حلب.. المتضررون من الإرهاب يتساءلون عن موعد صرف مستحقاتهم وتعويضاتهم؟
تمر الذكرى الثالثة لانتصار حلب على الإرهاب ومازال أهالي المدينة الذين سطّروا صموداً أسطورياً ينتظرون صرف تعويض الأضرار عن ممتلكاتهم الخاصة التي تعرّضت للتدمير، ومنهم من هو بأمس الحاجة إلى قيمة هذا التعويض وإن كان قليلاً على مبدأ “البحصة بتسند جرة”، ولكن لا حياة لمن تنادي، فقرار الحكومة بالتريث في صرف التعويضات مضى عليه قرابة عامين، حسب ما علمنا من مجلس مدينة حلب، ومازال القرار سارياً دون النظر لحاجة المواطن الفقير المتضرر الذي ينتظر صرف هذا التعويض على أمل أن يحسّن من حاله بعض الشيء في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها.
طلبات التعويض
العم أبو محمود من سكان حي الأشرفية يقول: في عام 2015 تعرّض جزء كبير من منزلي للدمار بما يحتويه من أثاث وأدوات كهربائية، وقمت بتقديم طلب تعويض أضرار، ولدي إضبارة في مجلس المدينة، ومازلت أنتظر صرف التعويض، ولا أستطيع إصلاح منزلي فأنا لا أملك المال الكافي لذلك، وحالياً أسكن منزلاً بالإيجار، ودخلي الشهري لا يكفي تأمين المعيشة.
سلوى امرأة أصبحت وحيدة بعد أن تركها أولادها الذكور وهاجروا خارج البلد، وهي تقطن مع صهرها وابنتها في منزلهما بحي الميدان بعد أن تعرّض القسم الأكبر من منزلها للدمار، ولم يتبق منه سوى غرفة واحدة، سلوى هي الأخرى تشكو عدم صرف مستحقاتها عن تعويض الأضرار رغم مضي أكثر من سنتين على تقديمها الطلب للجنة المختصة في مجلس المدينة، وتقول لولا خوفها من انهيار ما تبقى من المنزل لكانت سكنت في هذه الغرفة أفضل لها من “الشنططة” حسب تعبيرها!.
بطء العمل
السيدة سلوى والعم أبو محمود التقيناهما يراجعان لجنة تعويض الأضرار في مجلس المدينة، ومثلهما الكثير من المواطنين الذين ينتظرون صرف مستحقاتهم من تعويض الأضرار، إذ يراجع اللجنة يومياً ما لا يقل عن عشرين مواطناً، حسب ما أفاد به المهندس ماهر منلا رئيس لجنة الأضرار في مجلس المدينة، إما للاستفسار عن وضع أضابيرهم وموعد الصرف، أو لاستكمال نواقص الأوراق المطلوبة للإضبارة كان قد تم التواصل معهم مسبقاً لتأمينها.
وبيّن المهندس منلا أن عدد الأضابير المسجلة لدى لجنة تعويض الأضرار في مجلس مدينة حلب بلغ /21500/ إضبارة تقريباً حتى تاريخه، وهي عن المدينة فقط، ناهيك عن الأضابير المسجلة لدى المحافظة عن المتقدمين بطلبات تعويض الأضرار في الريف، في حين وصل عدد الأضابير التي تمت دراستها من الناحية القانونية وتدقيقها /17000/ إضبارة، مشيراً إلى أن العمل مستمر، لكن نقص الكادر الفني والقانوني يبطىء سير العمل، حيث لا توجد سوى مهندسة واحدة تقوم بتدقيق الأضابير.
تعليمات للتريث
ولفت رئيس لجنة الأضرار في مجلس مدينة حلب إلى عدد أن الأضابير المدخلة إلى الحاسب على شبكة الأضرار في المحافظة وأصبحت جاهزة للصرف وصل حتى الرقم /15000/ إضبارة مجدولة في /32/ جدولاً تم تسليمها إلى المحافظة، إذ تقوم اللجنة بجدولة /500/ اسم تسلسلي في كل جدول، مبيّناً أنه تم صرف /6/ جداول منها فقط، وهي تضم ما يقارب /2000/ إضبارة، حيث صدرت في عام 2017 تعليمات بالتريث فيما يتعلق بالتعويض عن العقارات الواقعة ضمن منطقة تعرّض القسم الأكبر من أبنيتها للتدمير، لتكون الأولوية لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، منوّهاً إلى أن الأمر يتعلق بترتيب أولويات الصرف من قبل لجنة إعادة الإعمار المختصة.
