رغم التحصينات.. “السورية للتجارة” تجهض محاولة سرقة وثلاثة مدراء مركزيين قيد التحقيق
دمشق – محمد زكريا
رغم التحصينات التي لجأت إليها الإدارة الجديدة للمؤسسة السورية للتجارة في مكافحة السرقات ومنع الهدر في منافذ البيع فيها، إلا أن بعض أبواب المؤسسة لا تزال مشرعة للسرقات والاختلاسات وتمرير بعض الصفقات المشبوهة التي يستفيد منها ضعاف النفوس من بعض الموظفين والمديرين فيها، وآخر ما حرر هو الكشف منذ أيام عن محاولة بعض موظفي فرع ريف دمشق للمؤسسة من سرقة كميات من المواد والمستلزمات والسلع المسجلة تحت كشوفات المواد المنتهية الصلاحية، وبحسب أحد المعنيين في المؤسسة فإن الكميات التي أعدت للسرقة تقدر بعشرين طناً من المواد والسلع، وتصل قيمتها المالية إلى حدود 20 مليون ليرة سورية، وتحتوي هذه الكميات على مواد غذائية وكيميائية ونسيجية، وغالبية هذه المواد هي منتهية الصلاحية كانت موجودة في أحد مستودعات الفرع حيث استطاع عدد من موظفي الفرع إخراج هذه المواد من المستودعات بموجب كتب وموافقات رسمية، بغية بيعها إلى أحد التجار.
توقيف واستدعاء
ولكن لسوء حظ هؤلاء المتورطين ولحسن حظ الصالح العام استطاعت إدارة المؤسسة أن تضبط هذه الحالة في الوقت المناسب وتضع يدها على الحادثة من خلال تحويلها لعدد من موظفي فرع المؤسسة المتورطين إلى الجهات الجنائية، وتضيف المعلومات الواردة إلينا في هذا الموضوع أنه تم استدعاء وتوقيف ثلاثة مدراء مركزيين في المؤسسة وبعض الموظفين فيها للتحقيق معهم على خلفية الحادثة المذكورة، ما يسجل للمؤسسة هنا أنها استطاعت أن تكشف هذه الحادثة قبل وقوعها من خلال تعاونها مع الجهات المختصة، مما جنب فرع المؤسسة بالريف من الوقوع في شر الخسائر المالية نتيجة فعل السرقة.
تأكيد السرقة
مدير عام المؤسسة أحمد خليل نجم أكد وقوع الحادثة دون ذكر تفاصيلها، مفضلا عدم الخوض في التفاصيل ريثما تنتهي الجهات الجنائية من التحقيق، مشيرا إلى أنه يصعب في بعض الأحيان كشف هذه السرقات إلا في حالات الجرد السنوي، موضحا أن ما يعنيه في هذا الجانب كمدير عام أن يضع حدا لمثل هذه التصرفات التي تسيء إلى المؤسسة ككل، مع الإشارة إلى وجود مواد وسلع منتهية الصلاحية في المؤسسة تقدر كمياتها بحدود الألف طن تصل قيمتها المالية إلى 200 مليون ليرة، وكشف نجم لـ”البعث” أن المؤسسة تعمل على أتمتة أعمال المبيعات والمشتريات والمستودعات ومنافذ البيع، وربطها شبكيا مع الإدارة العامة، مما يسهل اتخاذ القرار ومعرفة الرصيد بشكل آني، والوقوف على الحالة الفعلية الآنية للمبيعات.
تفادي
وبحسب التقرير الصادر عن المؤسسة فإن هذه المواد المنتهية الصلاحية تعود لسنوات ماضية وليست وليدة السنة وهي موجودة في مستودعات فروع المؤسسة بالمحافظات، وبين التقرير أن المؤسسة تعمل على وضع خطة تهدف إلى التقليل والحد من الوصول إلى مواد منتهية الصلاحية حيث تضمن هذه الخطة تصريف المواد والسلع قبل دخولها مرحلة الانتهاء أو وضع شرط على المورد يلزمه بسحب بضاعته من منافذ البيع لدى المؤسسة في حال عدم تسويقها في فروع المؤسسة وبالتالي فإن المؤسسة تكون قد تخلصت أو حدت من هذا الموضوع على أقل تقدير.
عقبات
وفي السياق ذاته أشار التقرير الذي حصلت البعث على نسخة منها إلى العقبات التي تواجهها المؤسسة والمتمثلة في الديون المترتبة عليها ما قبل مرسوم الدمج، وهي قروض صندوق الدين العام والبالغة 932.8 مليون ليرة، إلى جانب قرض الخط الائتماني الإيراني 8.7 مليارات ليرة، وقرض 300 طن من السكر مباعة كمادة مقننة للمؤسسة العامة الاستهلاكية سابقاً بقيمة 3 مليارات ليرة، إضافة إلى قرض 200 طن من السكر “المؤسسة العامة للخزن والتسويق 10 مليارات ليرة”، وقرض 232 مليون ليرة لمؤسسة سندس سابقاً لشراء مواد مختلفة، حيث تمت جدولة القرض، وقرض آخر بقيمة 2.5 مليار ليرة للمصرف العقاري وهو للمؤسسة العامة للخزن والتسويق لشراء مادة السكر ومواد مختلفة، فضلاً عن وجود سلف لوزارة المالية لمؤسسة الخزن والتسويق 2.1 مليار ليرة لم تسدد، كما وصلت قيمة المواد منتهية الصلاحية إلى 200 مليون ليرة، ونوه التقرير إلى ضرورة حل التشابكات المالية لاسيما قروض المؤسسة تجاه المصارف العامة، وإعفاء المؤسسة من فوائد القروض، ووضع آلية تمكن المؤسسة من إجراء عملية التقاص ما بينها والمصارف، وإجراء جدولة للقروض.
أكبر المؤسسات
يشار إلى المؤسسة لا تزال تعمل ومنذ زمن تأسيسها، وفق القيد الافتتاحي السنوي، بعيدا عن تقديم ميزانية مالية سنوية، تظهر من خلالها الإيرادات الفعلية والنفقات، الأمر الذي عمق من خسائرها التي تجاوزت 40 مليار ليرة سورية، يأتي ذلك في ظل ما تمتلكه المؤسسة من إمكانات مادية ومعنوية تخولها بأن تكون من أكبر المؤسسات التجارية على مستوى الوطن العربي، إذ لديها أسطول كبير من السيارات الشاحنة، إلى جانب وجود أكثر من ألف منفذ بيع موزعة على كامل الجغرافيا السورية، إضافة إلى امتلاكها لعدد كبير من العقارات، التي يمكن الاستفادة منها دون اللجوء إلى وضعها في الاستثمار، مع وجود عدد كبير من وحدات التبريد التابعة للمؤسسة، فضلا عن وجود جيش من العاملين الذين وصل عددهم إلى قرابة خمسة آلاف عامل، ناهيكم عن تلقي المؤسسة لدعم غير محدود من الحكومة يصل إلى مليارات الليرات سنويا.
Mohamdzkrea11@yahoo.com