شــــجرة الميـــــلاد وتطــــورها عبــــر العصــــور
يعتقد كثيرون أن تقليد شجرة الكريسماس بدأ في بريطانيا في العهد الفيكتوري، أي الوقت الذي اعتلت فيه الملكة فيكتوريا العرش بين عامي 1837 و1901. ولكن السؤال يُطرح حول أصلها وجذورها وكيف صار هذا التقليد هاماً إلى هذه الدرجة في هذه الفترة من العام. ولكن في الواقع يضرب هذا التقليد بجذوره في الزمن لأبعد من ذلك بكثير، فقبل المسيحية بوقت طويل والأشجار دائمة الخضرة لها معنى خاصا للناس في الشتاء، وفي كثير من البلدان كان يعتقد أن الخضرة الدائمة تطرد الأشباح والسحر الأسود والأرواح الشريرة والمرض. وفي مصر القديمة عبد المصريون الإله رع ولديه رأس الصقر ويرتدي الشمس كرمز في تاجه. وكان المصريون القدماء يرون في الانقلاب الشمسي بداية تعافي رع من مرضه، فكانوا ينصبون نخيلاً أخضر في بيوتهم رمزاً لانتصار الحياة على الموت.
وفي شمال أوروبا كان كهنة يزينون معابدهم بأشجار دائمة الخضرة رمزاً لاستمرار الحياة، وكان الفايكينغ يعتقدون أن الخضرة الدائمة هي نبتة إله الشمس بالدر. وكان الرومان يحتفون بالانقلاب الشمسي باحتفال أطلقوا عليه ساتورناليا تكريماً لساتورن إله الزراعة، فقد علم الرومان أن الانقلاب الشمسي يعني ازدهار الزراعة قريباً، وابتهاجاً بالمناسبة كانوا يزينون بيوتهم ومعابدهم بأشجار دائمة الخضرة. وبعد المسيحية ظهر هذا التقليد أولاً في ألمانيا فقد وضعوا “شجرة جنة” في منازلهم يوم العيد الديني لآدم وحواء 24 كانون الأول وكانوا يعلقون عليها رقائق خبز مقدس، وفي وقت لاحق تم استبدال الرقائق بالحلويات، وتمت إضافة الشموع كرمز لنور المسيح على العالم. وأخذ المستوطنون الألمان شجرة الميلاد إلى أميركا الشمالية مع أوائل القرن السابع عشر، ثم تحولت إلى موضة في القرن التاسع عشر، وفي الثلاثينيات من القرن الماضي، تم تطوير الأشجار الاصطناعية في الولايات المتحدة، وشهدت الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الإنتاج الضخم للأشجار البلاستيكية المصنوعة من الألمنيوم والبلاستيك، واكتسبت الأشجار الاصطناعية شعبية كبيرة، لا سيما في البلدان التي كان من الصعب فيها شراء الأشجار الحقيقية.