لتفعيل المشاركة الشعبية 25 جمعية لدعم الحالة الثقافية وحماية التراث في طرطوس
خمس وعشرون جمعية تعنى بالشأن الثقافي والأدبي في محافظة طرطوس، وآخر إشهار كان لجمعية مداد الثقافية، تقوم تلك الجمعيات باكتشاف المواهب، ورعاية المبدعين، ودعم الحالة الثقافية من خلال نشر الثقافة الأدبية، وإقامة المنتديات، وتكريم كتّاب راحلين، إضافة إلى الحفاظ على التراث، وحمايته من الاندثار، لكن هل من تشبيك بين عمل الجمعيات؟.. وما دور مديرية الشؤون الاجتماعية تجاه عمل تلك الجمعيات؟.
دعم الحالة الثقافية
م. نضال معيطة، رئيس دائرة الخدمات في مديرية الشؤون الاجتماعية بطرطوس قال: تقوم الجمعيات الثقافية الأدبية بالاعتناء بالثقافة البيئية من خلال تشجيع ثقافة الزراعة، ونشر ثقافة النظافة، إضافة إلى تفعيل المشاركة المجتمعية، ورفع مستوى الثقافة الشعبية، وتعليم المهن اليدوية وإحيائها في المحافظة، كذلك دعم الحالة الثقافية، والعمل على إنتاج فكرة حماية التراث، ونشر توعية الجماهير بأهمية الحضارة السورية، وأشار معيطة إلى وجود تشبيك جمعيات مع أخرى، وجمعيات تقوم بأنشطة منفردة، مشجعاً على موضوع التشاركية لتستفيد كل جمعية من خبرات وتجارب مثيلتها.
رقابة وإشراف
وتتولى مديرية الشؤون الاجتماعية الرقابة والإشراف على عمل تلك الجمعيات من خلال منح الموافقات المباشرة للجمعيات إن كانت الفعالية مقامة بمقرها، وإن كانت خارج مقر الجمعية تقوم الشؤون بمنحها موافقة بالتنسيق بين المحافظة والجهة صاحبة مكان الفعالية، إلى جانب الإشراف على اجتماعات الهيئة العامة للجمعيات، والإشراف على مجالس الإدارة، حيث يبرز حضورها من خلال مندوب انتخابات مجلس الإدارة، وتقوم أيضاً بالتأكد من سجلات الجمعية، وطالب معيطة بعض الجمعيات بالإلمام بالمعلوماتية، وتفعيل وسائل التواصل الاجتماعي.
وللوقوف على واقع عمل إحدى الجمعيات الأدبية الثقافية، كان لقاؤنا في جمعية مداد الثقافية التي أشهرت بالقرار رقم 2407 تاريخ 22/7/2019 الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، يشمل نطاق عملها محافظة طرطوس بشكل عام، ومنطقة الدريكيش بشكل خاص، أما أعضاؤها المؤسسون فهم مجموعة من المهتمين بالشأن الثقافي، ويتميز المجلس التأسيسي للجمعية بغناه وتنوعه الثقافي والمهني.
لبانة عبد الرحمن، رئيسة مجلس إدارة الجمعية، قالت: يتألف المجلس التأسيسي للجمعية من أحد عشر عضواً باختصاصات متعددة أبرزها الفنون التشكيلية، والشعر، والنقد، والموسيقا، إضافة إلى الخط والفنون الشعبية، وأعضاء جمعية مداد يؤمنون بأن بناء الوطن وتحقيق التقدم للمجتمع مسؤولية الجميع كلاً حسب موقعه، وبعد المعاناة الطويلة التي مر بها مجتمعنا نحتاج اليوم إلى إعادة بناء الإنسان أولاً، مشيرة إلى أن عملية بناء الإنسان طويلة ومتنوعة، ويمكن أن تكون من جوانب متعددة، كما تحتاج إلى تضافر الجهود، ونحن كجمعية جزء منها نعمل على التنسيق مع المجتمع والتواصل معه ومشاركته بالعملية، كما نعمل على التنسيق والتعاون مع الجهات الرسمية والمحلية التي تحمل التوجه الثقافي والفكري نفسه، نؤمن بالحوار والتشاركية، وضرورة وأهمية الانفتاح على الآخرين، وتبادل الخبرات والتجارب.
نحن في مداد، والكلام لعبد الرحمن، نركز على الجانب الإبداعي الكامن في شخصية الإنسان، لأن الإبداع يشكّل جانباً مهماً من الشخصية السليمة، فهو يساعد على زيادة ثقة الإنسان بنفسه، ويحرص على تنمية القدرات الفكرية باستمرار، ويعزز القيم الإيجابية عند الإنسان، وهذا يؤدي إلى مجتمع متقدم وراق ومتماسك.
