بوريس جونسون يغامر ويفوز
حقق رئيس الوزراء بوريس جونسون فوزاً ساحقاً في انتخابات ربما كانت أهم انتخابات في المملكة المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مطالباً بتفويض لتنفيذ تعهده بإخراج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
يعتبر الفوز هو الأكبر لحزب المحافظين الحاكم منذ أن كانت مارغريت تاتشر رئيسة للوزراء، لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه جونسون الآن هو ليس عدم الوفاء بوعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بل توحيد بلد منقسم بعمق واستعادة مصداقيته.
فشلت جهود جونسون لدفع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى البرلمان، وفي لفتة يائسة أخيراً، دعا إلى انتخابات أخرى، معتقداً أن ذلك سيؤدي إلى تفويض بمغادرة الاتحاد الأوروبي، لكن مغامرته أتت ثمارها.
فاز المحافظون بـ 363 مقعداً في مجلس العموم ، بزيادة أكثر من 60 مقعداً، متجاوزاً بذلك التوقعات، وحصل حزب العمال على 203 بخسارة 40 مقعداً، وبات جونسون في وضع جيد لحصول برنامجه على تأييد المجلس التشريعي.
سيطرت قضيتان على الانتخابات، كانت الأولى البريكست التي أتعبت بريطانيا، وهو ما قد يدفع المواطنين، بمن فيهم أولئك الذين صوّتوا للبقاء في الاتحاد الأوروبي، للتسيلم بنتائج الاستفتاء، وإنهاء الكابوس الناشئ عن التردد، والصراع السياسي المستمر.
القضية الكبرى الثانية هي في شخصية زعيمي الحزبين الرئيسيين: جونسون وجيريمي كوربين، وبينما كان يُنظر إلى جونسون على أنه ملفّق وغير جاد وغير مبدئي، اعتبر كوربين بالنسبة لمعظم البريطانيين يسارياً متشدداً، لكن اختار الناخبون الشيطان الذي يعرفونه.
أصبح جونسون يمتلك تفويضاً لسياسة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكن يجب عليه تنفيذها، وذلك أمر يعد بالتحدي، خاصةً أنه وقع في مستنقع تقسيم المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية وإيرلندا. والأهم من ذلك أنه تفاوض فقط حول شروط انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وهي مجرد خطوة أولى في عملية طويلة. أما التالي فهو اتفاق على العلاقة المستقبلية بين الطرفين. قد تستغرق هذه المحادثات وقتاً طويلاً ، وستفرض ضريبة على فريق التفاوض الذي يفتقر إلى الخبرة، وستكون مثقلة بالأعباء، حيث يتعيّن على لندن إعادة تشكيل كل علاقاتها مع الشركاء التجاريين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
الفوز الكبير يعني أن جونسون يمكنه التفاوض بثقة وعدم القلق بشأن فقدان تأييد المشرعين في كل تفصيل، وسيصعب على أنصاره أن يحتجزوه رهينة لمطالبهم، ومع ذلك يجب أن يكون قلقاً بشأن الأداء القوي للحزب الوطني الاسكتلندي الذي فاز بـ 49 مقعداً من مقاعد اسكتلندا البالغ عددها 59 مقعداً ، وهو ما يزيد عن 12 مقعداً. الاسكتلنديون هم من المؤيدين الأقوياء للاتحاد الأوروبي، وبينما قال جونسون: إنه لن يكون هناك استفتاء ثانٍ على الاستقلال الاسكتلندي، فإن قبضة الحزب القوية بشكل متزايد ونقاط ضعف جونسون قد تجعل من الصعب تجنّب إجراء استفتاء آخر.
عناية ناصر