بدء تعافي القطاع الدوائي السوري
أمجد سعود
لقد عانى القطاع الدوائي السوري من ويلات الحرب الإرهابية الممارسة على سورية، وكانت وحشية الاستهداف لا تقلّ إجراماً عن استهداف الإرهاب لمفاصل وقطاعات الدولة الأخرى، فضربت المعامل المصنعة للدواء على مختلف الجغرافية السورية سواءً في حلب أو في دمشق وريفها وباقي المحافظات الأخرى، سما أدى إلى تراجع كبير في المنتج الدوائي السوري الذي كان يغطي حوالي (90%) وأكثر من احتياجات السوق المحلية في الفترة التي سبقت الحرب الإرهابية على سورية، وتلك الصناعة كانت تمثل عنواناً بارزاً من عناوين التطور العلمي والاقتصادي السوري وتمثل بصمة سورية واضحة المعالم بين الدول المتقدمة في هذا المجال، وتجسيدا لقدرة الكفاءات السورية الفعالة على مختلف الأصعدة وبالأخص العلمية، ودخلت الصناعة الدوائية دائرة الاقتصاد السوري واتجهت رؤوس الأموال للاستثمار بها بشكل ملفت على كافة المساحة الجغرافية لسورية، ودخلت حيّز التنافس في التسويق للمنتج والذي عاد بالمنفعة المتبادلة بين المستثمرين والشرائح الاجتماعية المستفيدة من المنتج وتعاظمت القدرة الإنتاجية لتلك المعامل لتدخل دائرة التصدير للخارج خصوصاً بعد الاعتراف الدولي بقيمة المنتج الدوائي السوري لتعطي الشركات والمعامل السورية امتيازات التصنيع المحلي للعديد من الأصناف الدوائية.
وفي إطار العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على الشعب السوري من قبل الغرب لاستيراد المواد الأولية للصناعة الدوائية، واستهداف الإرهاب لمعامل ومصانع الأدوية ونهب آلاتها وتدميرها، كان من الضروري أن تسارع الحكومة لإيجاد البديل وسدّ حاجة المشافي والأسواق المحلية خصوصاً لبعض الأصناف المستوردة بالكامل من الخارج كالأدوية الكيماوية المستخدمة في علاج مرضى السرطان، واتجهت الحكومة إلى استيرادها من الدول الصديقة بشكل يؤمن حاجة السوق المحلية ولو بشكل جزئي.
من الجيد أن يتنبه رأس المال الوطني إلى حاجة السوق تلك وأن يأخذ المبادرة على عاتقه في الاستثمار في هذا القطاع بما يحقق المنفعة المتبادلة بينه وبين المواطنين، ويمثل معمل “مينا فارم” إحدى بواكير الاستثمارات السورية ذات الصبغة المحلية في مرحلة إعادة الإعمار في سورية وتعد هذه الخطوة الرائدة خطوة جريئة تحمل في مضمونها رسالتين واضحتي المعالم، الأولى تشير إلى بدء تعافي الاقتصاد السوري ودعوة لرؤوس الأموال الوطنية سواء في بلاد الاغتراب أو التي خرجت من سورية إبان الحرب الإرهابية الممارسة ضد الشعب السوري والتأكيد بأن عجلة الاستثمار في البلاد قد عادت إلى الدوران وبأن رأس المال الوطني السوري ليس بجبان وأنه قادر بأن يكون فاعلاً لجهة الدور الممارس في مرحلة إعادة الإعمار، والثانية دعوة إلى كل الكفاءات السورية العلمية التي في الخارج للعودة إلى الوطن ودليل قاطع على قدرتها في إحداث الفارق إن توفرت البيئة المناسبة لهم خصوصاً وأن هذا المعمل هو المعمل الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي وأنشأ بخبرات سورية محلية بامتياز.
جدير بالذكر وبحسب المدير التنفيذي للشركة فإن المعمل سيغطي حوالي 70% من مجموع الأصناف الدوائية الخاصة بالعلاج الكيماوي بشكل يسد حاجة السوق المحلية ويكفي للتصدير وذلك بطاقة إنتاجية تقدر بحوالي 6000 فيال وأمبول في الساعة من خط السوائل العقيم، و12 ألف مضغوطة في الساعة من خط المضغوطات.