“الذكرى الثالثة”
في كل عام يتزامن احتفال حلب بذكرى تحريرها من الإرهاب مع الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، وهو ما يعطي المناسبتين بعداً أخلاقياً وإنسانياً واجتماعياً وتنموياً يعكس الرغبة الصادقة لدى كافة أطياف المجتمع في المشاركة الفاعلة والمؤثرة في عملية البناء والنهوض.
ولعل مرور الذكرى الثالثة للتحرير يشكل قيمة مضافة، ويجسد ويرسخ الكثير من المعاني والدلالات الوطنية التي عكست دون أدنى شك عمق الوفاء والانتماء الوطني لدى أبناء المدينة الصامدة وتلاحمهم غير المسبوق مع أبطال الجيش خلف القيادة الحكيمة والشجاعة للسيد الرئيس، وهو ما صنع الانتصار العظيم والمدوي في الثاني والعشرين من شهر كانون الأول عام ( 2016 ) بإعلان حلب خالية من الإرهاب، وكان ذلك بداية نحو تحقيق انتصارات ساحقة على كامل الجغرافيا السورية ضد الإرهاب وداعميه، حيث بات الإعلان عن النصر القريب والكامل قاب قوسين أو أدنى.
وبعيداً عما أحدثه الإرهاب خلال سني الحرب من ويلات ودمار وقتل وخراب، وما خلفه من خسائر كبيرة وجسيمة في الحجر والبشر، تأتي الذكرى الثالثة لتشكل محطة حقيقية لإجراء مراجعة صادقة وشفافة مع الذات، قبل انطلاق المرحلة الرابعة من مشروع البناء والإعمار، وبالتالي رسم ملامح جديدة وفق سياسات مرنة واستراتيجيات واضحة تكون كفيلة بإزالة كل الصعوبات أمام استكمال المشاريع الحيوية المتعثرة، خاصة بما يتعلق بقضايا الطاقة والصناعة والزراعة والتطوير العقاري والفساد الإداري والمالي، وغيرها من الملفات الأكثر سخونة وإلحاحاً، منها ملف الأبنية المتضررة والآيلة للسقوط، وملف المدينة القديمة الأكثر تعقيداً، بالنظر إلى فوضى التأهيل والترميم وحجم المخالفات المرتكبة والتي تهدد قيمة المدينة التاريخية والأثرية.
مختزل القول: ما تم إنجازه خلال الأعوام الثلاثة الماضية من خطط ومشاريع لم يكن كافياً لتحقيق شعار الانتقال إلى مرحلة البناء الاستراتيجي؛ ما يرتب على الجميع وتحديداً اللجنة الوزارية المشرفة على مشروع إعادة الإعمار مسؤوليات إضافية وكبيرة لتحويل هذا الشعار إلى عمل حقيقي وملموس ينسجم ويتسق مع احتياجات ومتطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية، ويترجم توجهات واهتمام ومحبة وعطاءات السيد الرئيس بشار الأسد لهذه المدينة الصامدة، وهو ما ننتظره أن يتحقق خلال العام القادم، للانتقال بحلب فعلاً وقولاً إلى واقع أفضل، وبما يتناسب مع أهميتها كحامل وداعم للاقتصاد الوطني.
معن الغادري