الاقتتال السياسي الداخلي يؤثر على سياسة واشنطن الخارجية
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 11/12/2019
قالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، إن مجلس النواب يباشر بمقاضاة الرئيس دونالد ترامب، الأمر الذي يجعل المشرّعين الأمريكيين “لا خيار أمامهم سوى العمل”. وقد أفادت تقارير بأن النواب الديمقراطيين يفكرون في مواد لمقاضاة ترامب تشمل العرقلة والرشوة، لذلك سيصبح عزل ترامب موضوعاً رئيسياً يهيمن على السياسة الأمريكية في الأيام المقبلة.
إن صياغة بنود مساءلة ترامب لها أهمية كبرى، فهي المرة الرابعة في تاريخ الولايات المتحدة التي يحاول فيها الكونغرس إقالة رئيس. يستند قرار مجلس النواب الذي تحدثت عنه بيلوسي، إلى حدّ كبير، إلى تقرير صدر حديثاً عن لجنة الاستخبارات بالمجلس. ووفقاً للتقرير، حصل الديمقراطيون على سجلات هاتفية لعدة لاعبين رئيسيين في فضيحة أوكرانيا، بما في ذلك محامي ترامب رودي جولياني، وديفين نونيس أعلى جمهوري في لجنة الاستخبارات.
لا تتعلق عملية المساءلة فقط بالجدل بين الديمقراطيين والجمهوريين، ولكن أيضاً حول كيفية تعامل الجمهوريين مع ترامب، ما جعل هذا الصراع السياسي الأمريكي الداخلي أكثر تعقيداً. حتى الآن، من الصعب على الديمقراطيين توجيه تهمة الخيانة إلى ترامب. فمجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون لن يوافق بسهولة على هذه الإقالة. وعلى هذا النحو، فإن الإستراتيجية الحالية للديمقراطيين هي توصيف ترامب بأنه “رئيس تمّ عزله” قبل الانتخابات العامة لعام 2020. لكن يبقى أن نرى إلى أي مدى سيستفيد الحزب الديمقراطي من ذلك في الفترة التي تسبق الانتخابات؟.
وجدت دراسة صدرت في أواخر تشرين الثاني الماضي أن 40 في المائة من الناخبين المسجلين في ولاية ويسكونسن، وهي ولاية متأرجحة مهمّة لحسم الانتخابات، يؤيدون عزل ترامب، بتراجع من 44 في المائة في تشرين الأول الماضي، بينما عارض 53 في المائة الإقالة، بزيادة 51 في المائة.
يضاف إلى ذلك الصراع السياسي الداخلي المتصاعد بشأن العلاقات الصينية الأمريكية، فمن وجهة نظر السياسة الانتخابية، لدى الديمقراطيين أسباب لمنع إدارة ترامب من التوصل إلى أي اتفاق مع الصين يمكن أن يوصف بأنه “نصر”. إنهم يريدون أن يركز الرأي العام الأمريكي على العزل، وسيسخرون من أي حلّ وسط يمكن أن تقدمه إدارة ترامب في المفاوضات التجارية مع الصين.
يبدو أن السياسيين الديمقراطيين قد بدأوا بمنافسة الجمهوريين على التشدّد تجاه الصين، فقد حثّت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، بمن فيهم الزعيم الديمقراطي في مجلس الشيوخ تشاك شومر، في رسالة موقعة إلى ترامب في أواخر تشرين الثاني الماضي، وزارة التجارة الأمريكية على تعليق إصدار تراخيص للشركات الأمريكية التي تتعامل مع شركة هواوي العملاقة للتكنولوجيا الصينية.
وهنا يلعب المشرّعون الجمهوريون دوراً سلبياً أكبر في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، حيث تحرك الأيديولوجية الكثير منهم من نظرائهم الديمقراطيين. ففي تشرين الثاني الماضي، قال السيناتور الجمهوري ريك سكوت في مقابلة مع “سي إن بي سي”: إن الصفقة التجارية للمرحلة الأولى لن تحلّ القضايا الثنائية طويلة الأمد، زاعماً أن “الصين الشيوعية تريد السيطرة على العالم بأسره بما في ذلك أمريكا، إنهم ليسوا شركاءنا، لن يكونوا شريكاً لنا في ظل القيادة الموجودة”.
ويشنّ السيناتور الجمهوري ماركو روبيو حرباً باردة ضد الصين في القطاع المالي، إذ يطلب شطب الشركات الصينية من البورصات الأمريكية. ويشعر العاملون في القطاع المالي الأمريكي بالقلق من أنه إذا بدأت الولايات المتحدة بتقييد تدفقات رأس المال العالمية، فسوف تحذو حذوها بلدان أخرى، وهذا سيعرّض النظام المالي العالمي للخطر الشديد، ويوجّه ضربة قوية للسوق العالمية.
لقد اتخذ المشرّعون الأمريكيون باستمرار خطوات للتعامل مع “تهديدات الصين” المتخيّلة، نظراً للترابط بين السياسة الأمريكية تجاه الصين والمعارك السياسية الداخلية للبلاد، حتى أصبح “التشدّد تجاه الصين” هو الاتجاه السياسي الجديد لواشنطن.