إيران تدرس الخطوة التالية لخفض التزاماتها النووية
عشية إعلان إيران أنها تدرس الخطوة التالية التي ستتخذها فيما يخصّ خفض التزاماتها النووية، ردّاً على عدم التزام الجانب الأوروبي بها، تشهد الدبلوماسية الإيرانية هذه الأيام نشاطاً غير مسبوق، ففي الوقت الذي دعا فيه وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف من منتدى الدوحة إلى حل سلمي للخلافات في منطقة الخليج عبر انتهاج مبادرة هرمز للسلام، يصل الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العاصمة اليابانية طوكيو على رأس فريقه الاقتصادي ورئيس البنك المركزي لعقد اتفاقيات اقتصادية.
الإعلان عن أن طهران تدرس الخطوة التالية بشأن خفض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، جاء على لسان المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، الذي قال في مؤتمره الصحفي الأسبوعي أمس: “إن إيران لن تسمح باستمرار إجراءات الحظر الأميركية ضدها”، ومشيراً إلى أن “الحظر أسوأ من الحرب، لأنه يمنع إيصال الدواء إلى الشعب الإيراني”.
وتابع: إن “جميع الدول المعنية بالاتفاق النووي شجبت خروج الولايات المتحدة منه”، مبيّناً أن السياسة الأميركية متخبّطة تجاه إيران.
وفي سياق آخر قال موسوي: إن “طهران يمكن أن تنفّذ عمليات تبادل سجناء مع الدول الأخرى في حال كانت تخدم المواطنين الإيرانيين”.
وحول تعليق روسيا تعاونها في موقع فوردو الإيراني بيّن موسوي أن سببه مشكلات فنية، حيث يعمل الخبراء الإيرانيون والروس على حل هذا الموضوع.
ونفى موسوي ما أشيع حول وجود مفاوضات سرية بين إيران والنظام السعودي، مشيراً إلى أنه في المقابل هناك دول تسعى إلى التوسط بينهما.
من جهته، دعا وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى حل سلمي لجميع الخلافات والتجاذبات الراهنة في المنطقة عبر انتهاج “مبادرة هرمز للسلام، والارتقاء بمستوى العلاقات في المنطقة”، لافتاً إلى أن غرب آسيا يعاني من فوضى شديدة.
وأكد ظريف خلال كلمته بمنتدى الدوحة 2019، أن إيران تسعى من خلال مبادرة هرمز للسلام إلى تحقيق أهدافها العريقة المتمثلة بتعزيز التماسك والفهم المشترك والعلاقات والتعاون السلمي والودي بين دول المنطقة، مشيراً إلى أن “السبب الجذري للأزمات المتعددة والمزمنة التي تواجهها المنطقة هو اضطراب إدراكي، اضطراب لا يؤثر فقط في بلدان المنطقة، بل إن القوى العالمية أيضاً تتأثر به”.
ووصف وزير الخارجية الإيراني منتدى الدوحة بأنه “فرصة فريدة لمراجعة الفرضيات وإعادة بنائها والتناغم فكرياً حول مخرج من المحنة الإقليمية الراهنة”، واستنكر أن يكون البعض “مازال يتصوّر أن طرفاً واحداً بإمكانه أن ينتفع على حساب الآخرين وتحقيق الأمن لنفسه عبر حرمان جيرانه من الأمن”، مشدّداً على أن “هذا النهج لم ولن ينجح أبداً، وأن الأمن أشبه بالتغييرات الإقليمية لا يعرف الحدود ولا يقبل التقسيم”، وأوضح أن بعض اللاعبين الدوليين يعتبرون أن المنطقة قاعدة خصبة لتوسيع وجودهم العسكري وتسويق المزيد من الأسلحة لجميع الأطراف تقريباً، لكن هذا الوجود الأجنبي لم يؤدّ سوى إلى وقوع الكارثة، لافتاً إلى أن واردات الأسلحة في منطقة الخليج بين عامي 2014 و2018، بلغت ربع إجمالي واردات الأسلحة بالعالم، كما أن حجم وارداتها من الأسلحة خلال هذه الفترة بلغت ضعف ما كانت عليه قبلها بخمس سنوات.
وأشار ظريف إلى أنه ليس من المستغرب أن معظم هذه الأسلحة الفتاكة تم شراؤها من الولايات المتحدة الأميركية، ووصف الاقتراح الأخير للرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي أطلق عليه مبادرة هرمز للسلام، بأنه استمرار “لتعهّد إيران القديم بضرورة إيجاد إطار إقليمي شامل للتعاطي البنّاء”، وقال: إن هذه المبادرة “تسعى إلى الاعتراف رسمياً بمسؤولية جميع اللاعبين بالمنطقة وصولاً إلى ضمان السلام والاستقرار والازدهار للجميع”، لافتاً إلى أن “هذا الأمر يتوقف على أن هذه المنطقة والعالم لديهم مصلحة مشتركة وحيوية في الحفاظ على حرية الحركة والطاقة للجميع”.
إلى ذلك، أوضح المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي أنه لا علاقة لزيارة الرئيس الإيراني لليابان بمسألة التفاوض مع الولايات المتحدة، لكن طهران ترحّب بأي “مبادرة” أو “رسالة”، وأضاف: “زيارة الرئيس روحاني إلى اليابان لا علاقة لها بالمفاوضات مع أمريكا، لكننا نرحّب بأي مبادرة أو رسالة ونعِد بدراستها.. أصدقاؤنا اليابانيون يحملون عادة رسائل ومبادرات عملية، ونحن ندرسها.. زيارة طوكيو يمكن أن تحقق لنا نتائج إلى جانب مباحثاتنا الإقليمية”، ولفت إلى أن وزراء الفريق الاقتصادي ورئيس البنك المركزي سيرافقون روحاني خلال زيارته إلى اليابان.
ونفى ربيعي اتهامات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لإيران باستهداف القوات الأمريكية في العراق، قائلاً: “لو كان لدى واشنطن أي وثائق تثبت مزاعمها لعرضتها.. أمريكا لم تقدّم أي وثائق بشأن مزاعمها استهداف طهران للقواعد الأمريكية في العراق، ولا تمتلك حتى شاهداً واحداً على ذلك، ولو كان لدى الاستخبارات الأمريكية أي شيء يثبت تلك المزاعم لقدّمته”، وتابع: “تنظيم داعش في العراق يستعيد قوّته، وفي الظروف التي تبدو واشنطن هي المسؤولة عمّا يجري، فإن استهداف قواعدها في العراق طبيعي”.
ولفت المتحدّث إلى أن “هدف أمريكا من اتهام طهران باستهداف قواعدها في العراق شيطنة إيران، لكن إيران لا تتدخل في شؤون الدول الجارة، أمريكا تسعى إلى تشديد الحرب النفسية ضد إيران وشيطنتها في المنطقة”، وحذّر من أنه في حال نفّذت أمريكا تهديداتها ستتلقى رداً حاسماً من طهران.
وكانت الخارجية الإيرانية، قد صرّحت السبت بأن “اليابان وانطلاقاً من حسن النيّات قدّمت مقترحات لخفض التوتر بين إيران وأمريكا”، آملة أن تمضي بعض الإجراءات قدماً لأجل تحقيق النتائج المرجوة من خلال زيارة الرئيس روحاني المقبلة لطوكيو.
وأكد ربيعي أن الإجراءات الأمريكية الأخيرة بفرض الحظر على خطوط الملاحة الإيرانية تندرج في إطار الإجراءات الاستفزازية ضد الشعب الإيراني.