32 ألف أسرة استفادت من مشروع دعم الزراعات الأسرية كشتو: فكرة إنشاء الشركات الزراعية المساهمة تصطدم برفض العمل الجماعي
دمشق – ميس خليل
كان القطاع الزراعي ولازال الحامل الرئيسي للاقتصاد الوطني على الرغم من كل الظروف التي تعرض لها خلال سنوات الحرب المريرة، والتي فرضت على المؤسسات والاتحادات العاملة تحت راية وزارة الزراعة تحديات كبيرة في حماية الفلاح وما يقوم بإنتاجه لضمان الحفاظ على أهم حلقة من حلقات دعم الاقتصاد.
وفي السياق فإن اتحاد الغرف الزراعية يضطلع بدور مهم في حماية مصالح المزارعين من القطاع الخاص وتمثيلهم أمام الجهات الرسمية، حيث أكد المهندس محمد كشتو رئيس اتحاد الغرف الزراعية في تصريح خاص “للبعث” أن الغرف الزراعية ساهمت خلال سنوات الحرب في تأمين احتياجات كثيرة من مستلزمات الدورة الزراعية والتسويق ضمن الرؤية والخطة التي وضعتها وزارة الزراعة، ولاسيما فيما يتعلق بتصدير المنتج الزراعي إلى الأسواق ضمن الإمكانات المتاحة.
بدلاء السوق
وبين كشتو أن الحرب وآثارها فرضت الكثير من التحديات، ولاسيما فيما يتعلق بإغلاق المنافذ الحدودية واعتماد المنافذ البحرية وسيلة وحيدة لتسويق المنتجات، مع تحدٍ آخر لا يقل خطورة عن الأول يتعلق بالمنتجات الزراعية المستهدفة بعملية التصدير، فهي منتجات لا تتحمل مصاريف كبيرة، كالمحاصيل الطازجة من الخضار والفواكه، فسابقاً كانت السوق العراقية تستوعب جزءاً كبيراً من منتجاتنا والأمر ينطبق على السوق الخليجي، وبهذه الحالة ظهرت المشكلة وخصوصاً في المحاصيل التي إنتاجها كبير كالحمضيات والتفاح والخضار الطازجة، حتى عندما تم فتح المعابر وجدنا أن هناك بدلاء يؤمنون المنتج، فالسوق لا ينتظر، وعندما تغيب عنه يأتي البديل بالرغم من جودة المنتج المحلي.
صعود ونزول
وعن المحاصيل التي كانت الأكثر تضرراً خلال الحرب ذكر رئيس الاتحاد أن هناك محاصيل حلت محل محاصيل أخرى، فعلى سبيل المثال: إن إنتاجنا من محصول الشوندر السكري في عام 2010 كان مليوناً و800 ألف، وخلال الأزمة انخفض إلى أرقام ضعيفة نتيجة أنه يحتاج إلى رعاية طويلة في الأرض وعمال وتصنيع، وعليه فإن هذا المحصول تضرر بسبب الحرب بشكل كبير، وفي المقابل هناك محاصيل نمت وتوسعت كونها لا تحتاج لفترة زمنية طويلة في الأرض، وتخضع لعملية “التيبيس” كالكزبرة والكمون، مبيناً – والكلام لكشتو- أننا اليوم في مرحلة انتصار عسكري بعد استعادة أغلب المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين، ولكن الحرب انتقلت إلى نوع آخر من خلال الحصار الاقتصادي لمنعنا من الاستفادة من إعادة افتتاح المعابر لتصدير منتجاتنا.
الحمضيات أولاً
وأوضح رئيس الاتحاد أن الحكومة أقرت مشروع الاعتمادية والتسويق الخارجي للمنتجات الزراعية بغية تسهيل تصديرها وبدأت بمحصول الحمضيات، وهي خطوة مهمة جداً بدأت تظهر نتائجها وتحسن وضع محصول الحمضيات، وبانتظار نتائجه على باقي المحاصيل الزراعية المستهدفة بالخطة، كما تمت المباشرة في اتحاد الغرف بمنح شهادات الجودة للمنتجات الزراعية والإصرار على المنتجين الزراعيين لتقليد المنتجين المتميزين، والاستفادة أكثر من القيم المضافة للمنتجات الزراعية، فبدلاً من أن نصدر زيت الزيتون “دوكما” نسعى لتصديره معبأ بعبوات منافسة.
أما فيما يخص قرار تخفيض البدلات المترتبة على المنتجات الزراعية المصدرة بحراً ذات المنشأ السوري بنسبة 75% من التعرفة المرفئية ذكر كشتو أنه سيتم تطبيقه للعام الرابع على التوالي في عام 2020، وهو قرار مهم لدعم الصادرات الزراعية لما يوفره من تكاليف العملية التصديرية والتي تعود على المصدر والمنتج، كاشفاً أن اتحاد الغرف الزراعية قدم مجموعة من الاقتراحات لتشكيل شركات مساهمة تدير الأرض الكبيرة، وتقوم باستثمارها بهدف الحصول على منتج كبير وبمواصفات تصديرية، ويتم توزيع الأرباح التي يتم الحصول عليها على الفلاحين المساهمين، ولكن حتى الآن هذه الفكرة تصطدم بعدم تقبل المجتمع الزراعي لفكرة العمل الجماعي، في حين قام الاتحاد بدعم مشروع الزراعة الأسرية حول المنزل، وتم توزيع مستلزمات تلك الزراعة على 32 ألف أسرة، فقبل الحرب كانت سورية تستورد الفطر، ولكن بعد أن دعم مشروع زراعة الفطر خلال فترة الحرب، وكان الاتحاد أحد المساهمين بذلك وطالب الحكومة بوقف استيراده، ويتم حالياً تصديره لدول الجوار.
وبخصوص تعديل قانون اتحاد الغرف بين كشتو أن القانون الذي يحكم الاتحاد بحاجة إلى تعديل، وقدم الاتحاد مقترحاً لتعديله إلى وزارة الزراعة، ولكن حتى الآن لم يتم الوصول إلى صيغة نهائية له، ومازال الأمر قيد الدراسة.
كلمة لابد منها
على الرغم من كل الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي جراء الحرب الإرهابية وخروج مساحات شاسعة من الأراضي ومحاصيل رئيسية من السلة الزراعية الوطنية، إلا أن إرادة الفلاح السوري وعزيمته كانت أكبر وأقوى في إنتاج محاصيل جديدة تتناسب والظروف التي فرضتها الحرب، ولكن يبقى على الحكومة وأذرعها التنفيذية السعي لأن تتلاقى وهذه الجهود؛ فالقطاع الزراعي كان وسيبقى الرافعة الحقيقة للاقتصاد الوطني.