استقطاب المتميزين والمبادرين
وحول الشريحة المستهدفة، والنشاطات التي تقوم بها الجمعية، أوضحت رئيسة مجلس الإدارة: نركز في عملنا على فئة الأطفال والشباب كونهم الكنز الذي سينهض بالمجتمع اليوم وغداً، نعمل على تنمية الجانب الإبداعي لديهم من خلال توفير بيئة مناسبة وملائمة ومحفزة للإبداع والمبدعين، واستقطاب الأشخاص والشباب المتميزين والمبادرين في المجتمع، بحيث يصبح لكل عضو في الجمعية دوره في عملية التغيير الإيجابي بنفسه وبالمجتمع، ونعمل على خلق هذه البيئة من خلال نشاطات متنوعة نقوم بها مثل الدورات التدريبية، والعروض الفنية، والمعارض، وورشات العمل، والندوات، والمشاركة في الملتقيات، والمناسبات العامة.
التمسك بقيم الأصالة
وبرأي عبد الرحمن فإن للجمعيات دوراً كبيراً في تحفيز المجتمع بشكل عام كونها عنصراً محركاً وفاعلاً، كل جمعية حسب اختصاصها، وبالنسبة لجمعية مداد تهدف بالدرجة الأولى إلى تقديم الفائدة بدلاً من الثقافة السطحية السائدة، وبالتالي إنقاذ الجيل من مخاطر التكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي، لنؤكد على ثقافتنا وجذورنا وأصالتنا، وللتمسك بقيم الأصالة والتراث الموجودة بالمجتمع، والمحافظة عليها، ودعم استمراريتها حتى لا تندثر.
تغذية فكرة التطوع
على الراغبين بالانتساب للجمعية أن يكونوا من المهتمين، بحيث يكون العضو فاعلاً، على أن يساهم ويكون له أثر إيجابي، وتضيف رئيسة مجلس الإدارة: نحتاج لعدة أشخاص فاعلين ومبادرين ولديهم ثقافة التطوع، نسعى إلى زيادة الخبرات الموجودة رغم الصعوبات التي تعترض عملنا كقلة مصادر التمويل، وأماكن التدريب كون مقر الجمعية غير كاف، ولا يستوعب الأعداد الكبيرة التي يحتاج إليها المتدربون، ولذلك تجلت خطتنا في أن نوزع الموهوبين في أندية موسيقية، وفنون تشكيلية، ونادي خط، وفنون شعبية، والشعر، والأدب، وهناك تنسيق وتعاون مع الجهات الرسمية والمحلية، والجمعيات والأشخاص المهتمين بالشأن الثقافي.
وختمت عبد الرحمن بجملة مفادها: الرضى عن العمل هو التوقف عند حد ما، طموحاتنا أكبر من العمل المقدم، والعمل حسب الإمكانيات.
تهذيب الروح والأخلاق
مع بداية انطلاقة الجمعية تم تأسيس فرقة ” إبداع” من خلال مجموعة من الشبان والشابات الموهوبين بمواهب متنوعة، وتسعى الجمعية لتحقيق أهدافها من خلال خطة عمل، وعدة فعاليات.
مدربة الفنون الشعبية رحاب محسن أوضحت بأن “فرقة إبداع” تعنى بإحياء التراث الشعبي بمحافظة طرطوس عموماً، ومنطقة الدريكيش خصوصاً، وتتضمن إضافة إلى الفنون الشعبية الفرقة الموسيقية من عزف وكورال وغناء، وهي باكورة جمعية مداد، فكان الهدف من إبداع التعريف بالتراث الشعبي الأصيل، ليبقى جيلنا على صلة بالفن الذي تربى عليه آباؤه وأجداده كعزف الزلوف، والميجانا، والدبكة، وبطريقة متطورة أحياناً، وبرأي محسن فإن البساطة تهذب الروح والأخلاق، ولذلك علينا أن نغذي ثقافة جيلنا بالتراث والحضارة، مشيرة إلى توسع عدد المنضمين للفرقة، كما تعددت مواهب المشاركين.
شرائح موهوبة
للدكتور ماهر إبراهيم شرف الانتماء والمشاركة في تأسيس الجمعية لما لها من بعد أدبي وثقافي وتنموي، مضيفاً: بالنسبة لي البعد التنموي هو الأهم كوني من خلاله يمكن أن أساهم في التنمية، حيث إنني دكتور مهندس في مجال الهندسة المعلوماتية، ومن خلال اختصاصي الجامعي يمكن أن نستقطب شرائح موهوبة وهامة لتنميتها وإبراز دورها في المجتمع، لافتاً إلى أن الجمعية بشكل عام ضرورة هامة كونها تساهم في تنمية الجانب الثقافي والإنساني، ولاسيما في هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها على صعيد الوطن.
مشروعات ثقافية وأدبية
الشاعرة علا عبد الله، أمين سر الجمعية، وجدت في خلق الجمعية صيغة وإطاراً تستطيع من خلالهما أن تعمل على تحقيق مجموعة من المشروعات الثقافية الأدبية والنقدية، كما تشكّل مداد بيئة مناسبة لتلاقح الأفكار، وتبادل الآراء، وتوليد أفكار جديدة، وتوسيع المجالات العلمية والثقافية من خلال التعاون مع شخصيات ثقافية تعمل في مجالات أخرى لا تقل أهمية عن الأدب والشعر.
دارين حسن