دراساتصحيفة البعث

أردوغان يفتح صندوق باندورا في ليبيا

 

ترجمة: البعث
عن موقع غلوبال ريسيرش 4/12/2019
تتصاعد التوترات في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​بسرعة بعد أن التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مسؤولاً ليبياً من حكومة الوفاق الوطني في أنقرة الأسبوع الماضي، حيث اتفق الطرفان على منطقة اقتصادية تخترق المياه اليونانية والقبرصية، وهو ما يشكّل انتهاكاً لقانون اتفاقية الأمم المتحدة للبحار (UNCLOS).
وفي الشهر الماضي قام الجيش التركي أيضاً باستفزاز اليونان عبر المناورات البحرية مع باكستان، حيث تمّ انتهاك المجالين الجوي والبحري اليوناني والقبرصي مرات عدة، وهذا بالتأكيد يدلّ على أن تركيا تعزّز تحالفاتها لفرض هيمنتها الكاملة على شرق البحر المتوسط لاستغلال ثروات الغاز والنفط الغنية في المنطقة.
في السابق تحدّت تركيا القانون الدولي عبر غزو غير قانوني لشمال قبرص وسورية، أما الآن فقد فتحت مستنقعاً جديداً ربما لم يكن أردوغان يتوقعه. مع تدمير الناتو لليبيا في عام 2011، والذي شاركت فيه كل من اليونان وتركيا، كان البلد يعاني من أزمات داخلية، حيث خرجت قوتان رئيسيتان من الفوضى هما الجيش الشعبي الوطني المتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين، والجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر.
إن الاتفاق التركي مع حكومة الوفاق الوطني غير مفاجئ، لأن تركيا لديها تاريخ طويل في دعم الإخوان المسلمين، وبذلك يكون أردوغان قد فتح صندوق الباندورا في ليبيا، والذي سيؤدي بالتأكيد إلى نتائج عكسية ضده، وسيرى بعينيه تفكيك الجيش الشعبي الوطني بعد أن أصبحت حكومة الوفاق الوطني الآن معزولة منذ أن أقسمت المملكة السعودية والإمارات المتحدة ومصر على دعم الجنرال حفتر بالأسلحة والمال، كما أن من أحد الأسباب الرئيسية لهذا الدعم الجديد لـ حفتر هو أن اليونان وقبرص ومصر في تحالف إقليمي استراتيجي لحماية مصالحهم الاقتصادية ضد العدوان التركي.
مؤخراً طلب وفد من الدبلوماسيين الأمريكيين من حفتر أن يوقف العمليات العسكرية، لكن حفتر رفض ذلك، وزاد على ذلك وزير خارجية حفتر بالقول إن الولايات المتحدة مخطئة بعد أن أصبحت ليبيا ساحة ضخمة لتسوية الحسابات بين القوى الإقليمية، وهذا صحيح إذا اعتبرنا أن السعوديين والإماراتيين والمصريين يدعمون الجيش الوطني الليبي، بينما الأتراك والقطريون يدعمون حكومة الوفاق الوطني.
بدلاً من الالتزام بالقانون الدولي، وقّع أردوغان مع حكومة الوفاق الوطني اتفاقية غير قانونية شرق البحر المتوسط، ومقابل ذلك منحت اليونان حكومة الوفاق الوطني الوقت للتراجع عن اتفاقها مع تركيا، لكن شيئاً لم يحصل. على الرغم من أن اليونان لاعب ثانوي على الساحة الدولية، إلا أنها تتمتّع بنفوذ كبير في شرق البحر المتوسط، ​​وسوف تستخدم آليات حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي لإقناع الدول الأعضاء بسحب اعترافها بحكومة الوفاق الوطني، وهذا لن يؤدي إلا إلى مزيد من عزل تركيا.
لذلك من المتوقع أن يدفع الاتفاق التركي اليونان لدعم الجيش الوطني الليبي، وعلى أقل تقدير، ستستخدم الثلاثية السعودية الإماراتية المصرية العدوان التركي في شرق البحر المتوسط كذريعة لدعم الجيش الوطني الليبي أيضاً. وبوجود سيف القذافي، الابن الثاني لمعمر القذافي، الذي أعلن أيضاً عن دعمه لحفتر، هناك احتمالات بأن تواجه حكومة الوفاق الوطني العديد من الضغوط من حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والتحالف السعودي الإماراتي ومن حفتر وأنصار القذافي.
صحيح أن محاولات أردوغان اليائسة للهيمنة الإقليمية قوبلت أولاً بالتصفيق على الصعيد المحلي، لكن يبدو أنه فتح صندوق باندورا في ليبيا، ومن المحتمل أن يأتي بنتائج عكسية عليه الآن.