موزعو الغاز “يتذاكون” على البطاقة الذكية فساد وتلاعب من الموظفين إلى المشرفين ..بمعية المعتمدين!!
لم يعد الحديث عن أزمة المحروقات يجدي نفعاً عند أصحاب القرار، في ظل تذرعهم بالحصار الاقتصادي ونقص المادة و..و.. ، إضافة إلى زيادة الطلب خلال هذه الفترة، ومع إدراك المواطن ويقينه بكل ما ذكر من أسباب، يبقى الجزء المفقود في ضعاف النفوس وغياب الرقابة عن المتلاعبين والمحتكرين والمتاجرين بمادتي “المازوت والغاز”.
فلسان حال المواطن الذي يقضي يومه بالكامل باحثاً عن أسطوانة غاز، آملاً باتصال من موزع المازوت لكي يحصل على 100 ليتر فقط والتي لا تكفيه أياماً وخاصة في مناطق الريف الباردة، يقول “الرمد خير من العمى”.
سوق سوداء
ومع ذلك يستغرب مراقبون بقاء حالات التلاعب والمتاجرة بالمادة، ولاسيما مع تطبيق البطاقة الذكية التي من أساس إحداثها منع التلاعب، لكن على ما يبدو لم تكن البطاقة أذكى من المعتمدين والموزعين، فعندما تغيب مادة الغاز بالشكل النظامي وتتوافر في السوق السوداء وبكميات كبيرة يصل سعر الأسطوانة إلى 8 آلاف ليرة، في الوقت الذي يتغنى المعنيون بإنجاز البطاقة الذكية التي حدت من الفلتان والسوق السوداء حسب زعمهم.
ولم يخفِ عضو مجلس محافظة دمشق زياد الزايد حصوله على أسطوانة بالسعر الحر بـ7 آلاف ليرة بسبب صعوبة تحصيلها عبر البطاقة الذكية، متسائلاً كيف وصلت كميات كبيرة من الغاز إلى السوق السوداء، في حين المفروض وجود قوائم نظامية اسمية وجداول متطابقة بين الكميات الموزعة وعدد البطاقات المسجلة، ليؤكد أغلب أعضاء المجلس ضرورة إلغاء 5% من مخصصات المعتمدين التي فتحت باباً واسعاً للفساد، علماً أن النسبة المذكورة تعطى تحت مسمى “توالف”، إلا أن موزعي الغاز يعلمون جيداً كيف يتعاملون مع هذه النسبة في حال وجدت، وذلك من خلال بيع الأسطوانات التالفة لمحال تعبئة “بوابير” الغاز الصغيرة؛ مما يجعل بعض المعتمدين يصطادون بالماء العكر واللعب بالكمية المحددة وبيعها بالسعر الحر.
تعطيل أم معطل
ولم يقف الفساد عند هذه الحالة، بل وصل إلى مراكز التوزيع للمعتمدين، حيث دخلت “البعث” إلى قلب المعترك واستمعت إلى شكاوى بعض الموزعين الدراويش – كما وصفوا أنفسهم – متهمين بعض موظفي الغاز بالتلاعب بالأدوار أثناء التحميل، وإعطاء الأولوية لمن يدفع أكثر أو لديه “واسطة أكبر” حسب تعبيرهم، وزاد المعتمدون على كلامهم بالسماح لمعتمدين “مدللين” بالتحميل أكثر من مرة، في حين هناك معتمدون ينتظرون لأكثر من يوم في المركز من أجل الحصول على حمل.
وفي عملية استقصائية حول تنظيم الأدوار وخاصة مع وجود أجهزة الحاسوب والأتمتة لضبط عملية العدالة في التوزيع، لنكتشف أن التحميل يتم ورقياً، والدور الإلكتروني معطل من دون معرفة الأسباب، ومن وراء تعطيلها.
ومن أجل الوقوف على حقيقة ما ذكر لم نوفق بالحصول على إجابة مدير فرع الغاز في دمشق وريفها نائل العلاف، كونه لم يرد على اتصالاتنا ورسائل موثقة بالاسم والعمل وغاية الاتصال، لنستغرب تصرف مدير الغاز الذي يدير ظهره للإعلام؛ مما يترك إشارات استفهام وتعجب حول ما يحصل في مراكز التوزيع.
