هكذا ترتكب جرائم الحرب
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع كاونتر بانش 29/11/2019
أقال الرئيس الأمريكي وزير بحرية الولايات المتحدة لعدم الأخذ بنصيحته بالإبقاء على عنصر القوات الخاصة “إدوارد غالاغر” بمركزه كجندي في القوات البحرية. أدين غالاغر بتهمة قتل أسير مصاب من عناصر تنظيم “داعش” طعناً، ومحاولة قتل مدنيين آخرين في العراق في العام 2017، لكن في تموز من العام 2019، تمّت تبرئة غالاغر من معظم هذه التهم.
لماذا برزت حالة غالاغر على الصفحات الأولى للصحف الأمريكية؟ هل هو بسبب تدخل ترامب؟!. في السابق عندما كانت تظهر اتهامات بارتكاب جرائم حرب أو “إساءة سلوك”، كانت التحقيقات تتلاشى بسرعة، رغم أن التقارير الواردة على مدى السنوات الـ 16 الماضية حول جرائم الحرب المرتكبة في أفغانستان والعراق تراكمت بشكل واضح، وبالكاد يمرّ يوم في هذه البلدان دون أن ترتكب فيها القوات التابعة للولايات المتحدة وحلف الناتو جرائم حرب.
في العام 2001، قدّمت الأمم المتحدة تساؤلات عن تقارير “إعدام السجناء بإجراءات موجزة بعد القبض عليهم”، وبحسب تقرير صادر عن أطباء من أجل حقوق الإنسان فقد تعرض نحو 2000 سجين من طالبان في قلعة الجنجي بأفغانستان للاختناق حتى الموت، أو لإطلاق الرصاص عليهم في شاحنات الحاويات”. وفي العام 2009 تبيّن أن إدارة بوش كانت تعيق أي تحقيق في هذه الجرائم البشعة تحديداً، ولم يدخل السجن أي شخص بسبب جرائم الحرب هذه.
أجبرت الأدلة الكثيرة على جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الأمريكية والقوات التابعة للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق بهدف صون مصداقيتها. وفي عام 2016، بعد عقد من التحقيق، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية تقريراً أعادت من خلاله الأمل للشعب الأفغاني. إذ أثبتت المحكمة الجنائية الدولية وجود “أساس معقول” لمواصلة التحقيق في جرائم الحرب التي ترتكبها مختلف القوى داخل أفغانستان، مثل طالبان وشبكة حقاني والقوات العسكرية للولايات المتحدة إلى جانب وكالة الاستخبارات المركزية. وفي العام التالي، تقدمت المحكمة الجنائية الدولية بإقرار أكثر تفصيلاً حول إمكانية ارتكاب جرائم حرب.
لكن وجهت إدارة ترامب للمحكمة الجنائية الدولية -عن طريق جون بولتون ومايك بومبيو- رسالة مفادها، إنه في حال رفع قضية ضد الولايات المتحدة، فإن إدارة ترامب ستتعقب المدعي العام والقضاة في المحكمة الجنائية الدولية شخصياً. كما تمّ رفض إعطاء المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا”، التي كانت تنوي المجيء إلى الولايات المتحدة للمثول أمام الأمم المتحدة تأشيرة أمريكية. ولم يمض وقت طويل بعد ذلك حتى أعلنت المحكمة الجنائية الدولية-في نيسان 2019- أنها لن تمضي قدماً في قضية جرائم الحرب ضد الولايات المتحدة، أو ضد أي من المتحاربين في أفغانستان. وقالت المحكمة إنها “لن تخدم مصالح العدالة” لمتابعة هذا التحقيق.
ردّ ترامب على هذا القرار بوصف المحكمة الجنائية الدولية بأنها “غير شرعية” وأن حكم المحكمة الجنائية الدولية كان “نصراً، ليس فقط لهؤلاء الوطنيين، ولكن لسيادة القانون”.
استاء موظفو المحكمة الجنائية الدولية بسبب قرار المحكمة، وكانوا تواقين لتحديها، خشية من أنهم إذا سمحوا لتكتيكات المافيا الأمريكية بمنع إجراءاتهم الخاصة، فإن المحكمة الجنائية الدولية ستخسر كل ما تبقى لها من شرعية. إذ أنه يُنظر إلى المحكمة الجنائية الدولية على أنه وُجّهت ضد أعداء الولايات المتحدة، ولم يكن هناك تحقيقات جدية مع أي قوة تتواءم مع الولايات المتحدة.
في حزيران، قدمت فاتو بنسودا، طلباً داخل النظام الواهن للمحكمة الجنائية الدولية للطعن بشكل أساسي في قرار عدم متابعة التحقيق بجرائم الحرب في أفغانستان، وانضمت إلى مناشدة بنسودا مجموعات مختلفة من أفغانستان، بما في ذلك رابطة أسر الضحايا الأفغان ومنظمة علوم الطب الشرعي في أفغانستان. وعليه سيتعيّن على مكتب بنسودا الآن تجميع قضية هائلة لتقوم باستئنافها، الأمر الذي يتطلب وقتاً طويلاً. ومن المرجح أن تكون إدارة ترامب قد بدأت بالفعل الضغط على المحكمة، إذ يخشى موظفو المحكمة أن يكون له تأثير على الاستئناف كما حصل عند تقديم المطالبة لأول مرة.