وثائق جديدة تنسف بالكامل رواية “حظر الكيميائي” المزورة عن هجوم دوما “دواعش أردوغان” يشنون حملة اعتقالات واسعة في قريتي المدان ومبروكة
واصلت قوات الاحتلال التركي ومرتزقته من المجموعات الإرهابية أعمالها الإجرامية بحق الأهالي في منطقة الجزيرة السورية، حيث شنت حملة اعتقالات وخطف بحق المدنيين في ريف رأس العين بمحافظة الحسكة، فيما كشفت صحيفة ديلي ميل البريطانية وثائق جديدة تثبت تلاعب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتقرير النهائي حول الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما في نيسان من عام 2018 وإجراءها تغييرات كبيرة في أدلة المحققين الميدانيين، مشيرة إلى أن مسؤولاً رفيع المستوى في المنظمة أمر بإخفاء وثيقة مهمة تقوّض المزاعم التي بثت حول استخدام الجيش العربي السوري للسلاح الكيميائي.
وفي التفاصيل، اقتحمت مجموعات إرهابية تابعة لقوات الاحتلال التركي المنازل في قريتي المدان ومبروكة بريف رأس العين، وقامت باختطاف عشرات المدنيين، وقامت التنظيمات الإرهابية بابتزاز ذوي المختطفين، وطلبت فدية مالية مقابل إطلاق سراحهم.
وفي سياق متصل، ذكر مراسل سانا أن 20 سيارة حديثة نوع ميتسوبيشي، دخلت صباح أمس، عبر قرية السكرية الحدودية تحمل على متنها أكثر من 300 إرهابي من مرتزقة الاحتلال التركي، وانتشروا بقرى مريكيز وجان تمر شرقي التابعة لناحية أبو راسين، وقاموا بإنشاء نقاط تثبيت فيها، ورفعوا أعلاماً ورايات ما يسمى جيش الإسلام الإرهابي.
وتأتي جرائم قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها في سياق أعمالها الإرهابية الممنهجة للضغط على الأهالي لإجبارهم على ترك منازلهم بغية إحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة، وإسكان الإرهابيين المدعومين من النظام التركي في المنطقة، حيث قام خلال الأسابيع القليلة الماضية بنقل مئات الإرهابيين مع عائلاتهم إلى مدينة رأس العين، وإسكانهم في منازل المدنيين.
يأتي ذلك فيما حصلت صحيفة ديلي ميل البريطانية على التقرير الداخلي الأصلي الذي أعده فريق تقصي الحقائق حول الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما قبل أن يخضع لرقابة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وإجراء تعديلات كبيرة فيه، مبيّنة أن التقرير الأصلي يختلف بشكل كبير عن كل النسخ التي صدرت لاحقاً عن المنظمة بهذا الخصوص، وأوضحت أن التقرير النهائي للمنظمة يزعم وجود “أسس معقولة” لاستخدام غاز الكلور في دوما، لكن أحد المخبرين في المنظمة يؤكد زيف هذه المزاعم قائلاً: إنه “تمّ العثور على كميات ضئيلة فقط من الكلور بأشكال يمكن أن توجد في أي منزل”. وأشارت الصحيفة إلى أن التقرير الأصلي لفريق تقصي الحقائق أبدى أيضاً، وللمرة الأولى، شكوكاً حول مصدر الأسطوانات التي استخدمت في الهجوم المزعوم بدوما، مبيناً أن الضرر البسيط الذي ظهر على هذه الأسطوانات لا يتسق مع مزاعم إسقاطها من الجو مقارنة مع الدمار الذي سببته بسقوطها فوق أسقف مشيدة بالإسمنت المسلح، كما شكك التقرير الأصلي بمصدر الأسطوانة التي وجدت ملقاة على سرير في أحد المواقع دون وجود أدلة على اختراقها السقف، ولفتت إلى أن مسودة التقرير التي أعدها المفتشون في فريق تقصي الحقائق عقب زيارتهم موقع الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما تشير إلى عدم اتساق الصورة التي نشرت لضحايا الهجوم المزعوم مع المزاعم باستخدام غاز “السارين” الذي قيل إنه استخدم، كما لم تظهر العينات المأخوذة من الموقع أي وجود لهذا الغاز.
