ردم الهوة
في التفاعل بين مفردات وسرديّات العام الحالي وأمنيات العام القادم ثمة الكثير من التموجات والمنحنيات المقلقة والمؤثرة في حياتنا اليومية، وهي متباعدة، وغالب الظن أنها مختلفة في الرؤى والطروحات وفي طبيعة المعالجة والتعاطي الجاد والمسؤول مع مجمل القضايا والأزمات المعيشية والخدمية والاقتصادية الأكثر إلحاحاً. وبعيداً عن التسميات والشعارات الفضفاضة والجوفاء التي كررها المعنيون وأصحاب القرار على مسامعنا يومياً خلال هذا العام نجد أن الإشكاليات والأزمات ما زالت حاضرة بقوة في حياتنا اليومية، وهي ككرة الثلج تتدحرج ويزداد حجمها مع قدوم العام الجديد، وهي نتيجة طبيعية لحالة الركود والثبات والقصور في الرؤى والخطط والبرامج التنفيذية التي ضاعفت من المشكلات والأزمات، وتركت القليل من الخيارات للخروج من عنق الزجاجة.
وقد نجد أمام هذه المعضلة والمشكلات والأزمات المرّحلة قسرياً إلى العام الجديد ضرورة إحداث تغيير حقيقي في عقلية الإدارة ووضع سياسيات جديدة مواكبة للمرحلة التي فرضتها ظروف الحرب الإرهابية، وذلك بالاعتماد على الكفاءات وتفعيل آليات الضبط والمراقبة على مستوى الجهاز التنفيذي والرقابي والتشريعي، ومحاربة كل أشكال الفساد واتباع سياسات جديدة لا تقبل التباطؤ والتحايل على إنفاذ الموجبات والقرارات الضامنة للخروج من الأزمة الاقتصادية والخدمية على وجه الخصوص، ولا شك أن نجاح هذه الخطوة مرهون بمؤسسية العمل والشفافية، مع التركيز هنا على زيادة الإنتاج والإنتاجية والتقليل من الإنفاق، والاعتماد على الموارد الذاتية في تحسين الوضع الاقتصادي وسد الفجوة وردم الهوة.
خلاصة القول وبعيداً عن الغوص أكثر في التفاصيل المسببة لحالة التراجع في مؤشرات الإنجاز والنمو، نرى أن ما نحتاجه ونحن نستقبل العام الجديد هو الإرادة الصادقة مع الذات، وهي وحدها الكفيلة للعبور بأمان وتجاوز الصعوبات، بالإضافة إلى خلق حالة من التكافؤ في الفرص، والاعتماد على قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب، هي القاعدة الأساسية للشفافية؛ فلا نهضة ولا نماء بدونها، وهو ما نأمل أن يتحقق في العام الجديد، وبالتالي إذابة كل ألواح الجليد التي يضعها البعض أمام عجلة النهوض والإنتاج والإنجاز.
معن الغادري