أريج بوادقجي: “شامة” المجلة الوحيدة في الوطن العربي
كان من الضروري وبمناسبة اليوم العالمي للطفل أن نشير إلى مجلة “شامة” التي تصدر عن وزارة الثقافة–مديرية منشورات الطفل- والتي تتوجه للفئة العمرية من 4 إلى 8 سنوات، وهي مرحلة الطفولة المبكرة باعتبارها -كما تؤكد رئيسة تحريرها أريج بوادقجي_ المجلة الوحيدة دائمة الصدور حالياً في الوطن العربي والتي تتوجه لهذه الفئة العمرية المبكرة من حياة أطفالنا.
خطوة نحو الأمام
توضح بوادقجي أن فكرة المجلة تعود إلى السيدة أنطوانيت القس حينما كانت مديرة لمنشورات الطفل في وزارة الثقافة وقد ترجمت الوزارة هذه الفكرة على أرض انطلاقاً من إيمانها بضرورة التوجه لمرحلة الطفولة المبكرة ضمن خطاب يناسبها، مبينة أن المجلة منذ أن رأت النور مرت بمراحل مختلفة إلى أن استلمت أريج بوادقجي إداراتها في شهر تشرين أول من العام 2018 وهي مرحلة تطلبت منها التقدم خطوة جديدة نحو الأمام وإعادة تقييم لواقعها، لذلك كان عليها أن تطلع على المجلات العالمية المشابهة لـ “شامة” وكذلك الاطلاع على النظريات التربوية وعلم النفس لمعرفة خصوصية الفئة التي تتوجه إليها واحتياجاتها.. من هنا كان من الطبيعي أن يكون الهدف الأول للمجلة الدعم النفسي للطفل الذي تتوجه إليه، خاصة وأن الفئة التي تخاطبها هي أطفال الحرب الذين يحتاجون لكل الدعم والتوجيه والاحتضان.
طفل بصري
ولأن الطفل -كما تبين بوادقجي- في هذه المرحلة طفل بصري كان لا بد من النهوض بالمستوى الفني للمجلة على صعيد الرسم والإخراج لكسبه من خلال الصورة واللوحة بهدف إيصال فكرة أو قيمة ما لتعديل سلوك معين عند الطفل، منوهة إلى أن الأولوية الثالثة لها كانت ضرورة الالتزام بخصوصية الفئة التي تتوجه إليها المجلة من خلال تقديم نصوص وسيناريوهات وأشعار تناسب هذه المرحلة، معترفة أن هيئة تحرير المجلة ترفض مواد كثيرة لا لرداءتها بل لأنها لا تناسب الفئة الموجهة إليها المجلة وهي تشكر تفهم وتعاون الكتّاب والفنانين في هذا المجال، خاصة وأن تحديات كثيرة تواجه “شامة” وكتّابها وفنانيها كمجلة وحيدة في الوطن العربي تتوجه لفئة عمرية مبكرة وهي تشق طريقاً غير معبَّد على هذا الصعيد.
أصعب أنواع الكتابة
ترى بوادقجي أن انقطاع بعض الأطفال عن المدارس بسبب ظروف الحرب خلق بعداً بينهم وبين المدرسة والكتاب، وهي تؤمن أنه يمكن استعادة هؤلاء عن طريق مجلات مثل “شامة” بمواضيعها المفيدة والممتعة التي يمكن أن تعيدهم إلى الكتاب والمنهاج، أما الصعوبات التي تواجه مسيرة “شامة” فهي -كما تبين- جزء من مشكلة أدب الطفل بالعموم في سورية على صعيد استسهال الكتابة للطفل، وخاصة لمرحلة الطفولة المبكرة التي هي أصعب أنواع الكتابة، والمؤسف برأيها أن معظم الكتّاب يكتبون وفقاً لنمطية معينة اعتادوا عليها، وبالتالي فإن الذهنية القديمة لبعض الكتّاب والرسامين من أهم الصعوبات التي تواجه المجلة، إلى جانب عدم تقبل التجديد وعدم فهم الطفل ومحاولة الوصول إليه ومعرفة احتياجاته، لذلك تعترف بوادقجي أن كتابات كثيرة تُرسَل للمجلة لا تحمل أية قيمة تربوية، ويذهب بعضها نحو المباشرة القائمة على الوعظ والإرشاد والتعليم والتحدث مع الطفل من الأعلى بطريقة منفرة للطفل، في حين أن سياسة المجلة تقوم على إرسال كل قيمها التربوية والفنية بطريقة وأسلوب غير مباشر عن طريق المرح والضحك والحكاية المشوقة -مع تأكيدها- على أن من يريد الكتابة للطفل عليه أن يكتب من قلب طفل وعقل راشد وفكر حكيم ولغة متمكنة، وكل ذلك لا يتوفر إلا بصعوبة -مع إشارة بوادقجي- إلى وجود كتّاب كبار متعاونين بشكل دائم مع المجلة، إلى جانب وجود كتّاب وفنانين شباب لديهم مرونة كبيرة في مخاطبة طفل اليوم وهم مدركون لخصوصية طفل هذا العصر.
