سر هز الفنجان بالقهوة العربية
تحظى القهوة العربية بمكانة متميزة عند أبناء الجولان؛ تكاد تبلغ مرتبة القداسة وصناعة القهوة وتقديمها للضيف غاية الكرم والاحترام والتقدير ,إذا أولَمَ صاحب البيت جَزوراً أي ناقة سمينة وقدّمها لضيوفه بدون القهوة العربية، فهو لم يقم بالواجب كما يرام، ويذمّون فعلته، ويشككون fجوده وإكرامه لضيوفه، فالقهوة هي التحية والسلام الذي نستقبل بها ضيوفنا هاشين باشين، ونودعهم أيضاً بفوحها الذي لا يدانيه عطر. كما أن أنغام الجُرُن أي المهباج عندما يعانق القهوة طحناً دعوة للاجتماع والسهر والفرح كانت يوماً. وافتخروا بصوت الجرن مغنين: والبارحة رحت أني جَرّاش/ ع الفريجة الشمالية.. جُرُن أبو علي ع الصبح شواش/ لو كنت تايه يدليني، وغنوا لدلال القهوة: يا رقاب الوز يا دلال أبوها/ من بنات العز تمشي مع أخوها.
وتتألف أدوات صنع القهوة العربية من الظبية. المحماسة. المهباج. الدِّلال جمع دلة. الفناجين. وكان الكرام يفتخرون بجمال وسعة دلال القهوة وكثرتها. ومن أهمية القهوة بإكرام الضيف، يجب على صاحب المنزل (المُعَزِّب) أن يُجدد القهوة عند قدوم الضيف، ولو أنه صنعها تواً. ولصب القهوة تقاليد لا تخرق ويجب مراعاتها، فهي تُقَدم أولاً لسيد القوم فالكريم فالفارس فصاحب الرأي الراجح ثم لبقية الحضور. وتقدم القهوة باحترام شديد، وتستقبل الفناجين من مُحتَسيها باحترام جمّ أيضاً. ويتم صبّ ثلاثة فناجين متوالية في المرة الأولى، تدعى فناجين: الضيف والسيف والكيف. وعندما يكتفي الضيف يهز الفنجان بمحبة واحترام. والسر في هز الفنجان أن شيوخ القبائل قديماً، كانوا يختارون من يصب القهوة من الصمّ والبُكمّ، كي لا يسمع الأحاديث الهامة السرية التي تدور بمجلس القبيلة. لذلك يهزون الفنجان ليعرف الأصم الأبكم عدم رغبتهم باحتساء المزيد من القهوة. ومع الزمن أصبح هزّ الفنجان عرفاً سائداً وتقليداً متبعاً ليومنا هذا.
محمد غالب حسين