وعلاقة هادئة بين المواطنين بينما هناك تعذيب أو قتل أو أي نوع آخر من الاعتداء.
مداخلة: هذه الوثائقيات تمّ تصويرها مع شهود سوريين، جرت هذه الأحداث معهم أنفسهم. لم يكونوا يتحدّثون عن هذه الأمور في مجتمعهم لأنّهم كانوا يخجلون منها. ولكنّهم شهود، وشهود عانوا من هذه الممارسات؟
الرئيس الأسد: لا. أنت تتحدّث عن رواية، والرواية شيء والوثائق شيء آخر. كل ما طرح كان عن تقارير غير موثّقة. هي صور لم يتمّ التحقق منها. من الشهود؟ كانوا مخبئين غير معلنين. في معظم هذه الحالات، قطر موّلت هذه التقارير. واعتماد مثل تلك التقارير بحاجة إلى تحقيق محترف، وبالمنطق ليس لدينا مصلحة بمثل هذه الأعمال – إن كانت موجودة – إذا وضعنا الأخلاق جانباً، أنا أتحدّث الآن عن المصلحة. هذا ضد مصلحتنا فلماذا نقوم به؟! ماذا نحقق من التعذيب؟! ما النتيجة؟! الانتقام؟! إذا ذهبت إلى المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة ودخلت إليها الدولة فسترى عكس هذا الشيء. لا يوجد لدينا شيزوفرينيا كي نكون في مكان ما متسامحين ونعذب الناس في مكان آخر. هذه مجرد ادعاءات سياسية.
مداخلة: أعود لأؤكّد، يعني هناك تأكيد على هذه النقطة، ولكن هؤلاء الشهود، لم يكونوا ممولين من قبل قطر، إنّهم شهود تمّ اللقاء بهم في معسكرات اللاجئين في تركيا والأردن. وهؤلاء عانوا، ومن التقطت هذه الشهادات لدى هؤلاء صحفية موثوقة جداً.
الرئيس الأسد: لا يوجد شيء اسمه ثقة في هذه القضايا. هناك آليات، وهناك معلومات موثّقة وليس روايات. من دقّق حقيقة ما قاله الشهود؟ من دقّق بأنّ هؤلاء الشهود عانوا فعلاً بالأساس؟ أستطيع أن أناقش معك هذه القصة عندما يكون أمامي حقائق، ولكن لا أستطيع أن أناقش إشاعات أو روايات. وعندما تكون حقائق، فإن من ارتكب أي خطأ، يخضع للقانون السوري. وهذا شيء طبيعي.
ذكر دونالد ترامب سورية عندما وجه شكره لحظة موت أبو بكر البغدادي، هل أعطيتم الأمريكيين معلومات، وهل كنتم تعلمون مكان البغدادي؟
الرئيس الأسد: دائماً أضحك عندما يُطرح هذا السؤال، لأن السؤال الأهم الذي يجب أن نسأله هو هل أن البغدادي قتل فعلاً أم لا؟ وهل هذه “المسرحية الجميلة” التي قام بها الأمريكيون حصلت في الحقيقة؟
مداخلة: لكن “داعش” اعترفت بذلك!!
الرئيس الأسد: نعم طبعاً.. لكن “داعش” هي صنيعة أمريكية، “داعش” جزء من المسرحية.. لقد علّموا البغدادي التمثيل عندما كان في السجون الأمريكية في العراق. لذلك أنا أقول هذه المسرحية الكبيرة، ولكن هل حصلت؟ لا نعرف.. هذا لا يعني أنه لم يقتل، ولكن إن قُتل، فهو لم يقتل لأنه إرهابي. كانوا قادرين على ضرب “داعش” عندما كانت تأخذ النفط من سورية للعراق ولم يفعلوا، وعندما هاجمت “داعش” الجيش السوري في دير الزور ضرب الأميركيون الجيش السوري ولم يضربوا “داعش”، فإذاً لا.. نحن لم نتعاون مع الأمريكيين في أي شيء، لا تستطيع أن تتعاون في مكافحة الإرهاب مع أشخاص يدعمون الإرهاب.
مداخلة: لماذا شكرك ترامب إذاً ؟
الرئيس الأسد: هي واحدة من النكت الظريفة لترامب.. إنها نكتة..
أثناء لقائنا خلال عام 2013 أكّدتم لي أن الجيش السوري لم يستخدم أبداً الأسلحة الكيميائية في الغوطة، لكن أتت بعدها قضية خان شيخون ثم دوما.. لماذا هذا التراكم في الأدلة على استعمال الجيش السوري السلاح الكيميائي؟
الرئيس الأسد: لا .. لا يوجد دليل واحد حتى هذه اللحظة، فاستعمال مثل هذا السلاح كان سيودي بحياة المئات أو الآلاف من الضحايا وهذا لم يحصل.. أما هذا التراكم فسببه أولاً، أن الجيش السوري كان يتقدّم في مواجهة الإرهابيين فكان لا بد من حجة لضربه وهذا ما حصل. كانت هذه الرواية تستخدم في حالتين: إما أننا تقدّمنا تقدّماً كبيراً وبالتالي يجب أن نتوقّف، بمعنى التهديد، أو أننا نحضّر لعملية كبيرة، وبالتالي يهدّدون قبل البدء بالعملية.. ثانياً نحن نتقدّم وبشكل جيد فلماذا نحتاج للسلاح الكيميائي؟ هذا هو السؤال. النقطة الأهم هي أن كل مكان ندخل إليه يكون هناك مدنيون وتعود حياتهم طبيعية، كيف بقوا هناك ونحن نستخدم السلاح الكيميائي؟! في الحقيقة فإن الأكاذيب في الإعلام الغربي وفي السياسة الغربية ليست لها حدود في هذا الموضوع.
الصحفي: شكراً لك.