وأشار منلا إلى أن قيمة تعويض الأضرار عن الممتلكات الخاصة تتراوح بين 100 ألف ليرة و10 ملايين ليرة، وذلك وفق شرائح تبدأ من 30% حتى 50% من قيمة الضرر، علماً أن سقف التعويض هو 10 ملايين ليرة.
وأضاف منلا: نواجه مشكلات عدم اعتماد الإقرار بالحكم كوثيقة تثبت ملكية المواطنين، حيث توجد الكثير من الأضابير والحالات التي تتقدم بإقرار حكمي فقط، بينما التعليمات لدى لجنة الإعمار أن يكون الحكم مبرماً، وقد قمنا بمخاطبة لجنة الإعمار في رئاسة مجلس الوزراء لبيان إمكانية اعتماد الإقرار الحكمي، وننتظر الرد من اللجنة في دمشق، وفي حال الموافقة، هذا الأمر سيسهل مسار عدد لابأس به من الأضابير للمواطنين، كما أن بعض المواطنين يعانون من تأمين وثيقة من الشركة العامة للكهرباء تحدد رقم العقار لتكون كوثيقة في إثبات القدم، وأن العقار مبني قبل عام 2012، فهناك أضابير كثيرة متوقفة بسبب عدم توفر وثيقة تحمل رقم العقار من الكهرباء، إضافة لأضابير لا تحقق شروط استكمال إجراءات صرفها من حيث الملكية، أو من حيث وقوعها في مناطق التطوير العقاري، أو مناطق الحماية، والعقارات المستملكة والمنتهية إجراءات استملاكها، وأمور بدلها النقدي، أو لوجود أخطاء أو نواقص بالإضبارة، وعدم تجاوب أصحابها في تأمين الوثائق البديلة.
وعن التعويضات التي تدفع للمواطنين في مناطق المخالفات أوضح المهندس منلا بأن هذه التعويضات من أجل إيجاد مسكن في مكان آخر لهم «إيجار»، وليس لإعادة بناء عقاره المدمر، إذ نقوم بأخذ تعهد من المواطن بأن تعويض الأضرار ليس بمنزلة إثبات ملكية، كما نقوم بالتدقيق بتطبيق القرار 84/4 لعام 2015 الخاص بالسلامة الإنشائية، فإذا كان العقار يتضمن خطورة إنشائية فإن إضبارته تخضع للتريث إلى حين معالجة الوضع الإنشائي أصولاً.
لم يتم صرفها
يذكر أن آخر جدول تم فيه صرف تعويضات الأضرار يعود إلى نحو عامين مضت، حيث تم صرف 26 جدولاً عن كامل محافظة حلب مدينة وريفاً، بحسب مصدر في مديرية الشؤون القانونية بالمحافظة، ستة جداول منها لمجلس المدينة، وهناك نحو 45 جدولاً عن محافظة حلب تم إرسالها إلى وزارة الإدارة المحلية ولم يتم صرفها حتى الآن.
وكانت لجنة إعادة الإعمار قد تشكّلت بقرار من “رئاسة مجلس الوزراء” بتاريخ 23/9/2012، وتم تمديد العمل بها على مدار السنوات السابقة، وهي برئاسة وزير الإدارة المحلية والبيئة، ومهمتها الموافقة على صرف قيمة التعويضات المستحقة عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات الخاصة للمواطنين غير المؤمن عليها، وذلك وفق جداول معدة ومدروسة من قبل اللجان الفرعية في جميع المحافظات وفق الأسس والنسب المعتمدة للتعويض من قبل لجنة إعادة الإعمار.
حلب- البعث