اقتصادصحيفة البعث

بانتظار قرارات تصوب مساره… القطاع العام النسيجي في عناية اللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي.. وسياسات كلية مقترحة على مستوى هذه الصناعة الاستراتيجية

لم تتضح معالم الرؤية للجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي خلال اجتماعها الثالث أمس لجهة اتخاذ قرارات حاسمة تصب في بوتقة إصلاح القطاع العام النسيجي؛ إذ آثر رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس تأجيل اتخاذ أية قرارات بهذا الخصوص إلى الاجتماع القادم المزمع عقده بالأسبوع الأول من العام القادم، ليتسنى لأعضاء اللجنة الاطلاع على تفاصيل ورقة سياسات إصلاح هذا القطاع “النسيجي” التي عرضها وزير الصناعة محمد معن زين العابدين جذبة بشكل أعمق وذلك بعد تعديل بعض بنودها.

مؤشرات

وبموجب  المؤشرات الاقتصادية للمؤسسة النسيجية لعام 2018 بين وزير الصناعة أن الناتج المحلي الإجمالي هو 5 مليارات ليرة سورية، وأن المؤسسة حققت نسبة 10.8% من الناتج المحلي الإجمالي لمؤسسات القطاع العام الصناعي، حصة الاستثمار خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2011 – 2015 مقدارها 6% فقط من حجم الاستثمار العام في الصناعات التحويلية، وأن نسب الأرباح إلى الاستخدامات لا تتجاوز الـ10% من حساب الاستخدامات، مشيراً إلى أن عدد العمال بلغ 17882 عاملاً.

أرباح

وأضاف وزير الصناعة إلى أنه يلاحظ من خلال العرض انتقال المؤسسة النسيجية من خسارة بقيمة 5.9 مليارات ليرة سورية حلال العام 2018 إلى ربح يقدر بـ855 مليون ليرة خلال عام 2019، وذلك نتيجة الإجراءات المتخذة بعام 2019 من ضبط للإنفاق والتوجه نحو الإنتاج المسوق وذي القيمة المضافة العالية، كما يلاحظ أن هناك انخفاضاً بالمخازين من إنتاج عام 2018 وما دون تبلغ قيمته 10 مليارات ليرة، لافتاً إلى أن مبيعات المؤسسة بلغت 32.5 ملياراً لغاية تشرين الأول من عام 2019.

إلغاء الدعم السعري

وتطرق الوزير إلى السياسات الكلية المقترحة على مستوى الصناعة النسيجية، وأبرز هذه المقترحات في مجال الدعم والدور الاجتماعي، عدم تحميل البعد الاجتماعي على المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي، وتحويل هذا الدور لصناديق الدعم الاجتماعي حصراً، وحصر دعم الإنتاج بمرحلة الإنتاج الزراعي بحيث يتم إلغاء الدعم السعري غير المتوافق مع شروط تحرير التجارة، والانتقال إلى الدعم على أساس المساحة، ويعود لصندوق دعم الإنتاج الزراعي تطبيق هذه السياسة وفق الخطط الإنتاجية السنوية، وإلغاء التسعير الإداري في كافة مراحل الإنتاج.

تأهيل

وتركزت المقترحات في مجال إعادة إعمار الشركات المدمرة وإعادة تأهيل الشركة العامة، على التريث في ترميم الشركات المدمرة لحين إقرار سياسة حكومية شاملة لاستثمار الأراضي والمباني الحكومية المتضررة، وبما لا يحمل الموازنة العامة للدولة أعباء كبيرة بهدف الاستفادة من بعض العقارات التابعة للمؤسسات العامة من خلال طرحها للاستثمار بما يضمن الملكية العامة، والمحافظة على حقوق العمال ومكتسباتهم يحقق ريعية اقتصادية، إضافة إلى إعادة تأهيل وتطوير الشركات القائمة والمستمرة في عملها والاهتمام بالمواصفات والجودة، والسماح للقطاع العام “نقابات – تأمينات اجتماعية..” بالمشاركة في تأهيل الشركات التابعة للمؤسسة ابتداءً من مرحلة الغزل بسبب المبالغ الكبيرة المطلوبة لإعادة التأهيل، وبحيث يتم ذلك وفق صيغ التشاركية التي يغطيها قانون التشاركية.

عمالة فائضة

أما في مجال العمالة فتمثلت المقترحات بتوزيع العمالة الفائضة ممن هي خارج العملية الإنتاجية على مؤسسات القطاع العام الأخرى، ورفد الشركات باحتياجاتها من اليد العاملة المدربة من المهندسين المختصين والمصممين وخريجي المعاهد المتخصصة والثانويات المهنية، وإعادة الالتزام بالمعاهد التابعة لوزارة الصناعة، وتطوير مناهج المعهد النسيجي التابعة للمؤسسة بما يتيح التدريب على أحدث التكنولوجيا بهذا المجال وتجسيرها مع الجامعات المعنية بهذه الصناعة، إلى جانب إعادة النظر بنظام الأجور وحوافز العاملين في الشركات العامة ذات الطابع الاقتصادي، والتأكيد على تعزيز إجراءات المؤسسة حول ربط الأجر بالإنتاج والتي تساهم في تحسين الوضع المعيشي وتحسين دخول العمال، وإعادة منح تعويض الاختصاص لخريجي المعاهد المتوسطة والثانويات الفنية تشجيعاً لهذه الفئة التي تعتبر عصب العمل الفني.

