… وهو عليل!!
يأخذ مسار التصنيع الدوائي الوطني، منعطفاً حيوياً يضعه على سكة إعادة العهد الذي ألفناه لقطاع لطالما كان فخر النمو الذاتي والانعتاق الاقتصادي في فترة ما قبل الحرب، عندما كانت سورية حاضرة الشرق الأوسط في إنتاج الدواء الموثوق والمصدر إلى معظم دول المنطقة، لتأتي الحرب وتنال من خطوط الإنتاج، ولكن ليس في مقتل، فالصمود كان قائماً لشركات قاومت وتحدت ظروف “التدمير والتهجير” والسرقة والنهب، ولاسيما في ريف دمشق وحلب، وهما اللتان تحتضنان كبريات الشركات المنتجة، وبالتالي كانت ضربة عززت عوامل البقاء والاستمرار في العمل، وضخ ترياق الحياة في الجسد السوري المريض بفيروس الإرهاب.؟
في سردية التعاطي الإنتاجي لجموع الشركات والمعامل الفاعلة وتلك التي تعود من جديد أو من انطلقت حديثاً بمنتج “الأول من نوعه في المنطقة – إنتاج الأدوية السرطانية”، ثمة رجعة ميمونة لسوق يتعطش للمزيد في ظل مفاعيل الحصار والمقاطعة والتحولات الميدانية، التي جعلت أغلب الجغرافية السورية تحت سيطرة الجيش العربي السوري وفي أحضان الدولة ومؤسساتها، حيث تبدو الاحتياجات المتعلقة بنصيب المناطق المحررة من الدواء جلية وواضحة من خلال أرقام وبيانات الشركات التي زاد تدفق أصنافها ونوعيات أدويتها لتلك المناطق بحكم النقص السابق والدور المسؤول لمؤسسات الدولة في إحلال الحضور وفرض الواجبات.
ومع أن لدمشق خصوصيتها لجهة الاستهلاك الأكبر من الدواء، بحكم الضغط السكاني فيها، إلا أن تقارير شركة “تاميكو” الناشطة في الإنتاج والتسويق للدواء الوطني الحكومي تقول إن هناك ارتفاعاً في وتيرة استجرار محافظة ريفي دمشق وحلب مع عودة الأمان إلى هذه المحافظات، ومن خلال ذلك يمكن القول إن عهد الازدهار عاد لهذا القطاع الهام ومتطلبات عمله من حيث المواد الأولية التي تستبسل الدولة في تأمينها بشق الأنفس ولو بالعروض الداخلية التي يشارك الخاص الوطني فيها من منطلق المسؤولية والواجب الأخلاقي والوطني.
بالعموم كل المؤشرات تدل على أن القادمات من الأيام مبشرة في جميع المناحي، فهل يتعظ من يتباهى باستهلاك الدواء الأجنبي المهرب الذي يدعي مروجوه أن درجة الفعالية فيه عالية، مقابل دواء وطني مشكوك ومطعون بدرجة تأثيره وفائدته العلاجية كما يدعون، هنا يتساءل الكثيرون ممن ينشطون ويعملون لتأمين الدواء المجاني في معظمه: إلى متى تبقى “عقدة الإفرنجي” قائمة ومتحكمة بأذهان غير المنتمين واللاهثين لدعم اقتصاديات الغير المجاور والبعيد الذي لا يضمر إلا الشر لهذا البلد.؟
علي بلال قاسم