تحييد الدولار..!
بما أن الحكومة عاجزة عبر مصرفها المركزي عن وقف ارتفاع أسعار الصرف.. فلماذا لا تقوم بتحييد الدولار..؟!
هل هذا ممكن..؟
نعم.. ممكن من خلال تطبيق عدد من الإجراءات..
الإجراء الأول لتحييد الدولار يكون بوقف تمويل المستوردات، فقد ثبت أن المستوردين يقومون بتسعير مستورداتهم بسعر الدولار الأسود ويستفيدون من السعر الرسمي للدولار..!
وإذا كان هذا الإجراء صعباً في الماضي فقد أصبح متاحاً بعد إطلاق غرفة تجارة دمشق لمبادرة “ليرتي قوتي”، وهي تؤكد أن الدولارات متوفرة للمستوردين بسعر قريب من الرسمي..!
الإجراء الثاني: إقناع كبار رجال المال والأعمال بالتنسيق معهم وبالتعاون مع غرف التجارة والصناعة لإعادة دولاراتهم أو جزء مهم منها من الخارج وإيداعها في المصارف المحلية، مقابل منحهم إعفاءات أو حوافز ضريبية واستثمارية.
الإجراء الثالث: تفعيل التواصل مع المغتربين وخاصة المستثمرين منهم لتشجيعهم على إيداع جزء من رؤوس أموالهم في المصارف السورية، وخاصة أن عدداً منهم أعرب عن استعداده لخدمة وطنه الأم، ولكن لا يعرف القناة المناسبة التي تتيح له التحاور مع الحكومة..!
الإجراء الرابع وهو الأهم يكون بإلغاء تأثير الدولار على حياة ملايين الأسر السورية..!
إن ملايين العاملين بأجر أو العاطلين عن العمل لا يهمهم سعر صرف الدولار صعوداً أو هبوطاً؛ فهمهم الأكبر تأمين مستلزمات حياتهم اليومية لا أكثر ولا أقل .. سواء حالياً أوفي القادم من الأيام..!
والتجار يستغلون حاجة المواطنين فيحتكرون الأسواق والسلع والأسعار دون أن تتمكن الحكومة من لجمهم مهما اتخذت من قرارات “ورقية”..!
ويتضمن هذا الإجراء تنفيذ الدستور، أي بتأمين الحد الأدنى لمعيشة الأسرة السورية..!
وهو حل جذري ودائم لتحسين القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود..!
هذا الحل يكون بتوزيع سلة تتضمن المواد الأساسية للأسرة السورية عبر البطاقة الذكية بأسعار رمزية..!
ويمكن تطوير السلة الغذائية التي طرحتها مؤخراً “السورية للتجارة” بزيادة مكوناتها، وبيعها بسعر رمزي جداً لا يشكل ضغطاً على دخل الأسرة..!
إن تأمين المواد الأساسية للأسرة السورية ولو مجاناً أوفر للحكومة من دعم المستوردين بدولارات رسمية، أو بضخ دولارات الدولة في السوق لمنافسة المضاربين..!
وتوزيع المواد الأساسية مجاناً أو بسعر رسمي يعني تحييد الدولار ومنع تأثيره المدمر على ملايين المواطنين..!
لقد انشغلت الحكومة “نظرياً” على مدى سنوات في مناقشة الإجراءات التي تؤدي إلى تحسن المستوى المعيشي وأخفقت بامتياز؛ لأنها تجنبت إقرار الإجراء الوحيد لمساعدة العاملين بأجر أو أصحاب الدخول المحدودة..!
ماذا يهم المواطن أن ينخفض الدولار ولو إلى سعر 200 ل.س إذا كانت قدرته الشرائية لا تتيح له تأمين مستلزماته الأساسية..؟!
ولو أجرت الحكومة “حسبة” بين كلفة السلة الغذائية وكلفة تمويلها للمستوردين وتدخلها لمنافسة المضاربين لاكتشفت بسهولة أنها الرابح الأكبر..!
بالمختصر المفيد: تحييد الدولار وإقصاء تأثيره بحياة ملايين السوريين سيفرض على المستوردين تخفيض أرباحهم الفاحشة أي تخفيض الأسعار، إذ إن الأسرة السورية لن تعود بحاجة لشراء السلع الرئيسية من الأسواق، وينزع السبب الرئيسي للمضاربة بالعملات..!
ودون هذه الإجراءات الفعالة سيبقى الدولار يعكر عمل الحكومة وحياة الناس..!
علي عبود