كيانات جديدة

وفي المجال القانوني والمؤسساتي تم اقتراح ضرورة إنشاء بيئة قانونية جديدة تعنى بالصناعات النسيجية من خلال إصدار قانون أو تشريع خاص بتنظيم قطاع الصناعات النسيجية، وتحويل الشركات التابعة لقطاع النسيج إلى كيانات اقتصادية جديدة على شكل شركات خاصة تملكها الدولة وفق الصيغ التي تراها الحكومة مناسبة، تعمل تحت أحكام قانوني التجارة والشركات، ووضع آلية واضحة للمراقبة وتقييم تطور العمل في المؤسسات العامة، وإنشاء نظام معلومات خاص بالصناعات النسيجية، وتفويض وزير الصناعة بموجب نص قانوني لإضافة أو تعديل النشاط الصناعي القائم لكافة الشركات العامة الصناعية بما يتفق مع أهداف المؤسسات التابعة لها، وذلك بناء على دراسة جدوى اقتصادية معتمدة من قبل هيئة التخطيط والتعاون الدولي، مع العلم أن الموضوع عرض على اللجنة الاقتصادية ووافقت بجلستها رقم 44 تاريخ 4/11/2019 على إحالته إلى اللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي.

حوافز

أما في مجال الاستثمار فقد تضمنت المقترحات تقديم الحوافز للقطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار في الصناعات النسيجية في نطاق المدن والتجمعات الصناعية، وتشجيع إنشاء المجمعات والعناقيد الصناعية التي تعمق الترابطات الأمامية والخلفية للصناعات النسيجية، والموافقة في هذا المجال على مقترح إقامة مجمعين صناعيين متكاملين في كل من حلب ودمشق، تبدأ فيهما العملية الإنتاجية من الحلج حتى المنتج النهائي بأنواعه “ألبسة جاهزة – داخلية – سجاد…”، إضافة إلى تشجيع استقدام التكنولوجيا الحديثة وتوطين المعرفة والتقانة، والاهتمام بسياسات التسويق والترويج الداخلي والخارجي.

تعزيز

وتضمنت المقترحات على صعيد المؤسسات الداعمة تعزيز دور المؤسسات الداعمة من خلال دعمها بالكوادر البشرية، وإعادة النظر بمناهج مراكز التدريب والمعاهد والجامعات بما يلبي الواقعية لدعم هذا القطاع، وتعزيز المواصفات والتحقق من الجودة، وتعميم التجارب الناجحة، وإنشاء مركز بحوث تخصصي بصناعة وتسويق المنتوجات النسيجية، إضافة إلى إجراء المسوحات الشاملة لتحديد حجم القطاع الخاص المنظم وغير المنظم في مجال صناعة النسيج والتي يتم تحديث بياناتها حالياً، بالتوازي مع تعزيز دور غرف الصناعة والتجارة في القضايا الخاصة بفحص جودة المنتجات التصديرية، والبحوث والاستشارات أو التلمذة الصناعية والتدريب.. إلخ، والتأمين على كافة عمليات وأنشطة الصناعات النسيجية لتخفيف الخسائر في حال حدوث أية كوارث.

حمائية محددة

وفي مجال الاستيراد والتصدير تم اقتراح انتهاج سياسة حمائية لمدة محددة للنهوض بقطاع الصناعات النسيجية بما يتوافق مع سياسة إحلال المستوردات، وتقديم كافة أشكال الدعم المتوافقة مع المعايير الدولية للصادرات من منتجات النسيج والألبسة الجاهزة ولاسيما مجال المعارض والبحوث والدعاية، إلى جانب رفع القدرة التنافسية للمنسوجات والملابس، والالتزام بالمواصفات والمعايير الدولية لضمان نفاذ المنتجات إلى الأسواق الخارجية، والتأكيد على إجراءات إدارة المؤسسة العامة للصناعات النسيجية لتصدير إنتاجها من الغزول سواء كان بالليرة السورية أو بالقطع الأجنبي، ومعالجة موضوع تسديد قيمة القطع التصديري والفرق بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق الموازي من قبل مصرف سورية المركزي، حيث إن هذا الموضوع يتم متابعته مع الأخير.يشار إلى أنه في حال تم إقرار السياسات الجزئية والكلية الخاصة بقطاع الصناعات النسيجية من قبل اللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي سيتم وضع البرامج المادية والزمنية المحددة لكل سياسة بالتنسيق مع الجهات المعنية وإعادة عرضها على اللجنة.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com