التحديات الإقليمية والدولية لإحكام السيطرة على المنطقة العربية ومواردها
دمشق- صلاح الدين إبراهيم:
أقامت وزارة الثقافة، أمس، ندوة فكرية بعنوان “التداخلات الإقليمية والدولية واختلاف المشروعات السياسية ودورها في محاولة تصديع الهوية الوطنية”، وذلك في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة في دمشق، حيث حمل اليوم الأول عنواناً بارزاً: “التحديات الدولية والإقليمية لإحكام السيطرة على المنطقة العربية ومواردها”، تحدّث العميد أمين حطيط عن “حماية الهوية الوطنية من التصدّع بفعل التدخلات والمشاريع الأجنبية.. المشروع الخليجي أنموذجاً”، مؤكداً أن الهوية الوطنية هي مفهوم ذو أبعاد سياسية وقانونية واجتماعية تضمن التعيّن والانتماء والارتباط، وهي نتاج تطوّر حالة واقعية عارضة، تشكّلت إرادياً أو قسرياً، بتأثير الحاجة، ثم تطوّرت إلى واقع قانوني إرادي، محدّداً العناصر الضرورية المؤسسة للهوية الوطنية بـ: الجغرافيا، التاريخ، المصالح المادية والاقتصادية المشتركة، إرادة العيش المشترك، الخطر المشترك المحدق، مشيراً إلى أن هناك عناصر تكميلية مؤثّرة مثل النسب ورابطة القربى، والتي هي مدخل لتشكيل الجماعة، واللغة المكتوبة والمحكية، والمعتقدات والدين، والتراث الفكري والقيم بتنوعها، والنظم والعلاقات الاجتماعية، وأشار إلى أن التدخل الخارجي والمشاريع الأجنبية، التي تستهدف الوطن وجوداً ووظيفة، هي عوامل سلبية ضد الهوية الوطنية لما تشكّله من خطر عليها.
ولفت حطيط إلى المشروع الخليجي، وخطره على الهوية العربية، وأضاف: إن الخليج 6 كيانات سياسية لا يملك بعضها مقومات الدولة بالمفهوم الحقيقي للدولة، وقد أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية، وتمّ إيلاء الحكم فيها إلى عائلات أوكلت إليها حراسة الثروة النفطية لديها لصالح الغرب، مشيراً إلى أن المشروع الخليجي عمل على ضرب الدول العربية القوية المركزية ذات الموقع الريادي في قيادة الأمة العربية، وتهميش دورها في العمل العربي المشترك، مثل مصر وسورية والعراق والجزائر، ومنع تشكيل موقف عربي مشترك مناهض لأمريكا والصهيونية، واختلاق عدو وهمي يكون بديلاً عن العدو الحقيقي المتمثّل بالكيان الصهيوني.
من جهته، تطرّق الدكتور بسام أبو عبد الله إلى “الدور التركي ومحاولة إحياء السلطنة العثمانية”، مشيراً إلى أن تركيا جار يشغل حيزاً من الجغرافيا المشتركة، ولا تزال بعض تقاليد الدولة العثمانية، الدينية والشعبية، حاضرة في أوساط المجتمع التركي حتى الآن، لكن المشروع العثماني، والذي لم يخلّف سوى الدمار وتخلف المنطقة عن ركب الحضارة لأكثر من 400 عام، يظهر بقوة اليوم عبر أردوغان المهووس بالعثمانية، والذي دعم الجماعات الإرهابية والميليشيات في سورية والوطن العربي لتحقيق أوهامه في أن يصبح خليفة عثمانياً.
وفي الجلسة الثانية، تناول المستشار الثقافي الإيراني صالحي نيا “مشروعنا في مواجهة مشاريعهم لإحياء هويتنا الحضارية”، مشيراً إلى أن المشاريع الغربية تهدف إلى تفتيت المنطقة خدمة للمشاريع الغربية والصهيونية، مثل: “الشرق الأوسط الكبير والشرق الأوسط الجديد”، ومن قبلها اتفاقية سايكس بيكو، ليكون هدفها تدمير حضارتنا، وتشويه الصورة الحضارية للمنطقة، لافتاً إلى أن شعوب المنطقة تمتلك إرثاً حضارياً يعود لآلاف السنين، ولذلك فهي قادرة على مواجهة تلك المشاريع، والتي تستهدف الهوية الوطنية بهدف إضعافها، وإثارة الهويات الطائفية والإثنية، ولذلك علينا إيجاد البدائل من خلال تنسيق الجهود لدول محور المقاومة، عسكرياً وسياسياً وثقافياً.
وفي حديثها عن “الدور الروسي والصيني في فتح آفاق جديدة في النظام العالمي واستيعاب التدخلات التركية والأمريكية والخليجية”، أشارت د. أشواق عباس إلى أن هذا الدور كان مهماً في التصدي للإرهاب العابر للقارات، وإعادة موازين القوى للعالم.