الطفل لا يحب التكرار
تشير بوادقجي إلى أن “شامة” حريصة دوماً على مواكبة ما يحدث في محيط الطفل ومحاولة مساعدته، فهي مثلاً تصدر عدداً مع افتتاح المدارس لتحفيز الطفل بطريقة إيجابية على العودة للمدرسة والتأكيد على أهميتها وأهمية تكوين صداقات فيها وضرورة التعاون معهم لتكون المدرسة المكان الجميل له، منوهة إلى أن التوجه التربوي في المجلة ليس موجهاً فقط للأطفال بل لأسرهم أيضاً، وهي قيم تساعدهم في تربية أطفالهم من خلال قصص ورسومات بسيطة قريبة من الأطفال، مؤكدة أن الوصول لهذه المرحلة العمرية ليس بالأمر السهل لأن الطفل في هذه المرحلة العمرية ملول جداً ولا يحتمل التكرار والتنظير، والمطلوب للوصول إليه الصدق والبلاغة في الإيجاز والكتابة بلغة سهلة مقتضبة، لذلك تخضع الكتابات المرسلة للمجلة للاختصار لتقديم قيم تربوية بأقل عدد من الكلمات مع رسوم جذابة ومغرية وشكل إخراجي ملفت للمخرجة هبة عازر لأنها المصيدة الأولى التي يقع بها الطفل.. من هنا فإن القصائد التي تُنشر في المجلة هي قصائد تشبه الأغنيات وتعتمد على النغم وتكون خفيفة الظل وتعتمد على القصة الشعرية التي تدخل إلى قلب الطفل بسهولة، لذلك تحرص المجلة على التعاون مع مجموعة من الشعراء المهمين في هذا المجال مثل بيان الصفدي وقحطان بيرقدار وموفق نادر وسراج جواد وجليل خزعل وغيرهم، كما تتعاون مع شعراء عرب يتنافسون للكتابة في المجلة لمعايير الجودة التي تعتمدها .
أعمال مستوردة غريبة
تنوه بوادقجي إلى أن المجلة تعتمد على فريق أدبي وفني متميز إلا أنها تفتقد لوجود كادر إداري، مع إشارتها إلى الجهود الشخصية التي تبذلها للوصول إلى الطفل من خلال إقامة بعض الأنشطة في المدارس والمراكز الثقافية للتعريف بمجلة شامة وقراءة بعض القصص التي نُشِرَت فيها أمام الطلاب لحثِّهم على شرائها، مع تواصلها الدائم مع الأطفال عبر صفحة المجلة على الانترنت ونشر مواضيعها بالكامل ليتسنى للجميع الاطلاع عليها وإبداء الملاحظات التي تؤخذ بعين الاعتبار والتي تصل أحياناً عبر البطاقة البريدية المرفقة مع كل عدد والتي تحرص بوادقجي على قراءتها والوقوف عندها لتلبية الرغبات التي يذكرها الأطفال ويتمنون وجودها على صفحات المجلة، داعية الفنانين والكتاب الذين يتوجهون للأطفال إلى الاستفادة من القصص والسيناريوهات التي تنشرها المجلة لتقديم أعمال كرتونية تخص الأطفال لما تحمله من قيم تربوية مهمة بدلاً من تقديم أعمال مستوردة غريبة الشكل والموضوعات، مشيرة كذلك إلى إمكانية تلحين وغناء القصائد والأناشيد المنشورة فيها، خاصة مع امتلاك عدد كبير من الجوقات والفرق التي تتوجه للأطفال .
وتختم أريج بوادقجي حوارها مؤكدة أنه لدينا كل الإمكانيات للوصول إلى الطفل والكتّاب والفنانين، وما ينقصنا هو الإمكانيات المادية التي تنهض بالمجلة على صعيد الشكل والمضمون.
أمينة عباس