أصوات في مجلس الشعب تدعو لاعتماد الاقتصاد المقاوم
دمشق-عمر المقداد:
حضرت تقلبات سعر صرف الليرة واعتماد اقتصاد مقاوم في أسئلة ومداخلات أعضاء المجلس، مع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية. وقدم الأعضاء، في الجلسة التي ترأسها حموده صباغ رئيس المجلس، نقداً قاسياً لأداء الحكومة لجهة عدم انتهاج نظام اقتصادي واضح، موضحين أن الحكومات المتعاقبة بدّلت نهجها من النظام الاشتراكي إلى نظام السوق الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى سياسات اقتصادية خاطئة استنزفت المواطن والمستهلك والصناعي والتاجر، وأدت إلى تضاؤل الطبقة الوسطى، وخسارة كبيرة بالاقتصاد الوطني. وتساءلوا عن عمل المخططين الاقتصاديين السوريين، ولماذا لم يبادروا إلى تقديم خطة عمل للنهوض بالاقتصاد الوطني، وطالبوا باعتماد نظام اقتصادي مقاوم يكرّس نجاحات الدولة في الجانب العسكري وتحرير الأراضي من سيطرة المجموعات الإرهابية.
كما شن الأعضاء هجوماً على المضاربين بسعر صرف الليرة مقابل الدولار، مستغربين كيف تموّل الدولة المستوردين بالقطع الأجنبي، مع العلم أن القطع الأجنبي في حيازة التجار أساساً، ودعوا إلى إيجاد آلية لتشريع التعامل في القطع الأجنبي بالسوق المحلية، لأن المستفيد من ارتفاع سعر الصرف هو التاجر، ويترافق ذلك مع تضخم للأسعار.
ودعوا الفريق الاقتصادي إلى وضع خطة للتحكم بسعر صرف الليرة مقابل الدولار ووضع ضوابط صارمة لمنع التلاعب بأسعار المواد الغذائية وإعادة العمل بالمحاكم الاقتصادية، والتوجّه نحو مكافحة احتكار تاجر واحد لاستيراد مادة وفتح الاستيراد للجميع، ووضع نظام لاستفادة الدولة من الحوالات الآتية من الخارج، ومكافحة ظاهرة بيع إجازة الاستيراد بالسوق السوداء، والاستفادة من تصدير السيارات لدولة العراق، وتحرير دولارات الايداع لتأمين العملة الصعبة في السوق، ما يؤدي إلى وقف الاعتماد على السوق السوداء. وأكدت المداخلات على النهوض بالواقع المعيشي وتأسيس علاقة وطيدة بين التاجر والدولة، والورش والمعامل في الريف، وضبط الأسعار وإحياء المؤسسة العامة للتجارة بتوزيع المواد عبر البطاقة التموينية، الأمر الذي يجبر التجار والباعة على تخفيض الأسعار، كما أشارت إلى ضرورة وضع استراتيجية وطنية لزراعة القطن، ومعالجة ارتفاع أسعار الأعلاف واللحوم والحليب، ودعم مربي المواشي والاهتمام بإقامة معارض للصناعات الوطنية في دول أمريكا اللاتينية بسبب وجود ملايين المغتربين فيها، والعمل على التواصل مع المغتربين وتشجيعهم وتقديم تسهيلات لهم للاستثمار في سورية، وزيادة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتخفيض نسبة الفوائد الكبيرة التي تتقاضاها المصارف والتي تزيد عن 15%، وإيجاد آلية معينة لتحفيز المستثمرين من خلال تبسيط الإجراءات وتقليص المدة الزمنية لتأسيس الشركات، ومكافحة التهريب.
وأشار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل إلى أن سياسة الوزارة تعتمد على أربعة محاور أساسية، يتعلق الأول بالتجارة الخارجية والثاني بالسياسات الاقتصادية العامة المتعلقة بقطاعات الإنتاج والثالث بالسياسات الاستثمارية والرابع بسياسات التعاون الدولي.
وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية، أوضح أنها من حيث التنظيم هي أكثر المراحل شفافية على مستوى تحديد المواد المسموح باستيرادها، وهي لجميع المستوردين دون استثناء ودون سقوف، وفق شروط محددة وآلية موحدة، وأنه يجري الآن مراجعة للدليل التطبيقي الالكتروني الموحد لإجازات وموافقات الاستيراد بهدف العمل على تخفيف استيراد المنتجات التي يوجد لها مثيل محلي وتعزيز قدرة التجارة الخارجية على تحقيق متطلبات الاقتصاد الوطني ودفع عجلة الإنتاج، لافتاً إلى أن سهيكل المستوردات السورية مبني على معايير بحيث لا يمكن السماح باستيراد أي مادة كمالية في سورية خاصة في هذه الفترة حيث تلجأ كل الدول في فترات الحرب إلى الاقتصار على الضروريات وحماية الإنتاج المحلي وهذا ما تسعى إليه الوزارة من خلال دليل الاستيراد، منوهاً بأن كل الكماليات ونظير كل ما ينتج محلياً هي ممنوعة من الاستيراد.
وفي شق التصدير، أكد أن العمل جارٍ على تنفيذ الخطة الوطنية للتصدير بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية، حيث شخصت هذه الخطة كل معوقات التصدير والحلول اللازمة لها وللتفكير استراتيجياً قبل البدء بأي صناعة أو زراعة، وانتهاءً بعملية التصدير وتوفير القطع الأجنبي الناتج عن هذه العملية، مضيفاً: إنه على مستوى سياسات الاقتصاد الخارجية العامة التي تعنى بها وزارة الاقتصاد كان التركيز في الفترة الماضية على توفير متطلبات الإقلاع بالقطاعين الصناعي والزراعي ما يفرض وجود نهج من البرامج والسياسات الهادفة للإقلاع السريع بهذه القطاعين وتحقيق التعافي بهما، وإن أحد هذه البرامج هو برنامج إحلال بدائل المستوردات وتم إنجاز المرحلة الأولى منه وهي عبارة مراجعة لـ 40 مادة أساسية ذات الفواتير الأعلى في فواتير الاستيراد، وأن هدف البرنامج تخفيف الاستيراد وتخفيف استنزاف القطع الأجنبي وتحقيق فرص تشغيل وتوفير المنتجات المحلية دون عوائق من الدول الأخرى ناجمة عن عقوبات اقتصادية، وبدأت الوزارة بمرحلة أخرى هي مراجعة لـ 40 مادة إضافية بمستوى أدنى من حيث قيم الاستيراد إضافة لبرنامج معني بالقطاع الخاص لدعم فوائد القروض والمشاريع الإنتاجية وبالتزامن مع برنامج إحلال بدائل المستوردات.
وفيما يتعلق بالسياسات الاستثمارية، أشار إلى مراجعة الإطار التشريعي الحاكم للاستثمار في سورية كالمرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2007 وتم إعداد مشروع قانون للاستثمار واعد ومهم جداً وتمت صياغته بما ينسجم مع التشريعات الموجودة، وسيعرض خلال فترة قريبة على مجلس الشعب، ويتم التعاون مع هيئة الاستثمار لتبسيط الإجراءات بما يحسن من بيئة العمل في سورية.
وفيما يخص التعاون الدولي، أكد أن الوزارة تعمل بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين وهيئة التخطيط والتعاون الدولي على الترويج للاستثمار في سورية وتحقيق بعض المزايا للمنتجات السورية عند تصديرها، واستيراد منتجات بأقل عوائق ممكنة ورسوم جمركية، وتأمين احتياجات سورية من الدول الصديقة.