وحول الأعراض التي ظهرت على ضحايا الهجوم المزعوم، أشارت الصحيفة إلى أن التقرير الأصلي شكك بارتباطها بمزاعم استخدام غاز “السارين”، وهذا ما أكده خبراء في مجال السموم ممن استشارهم فريق تقصي الحقائق خلال زيارة له إلى ألمانيا في حزيران عام 2018، وخلص الفريق نتيجة لذلك إلى تفسيرين محتملين فيما يتعلق بصور الضحايا المزعومين: “الأول هو أنهم تعرضوا لعنصر كيميائي آخر شديد السمية أدى إلى ظهور الأعراض التي لوحظت ولم يتم اكتشافه حتى الآن.. أما التفسير الثاني فهو أن حوادث الوفاة نتجت عن حادث لا يتعلق بالمواد الكيميائية.. وليس هناك دليل على وجود أي هجوم كيميائي أصلاً”.
وقالت الصحيفة: إن التقرير الأصلي دعا إلى إجراء مزيد من الدراسات لإيضاح ما ورد فيه من شكوك ووقائع ليس لها تفسير منطقي، وإحدى هذه الدراسات أجراها ايان هندرسون المفتش المخضرم في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والمهندس الكيميائي المختص ذو الخبرة العسكرية الذي زار موقع الهجوم المزعوم في دوما، وشكك في مزاعم إلقاء أسطوانات الغاز من الجو، وأضافت: إن هندرسون خلص في نهاية دراسته، وبعد مشاورات مع خبراء آخرين، إلى وجود “احتمال كبير بأن الأسطوانتين اللتين تم العثور عليهما وضعتا بشكل يدوي، ولم يتم إلقاؤهما من الجو”.
ورأت الصحيفة أن ما يثير الدهشة أكثر من كل الحقائق التي ذكرت في التقرير الأصلي هو أفعال مسؤول كبير في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم تعرف هويته حتى الآن، لكنه يعرف باسم “فولديمورت” بين موظفي المنظمة، مشيرة إلى أن هندرسون طلب أن يتم تضمين ما توصل إليه من نتائج في بحثه بالتقرير النهائي للمنظمة، لكن بعد أن تبين له أنه سيتم استبعاد هذا البحث قام بحفظ نسخة منه في أرشيف سجل الوثائق كإجراء طبيعي في حال وجود وثائق سرية، لكن المسؤول المعرف باسم فولديمورت أمر بإزالة كل الآثار المتعلقة ببحث هندرسون وحذفها بشكل نهائي من الأرشيف.
ولفتت الصحيفة إلى أن بحث هندرسون لم يكن الوحيد الذي تم حذفه من التقرير النهائي، فهناك أيضاً دليل مفصل في التقرير الأصلي تم حذفه أيضاً واستبداله باقتباسات من شهود تم انتقاؤهم دون تقديم أي من الحقائق التي توصل إليها فريق التقصي، وأوضحت أنها اطلعت على مذكرة داخلية في منظمة الأسلحة الكيميائية بيّنت أن عشرين خبيراً في المنظمة أعربوا عن قلقهم من أن التقرير النهائي الذي صدر لا يعكس وجهات نظر المفتشين الذين قاموا بزيارة موقع الهجوم المزعوم في سورية، وشككوا بوجود تلاعب بالأدلة والمعلومات التي وردت في التقرير.
ومن بين هؤلاء الذين انتقدوا تقرير المنظمة النهائي أحد الخبراء الذين شاركوا في بعثة تقصي الحقائق، ووجّه بدوره رسالة سرية إلى مدير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيرناندو ارياس، أكد فيها بحسب موقع ويكيليكس الإخباري وجود خلل كبير في تقرير المنظمة النهائي، وعدم اتساقه مع النتائج التي توصل إليها فريق المحققين.
