“الإرهاب وسبل مكافحته” في محاضرة لفرع القنيطرة للحزب
دمشق- ريناس إبراهيم:
تحت عنوان الإرهاب والتطرف “الأسباب وسبل المكافحة”، أقام فرع القنيطرة لحزب البعث محاضرة، ضمن ملتقى البعث للحوار في قاعة السابع من نيسان، عرّف خلالها الدكتور المحامي عبد القادر عزوز، المستشار في رئاسة مجلس الوزراء، الإرهاب بأنه وسيلة من وسائل الإكراه والإجبار مهما كان مستواه، من إرهاب الأفراد إلى الإرهاب الدولي، وهو مرتبط بشكل مباشر بالتطرّف، كنتيجة حتمية له عند توفر ظروف حاضنة ودافعة، فالفكر المتطرّف يشكّل بيئة خصبة لقبول العنف وإلغاء الآخر والقتل، واعتباره الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الأفكار، مؤكداً أن التطرّف ليس فقط تطرّفاً دينياً كما يعتقد البعض، وإنما هو الغلو والتشدّد والتقوقع حول فكرة ما في أي منحى من مناحي المعرفة، وهو تنازل عن حق العقل بالتفكير.
وعن الأسباب المؤدية للتطرّف والإرهاب كتجسيد له على أرض الواقع، تطرّق د. عزوز إلى مجموعة أسباب اجتماعية واقتصادية وتربوية ترتبط بالتنشئة على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع، ولا يمكن إغفال العوامل والأسباب الخارجية، إذ يشهد العالم أثر تدخل بعض الدول، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية في إثارة الفتن الداخلية في دول عديدة، ليدعّم الحضور تلك الفكرة بمصطلح “الفوضى الخلّاقة” الذي أدلت به وزير الخارجية الأمريكية الأسبق كونداليزا رايس. إذاً خطط التدمير والتخريب مدبّرة مسبقاً، ونشر المنظمات الإرهابية حول العالم تمّ على أيدي غربية ونُفِّذت مشاريعه في المنطقة لتدميرها.
وشدّد عزوز على أهمية صياغة استراتيجية لمكافحة التطرف، باعتباره مرض العصر، والقضاء على جذوره في المجتمع، معوّلاً على الدور المحوري للمؤسسات التربوية والإعلامية في مواجهة الفكر المتطرف بنشر أفكار التنوير وثقافة الحوار والتسامح، كما أكد أن تغيير الذهنية والثقافة السائدة في المجتمع هو أصل الحل، فلا حلّ بإلقاء اللوم على الآخر. المسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، مع التركيز على دور الرقابة الحقيقية، وليس رقابة تصيّد أخطاء الآخرين للإيقاع بهم.
وعن الفساد كإحدى نتائج تفشي الفوضى المترافقة مع أفعال الإرهاب، أكد عزوز أن الإصلاح يجب أن يبدأ من الذات، فـ”كيف أطالب الآخرين بتصحيح أخطائهم، ولا أرى أخطائي، ولا أستعد لتغيير سلوكي، وكيف أطالب بمكافحة الفساد، وأنا أقبل الفساد، أو أنا طرف فيه، ولو صغر حجمه؟”.
وركّز المشاركون على دور التربية والإعلام في المرحلة القادمة لمواجهة الفكر المتطرف الذي يستغلّ أي فرصة ليجد منفذاً لتطبيق أهدافه الهدّامة، وفي التنشئة الاجتماعية، وتعزيز الدوافع الوطنية، وتعليم الناس لغة الحوار المنطقي، والشك دوماً في ما يجري للتوصل إلى الحقيقة، إضافة إلى إنتاج رسالة إعلامية متوافقة مع الشرائح المستهدفة، مشيرين إلى أهمية إعادة النظر بالمناهج الدراسية ودور المعلمين وآليات القبول في الجامعات العامة والخاصة، والعمل على تحقيق المساواة بين الطلاب في القبول الجامعي، وفتح المجالات أمام الإبداع.
وخلصت المحاضرة إلى أن للحالة السورية خصوصية لا يمكن تجاهلها في حل أي مشكلة، لذا لن يجدي استيراد قوالب جاهزة، ويمكن إسقاط ذلك على مستوى صياغة الدستور، أو عند الحديث عن العلمانية، فلا يمكننا مثلاً تطبيق العلمانية الفرنسية في سورية، فالتجربة تختلف، والمطلوب التطوير مع الحفاظ على خصوصيتنا، فالكثير من الدول استوردت تجارب غيرها، وركبت موجة العولمة، فجرفتها، وطمست هويتها.
في الختام توجّه الحضور بالتحية لأبناء الجولان السوري المحتل، مشدّدين على أن السيادة ستبقى للدولة الأم سورية مهما طال الزمن، موجهين رسالة إلى الشعب السوري، مفادها: “علينا أن نتلمّس مكامن النور لنبصر مستقبلنا، ونهتدي إلى خلاصنا من الإرهاب”.