تغّيب “الأعضاء”
ومع همسة العتب على مدير الغاز عدنا إلى تصريحاته أثناء حضورنا مجلسي محافظة دمشق وريفها، حيث عزا العلاف عدم العدالة في توزيع الغاز لبعض المعتمدين إلى نقص المعتمدين في عدد من المناطق؛ مما يضطرهم إلى زيادة مرات التحميل للموزع نفسه كي يغطي المنطقة، موضحاً أن الاختناقات ناتجة عن زيادة الضغط على الغاز، وانخفاض في الكميات الواردة، حيث يتم توزيع ما بين 25 ألفاً إلى 40 ألف أسطوانة يومياً، علماً أن ريف دمشق وحدها تحتاج إلى كمية 25 ألف أسطوانة يومياً، مبيناً أنه يتم توزيع مابين 13 إلى 20 ألف أسطوانة يومياً لريف دمشق.
وطالب أعضاء في مجلس محافظة ريف دمشق بتفعيل دورهم وتكليفهم بالإشراف على توزيع الغاز حسب جداول منظمة في دوائرهم الانتخابية، وذلك أسوة بأعضاء مجلس دمشق، حيث يوزع أعضاء مجلس محافظة دمشق على مناطق المدينة والإشراف على التوزيع؛ مما يحد من عمليات التلاعب وتحكم الموزعين، كما يحصل في ريف دمشق.
بمنتصف الليل
ويتهم مواطنون في ريف دمشق موزعي الغاز بالفساد المعلن كما يقال “على عينك يا تاجر”، وللأسف بالتواطؤ مع بعض ضعاف النفوس من الجهات المعنية، مستغربين توقيت التوزيع في أغلب الأحيان بمنتصف الليل أو الساعة 5 صباحاً؛ مما يفقد عدداً كبيراً من المواطنين فرصة الحصول على أسطوانة الغاز.
ولم يخفِ موزعون معاناتهم مع بعض الجهات المعنية والمشرفة على توزيع الغاز للمواطنين؛ وذلك من خلال حجز حصتهم من الأسطوانات قبل المواطنين؛ مما يقلل الكمية المحملة ويزيد الازدحام والفوضى على سيارات الغاز.
وحول بيع الزائد لأسطوانة الغاز والتوزيع بأوقات غير مناسبة، اعتبر مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق لؤي السالم أن المديرية تقوم من خلال دوريات الرقابة المنتشرة في مناطق المحافظة بضبط عمليات التوزيع، حيث تم تنظيم 36 ضبطاً بسبب الزيادة بالسعر، وذلك من بداية الشهر الحالي لغاية الآن، إضافة إلى تلقي الشكاوى ومعالجتها بالسرعة الكلية وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين.
ودعا السالم إلى ضرورة تعاون المواطن وتفعيل ثقافة الشكوى، وممارسة الرقابة الشعبية والإبلاغ عن أي موزع يقوم بارتكابات مخالفة.
إعطاء الأولوية
وعن دور السورية للتجارة في المساهمة بتخفيف الأزمة أوضح مدير السورية للتجارة في ريف دمشق أحمد حناوي أن سيارات المؤسسة توجد في كل مكان يعاني اختناقات بالغاز، وذلك حسب الطلب من الوحدات المحافظة، آملاً من القائمين على فرع الغاز زيادة التعاون مع المؤسسة، وإعطاء الأولوية في التحميل لسيارات السورية للتجارة قبل معتمدي الخاص.
تصريحات مسكنة
ومع نهاية القول يأمل المواطن من وزارة النفط أن تصدق تصريحات مسؤوليها حول انفراج أزمة الغاز خلال أسبوع، والتي اعتاد المواطن عليها كمسكن لمعاناته في السنوات الماضية الأخيرة، وخاصة مثل هذه الفترات، إضافة إلى ضرورة تشديد الرقابة وتعاون كافة الجهات من أجل ضبط توزيع المادة لكي تصل لجميع المواطنين.
علي حسون