صحيفة البعثمحليات

لا آذان تصغي لصوت المواطن السيول تجرف الأتربة وتكشف التقصير.. والمحاسبة غائبة!!

لم يعد صوت المواطن يلقى آذاناً صاغية من المسؤولين، لتأتي الأمطار الغزيرة والسيول وترفع صوت الهدير عالياً وتجرف الأتربة، كاشفة عن التقصير والترهل في بعض مفاصل المديريات والوحدات الإدارية، وخاصة في ريف دمشق، حيث أثرت الأمطار والسيول على مناطق في المحافظة؛ مما أحدث أضراراً جسيمة في الأملاك العامة والخاصة والمزروعات.
ما يزيد الاستغراب والدهشة أن ما حصل هذا العام لم يكن مفاجئاً، بل جرى في العام الماضي واستنفرت آنذاك كافة الجهات المعنية والمديريات المختصة لإزالة الأضرار وإعداد الدراسات الفنية لمشاريع قنوات درء السيول من خلال جولات ميدانية على أرض الواقع واجتماعات بشكل متكرر، إلا أن ما حصل هذا العام يؤكد بالدليل القاطع عدم متابعة التوجيهات والتقصير والإهمال من المديريات المختصة، وخاصة أن أصابع الاتهام توجهت إلى رؤساء الوحدات الإدارية للمناطق المتضررة، وذلك من خلال الاعتداء على مجاري السيول والوديان والتجاوزات بالأبنية والطرقات، متناسين الأمطار والسيول حسب رأي الأهالي من المناطق المتضررة.

حقيقة مرة
ولم يعد تقصير رؤساء الوحدات الإدارية مقبولاً، لاسيما في ظل التصريحات المكررة للمسؤولين عن محاسبة المقصرين والمتقاعسين، ليأتي الواقع الخدمي برفقة السيول، كاشفين الحقيقة المرة لأداء بعض المجالس المحلية التي لم تكترث مما حصل، ضاربة عرض الحائط كل التوجيهات والتصريحات وتستمر بالترهل، لاسيما أنها لم تنفذ المشاريع لرفع الضرر في حال تكراره باستثناء وحدات إدارية قامت وفق الإمكانات المتاحة في تعزيل وترحيل الأتربة، حسب ما بينه عضو مجلس المحافظة أيمن زينية الذي لم يخفِ وجود الإهمال والفساد عند تنفيذ المشاريع في بداية فصل الشتاء لتجرفه السيول، مما يشكل هدراً للمال العام والوقت في آن معاً.
ولفت زينية إلى ضرورة التدقيق والمتابعة والمحاسبة للمرتكبين، إضافة إلى وضع مشاريع استراتيجية ومبادرات من الوحدات الإدارية على مستوى المحافظة، وإعداد دراسات جادة لإقامة سدود، ومعالجة نهائية لمجاري السيول وخاصة لوصولها في نهر بردى.

تفرد بالقرارات
وحمل أعضاء من مجلس محافظة ريف دمشق مسؤولية ما جرى بنسبة كبيرة الوحدات الإدارية التي تتفرد بقراراتها وتصرفاتها حسب مصالحها الشخصية، مشيرين إلى رفض بعض رؤساء الوحدات التعاون مع أعضاء المجلس، وكأن رئيس البلدية يعمل في مؤسسة خاصة وليست حكومية.
وطالب الأعضاء بضرورة مشاركة مجلس المحافظة بأي عمل خدمي في البلديات، لاسيما أن مهمة المجلس الأساسية إقرار المشاريع في المحافظة.
ولم تك مطالبات الأعضاء بعيدة عن تأكيدات المحافظ المهندس علاء إبراهيم، وضرورة تعاون الوحدات الإدارية مع أعضاء المجلس، معتبراً أن عضو مجلس المحافظة مطالب بمراقبة أداء الوحدات الإدارية والإشراف على تنفيذ المشاريع. وكان المحافظ قد التقى رؤساء الوحدات عقب الفيضانات والسيول الأخيرة، حيث حمل البلديات مسؤولية التأخير والتقصير برفع الأضرار مباشرة، ورفع تقرير بعد ذلك إلى المحافظة من أجل صرف قيمة تلك الأعمال.

تحميل المسؤوليات
ولم يغفل مدير الموارد المائية في ريف دمشق الدكتور محمود الكعر مسؤولية الوحدات الإدارية في رفع أضرار السيول وإحداث قنوات لدرء السيول عن التجمعات السكنية؛ كون المناطق التنظيمية تقع على عاتق تلك الوحدات الإدارية، لافتاً إلى توجيهات الوزارة والمحافظة خلال العام الماضي، حيث قامت المديرية بالتنسيق مع الوحدات الإدارية والكشف عن الواقع، وإعداد الدراسات الفنية اللازمة لجهة العبارات المطلوب تنفيذها، وتم رفعها أصولاً إلى الوحدات الإدارية عن طريق المحافظة لتنفيذها عند توفر الاعتماد وخاصة في مناطق سوق وادي بردى.
حلول إسعافية
أما فيما يخص المدينة الصناعية بعدرا، بين الكعر أنه تمت دراسة فنية لدرء السيول عن المدينة بقيمة 2،8 مليار ليرة، وكون المبلغ كبيراً ولا يتوفر الاعتماد، وبناء على توجيهات المحافظة تم إعادة النظر بالدراسة واتخاذ حل إسعافي لتنفيذها بقيمة 1،066 مليار ليرة، موضحاً أن المدينة باشرت بالتنفيذ من خلال عقود، ونسبة التنفيذ وصلت إلى 80%، إضافة إلى قيام المواصلات الطرقية بتنفيذ عبارة صندوقية 4×4 ثلاث فتحات قبل المدينة على طريق مدينة الضمير- دمشق.
والجدير ذكره أن مدينة عدرا الصناعية تعرضت في العام الماضي لسيول وأضرار في بعض المعامل، واعتبرت المحافظة وقتها أن الظروف استثنائية وغير مسبوقة؛ مما استدعى استنفار جميع طاقات المحافظة والخدمات الفنية والموارد المائية ومؤسسات الكهرباء والمياه والهاتف والكوادر والعمال التي انتشرت في جميع المناطق التي تعرضت للأضرار.

تحت المجهر!
ليبقى السؤال الأهم: أين محاسبة المقصرين عن عدم تنفيذ الأعمال والتوجيهات، ولاسيما أن هناك عاماً بكامله بين الحدثين؛ مما يفسح المجال في استدراك واتخاذ الإجراءات الوقائية منعاً من تكرار الأضرار أو الحد منها كما يقول المثل العامي “يرحم من جبر المكسورة قال كان يجبرها قبل ما تنكسر”؟
ومع تردي الواقع الخدمي في بعض الوحدات الإدارية يستغرب مراقبون غياب المحاسبة لهذه الوحدات، علماً أن المحافظ يؤكد في كل اجتماع على ضرورة المتابعة والعمل كون رؤساء المجالس المحلية تحت المجهر، وذلك بعد تأمين جميع وسائل الدعم والتسهيلات وتذليل الصعوبات من أجل تأمين احتياجات المواطنين وحل جميع الإشكاليات، مشيراً إلى أن كل قضايا المواطنين أولوية، ولاسيما أن هناك اهتماماً حكومياً كبيراً في تأمين الخدمات والمستلزمات والمواد الأساسية والغذائية للمواطنين، محملاً رؤساء المجالس مسؤولية أي تقصير، حيث ستتم محاسبة المرتكبين.
علي حسون