الذكرى السبعون لحلف الناتو.. عيد ميلاد طفل ميت سريرياً
ترجمة: عائدة أسعد
عن موقع غلوبال ريسيرش 7/12/2019
انتهى مؤتمر لندن للناتو الذي استمر يومين بمشاركة زعماء الدول الأعضاء في الحلف بمناسبة الذكرى 70 لتأسيسه. وبالقول إن المؤتمر شكّل أزمة للناتو قليل عليه، إلى درجة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألغى المؤتمر الصحفي في نهاية القمة قائلاً رسمياً إنه كانت هناك إحاطة إعلامية كافية خلال المؤتمر، ولكن يبدو أن ذلك منع من مصداقية نقل أجواء المؤتمر بين حلفاء الناتو وشركائهم. لقد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بداية المؤتمر أن الناتو “ميت سريرياً”، فوصفه ترامب بأنه “غير محترم”، وقال إن هذه التصريحات لم تكن غير لائقة فحسب، ولكنها كانت وقحة. كان ترامب أكثر انتقاداً لماكرون.
كان الخاسر الواضح في هذا الحدث هو ترامب وحلف شمال الأطلسي، وبالطبع دمية ترامب في الناتو جينس ستولتنبرغ الذي ترأس الناتو منذ 2014 وهي أطول خدمة لرؤساء حلف الناتو على مدار التاريخ الحديث. وهنا يتساءل المرء: أليس من المفترض أن تكون أفكار ستولتنبرغ، وهو السياسي النرويجي المحترف، وليدة عقله فلماذا يناضل من أجل قضية خاسرة؟. إن ستولتنبرغ يعرف أن روسيا والصين ليسا أعداء للغرب وأنهما أعداء اخترعتهما واشنطن، لأن الإمبراطورية تحتاج دائماً إلى عدو لمواصلة التحريض على الحروب والصراعات ومكافحتها.
في عصرنا النيوليبرالي يكون القتل مفيداً للأعمال التجارية ولأولئك الذين ينحرفون نحو عالم الفاشية الجديدة، وفي الواقع يعدّ القتل أكبر عمل منفرد في العالم الغربي، فهل يمكننا أن نتخيّل أن حلف الناتو مؤسسة للقتل وهل فكرنا في ذلك؟. فمن أجل الحفاظ على هذه الحرب الأبدية على الإرهاب التي تدعم الاقتصاد الأمريكي نحتاج دائماً إلى هجوم إرهابي مزيف لإبقاء الخوف على قيد الحياة، والحفاظ على تدفق الأسلحة وإنتاج الأسلحة قيد التشغيل، وللحفاظ على الإساءات التي ترتكبها الشرطة والجيش والوحشية والقمع حتى نكون تحت السيطرة العسكرية الكاملة، لدرجة أنه لا يلزم إعلان حالة الحصار، فذلك يحدث تلقائياً. وفي الواقع لأن الناس يخافون من الإعلام الكاذب المستمر يطلبون ذلك، والمدان يطلب من الجلاد أن يراقبه وهذا هو المكان الذي انتهى بنا.
والسؤال: هل أولئك الذين يواصلون نشر قوات حلف الناتو والدفاع عنه بلا عقول كي يوصلونه إلى “موت سريري”؟!.
ليس بالضرورة، لأن المروجين والمدافعين عن الناتو لديهم أجندة واضحة- أو جداول عدة، وواشنطن مقرها وهي التي توجّهها، لكن أوروبا موّلت الناتو دون أن تخدم أياً من الأغراض التي تصدّقها وتؤمن بها، وذلك كونها قوة دفاعية ضد أخطار روسيا التي تغزو أوروبا، وحديثاً لأن هذه الحجة خدمت غرضها تدريجياً تخلّص منها معظم أعضاء حلف شمال الأطلسي، كما أن حلف الناتو هو أيضاً محرّك دفاع ضد الصين المتطورة بسرعة- الصين التي أثبتت حالياً أنه لا معنى للناتو، لأنها هي الدولة الأكثر سلمية وتسعى للتعاون مع الغرب من دون حرب أو صراع.
لقد آن الأوان أن يستيقظ الأوربيون، فروسيا والصين تريدان صداقة أوروبا وإقامة علاقات تجارية، وهما سلميتان، وفي الحقيقة أوروبا ليس لديها أعداء، وإنما تمّ خلق أعداء لها لتبرير الحرب والقتل واختراع الأسلحة للدمار، وواشنطن هي الخطر الواضح والحالي ليس فقط لأوروبا إنما للعالم بأسره، وخلق واشنطن للأعداء يقود إلى ناتج اقتصادي يعتمد على القتل والدمار، فما هذا الوضع الذي نعيشه.. ألم يحن الوقت كي نستيقظ ونقتل الناتو؟!.