وأكد الخبير الذي لم تكشف هويته أن تقرير المنظمة حول الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية في دوما عام 2018 لا يعكس وجهات نظر جميع أعضاء فريق الخبراء الذين تم إرسالهم إلى دوما، مشيراً إلى أن الطلب الذي قدّمه نيابة عن هؤلاء الخبراء لتلقي جميع التحديثات حول ما يتم إحرازه من تقدّم بهذا الشأن، ومراجعة مشروع تقرير بعثة تقصي الحقائق قوبل بالرفض. وأوضح الخبير أنه تمّ استبعاده من العمل في فريق تقصي الحقائق بعد أسابيع من إعطائه مهمة تحليل وتقييم المقذوفات الخاصة بالأسطوانتين اللتين تم العثور عليهما في دوما دون وجود أي أسباب واضحة، لكنه أصر على إكمال تحقيقاته الخاصة، ووضع تقريراً دمج فيه ملاحظات أعضاء فريق تقصي الحقائق، وحاول تقديمه إلى رئيس الفريق دون جدوى، فما كان منه إلا أن حفظه في أرشيف سجل الوثائق.
وأشار الخبير إلى أن محاولاته معرفة الموعد المحدد لصدور التقرير النهائي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول الهجوم المزعوم في دوما باءت بالفشل، مبيناً في الوقت ذاته أن أعضاء فريق بعثة تقصي الحقائق أجمعوا على وجود تناقضات خطيرة في التقرير النهائي ونتائجه التي تحولت فيما بعد نحو اتجاه معاكس تماماً بعد استبعاد كامل أعضاء الفريق باستثناء كادر صغير تم نشره مرة أخرى في دوما في تشرين الأول عام 2018.
وكانت صحيفة ديلي ميل كشفت في تحقيق سابق لها نشرته الشهر الماضي أن خبيراً وظفته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قال في بريد الكتروني مسرب: إن التحقيقات على الأرض في دوما لم تتوصل إلى دليل قوي حول وقوع هجوم الغاز المزعوم فيها، مشدداً على أنه تم إخفاء الحقائق بشكل متعمّد في تقارير المنظمة.
بالتوازي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن سورية استعادت قوتها، مطالباً بوقف التدخل في شؤونها الداخلية، وأشار، خلال كلمة له ضمن أعمال “منتدى شباب العالم” المنعقد بمدينة شرم الشيخ، إلى أن البعض يعتقد أن مصالحه مرتبطة بتعكير حالة الاستقرار في سورية، مشدداً على ضرورة وجود اتفاقات شرعية بين الدول قبل اتخاذ أي دولة أي إجراء ضد دولة أخرى، ولفت إلى أنه لا بديل عن استعادة الدولة الوطنية لمكانتها مرة أخرى، مشدداً على أن الجيوش الوطنية هي المسؤولة عن الأمن داخل بلدها، وأضاف: إن بعض الدول تستخدم الإرهاب لتحقيق أهداف سياسية، مشيراً إلى أن المنطقة العربية تعاني حالياً من أزمات وعودة الاستقرار إليها من مصلحة الجميع.
وفي أنقرة، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كليتشدار أوغلو أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وحزبه يتحمّلان مسؤولية ما آل إليه الوضع في سورية والمنطقة، وقال: “إن نهج حزب العدالة والتنمية ومغامراته البعيدة عن الواقع هو السبب في النار التي أحرقت المنطقة وبشكل خاص في سورية، وهو السبب في أزمتها منذ البداية”، وأضاف: “إن السنوات الثماني الماضية أثبتت أن الضمانة الأساسية لأمن واستقرار تركيا وحماية مصالحها القومية هي أن تكون سورية موحدة ذات سيادة كاملة وفي سلام وأمن واستقرار وأن تكون أنقرة على علاقات جيدة معها.. كما أثبتت أيضاً فشل سياسات أردوغان بالكامل”، مشيراً إلى أنه “تدخّل بشكل مباشر في مجمل تطورات وتفاصيل الأزمة في سورية ما يعد تناقضاً مع ما يقوله في العلن حول التزام تركيا بوحدة سورية والمساعي المبذولة لحل الأزمة فيها”.