اللجنة السورية الروسية المشتركة توقّع البروتوكول الختامي واتفاقية التسهيلات الجمركية
وقّعت اللجنة السورية الروسية الدائمة المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والتقني والعلمي خلال اجتماعها الثاني عشر في موسكو أمس البروتوكول الختامي للاجتماع واتفاقية للتعاون في مجال التسهيلات الجمركية بين البلدين.
ووقّع البروتوكول عن الجانب السوري نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، وعن الجانب الروسي يوري بوريسوف نائب رئيس الوزراء الرئيس المشارك للجنة الروسية السورية الدائمة، بينما تم توقيع اتفاقية التسهيلات الجمركية من قبل المعلم وفلاديمير إيفين نائب رئيس المؤسسة الفيدرالية الروسية للجمارك.
وكانت اللجنة السورية الروسية الدائمة المشتركة عقدت أمس جلستي مباحثات، إحداهما مصغّرة بين الوزير المعلم وبوريسوف وأخرى موسعة.
وأكد المعلم خلال الجلسة المصغّرة أن الهدف والمبدأ الأساس لعلاقات التعاون بين سورية وروسيا هو بناء شراكة استراتيجية ترقى إلى مستوى علاقات التحالف القائمة، معرباً عن تقديره لما تم تحقيقه في مجال التعاون الاقتصادي، مؤكداً ضرورة الارتقاء بهذا التعاون إلى مستوى توجيهات قائدي البلدين السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس فلاديمير بوتين وطموحات الشعبين، داعياً إلى البحث في الطرق والوسائل التي تكفل تحقيق قفزة نوعية في علاقات التعاون الاقتصادية والتبادل التجاري وتجاوز المعوقات كافة، معرباً عن يقينه بوجود رغبة وإرادة مشتركة لبناء صرح متين للتعاون يحقق ما يصبو إليه البلدان.
وأكد المعلم أن الشعب السوري يقدّر عالياً مواقف روسيا الاتحادية إزاء الحرب الظالمة التي فرضت على بلاده، ويتطلع ويرحب بمساهمتها في عملية إعادة الإعمار ودعم الجهود الوطنية السورية لتجاوز آثار العدوان وعودة الأمن والأمان والرفاه إلى ربوع سورية.
وأكد بوريسوف عمق العلاقات السورية الروسية واستعداد موسكو لمواصلة تفاعلها بطريقة بنّاءة وذات منفعة متبادلة في جميع المجالات من الحوار السياسي إلى التعاون العسكري والاقتصادي والعلاقات الإنسانية، وقال: إننا في هذا السياق نعتزم مواصلة المسيرة ومتابعة الحفاظ على ديناميكية عالية من الحوار وبناء التجارة والاستثمار والتعاون العلمي والتقني والثقافي والإنساني، وستواصل روسيا الاتحادية تقديم الدعم الشامل للشعب السوري، مضيفاً: إن موسكو تولي أهمية خاصة لاجتماعات اللجنة المشتركة لتحقيق هذه الأهداف، وتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية، مشيراً إلى التفاهمات التي تم التوصل إليها في مجمل القضايا المدرجة على جدول الأعمال.
وفي الجلسة العامة الموسعة، أكد المعلم أن الموقف الروسي من العدوان الإرهابي الذي تتعرض له سورية شكّل عمقاً جديداً لعلاقات الصداقة التاريخية المتجذرة بين بلدينا وشعبينا، مشيراً إلى أن الدعم الذي قدمته روسيا الاتحادية على كل الأصعدة وخاصة الدعم العسكري والمساهمة في مكافحة الإرهاب كانت عاملاً أساسياً في الإنجازات الميدانية ضد مجموعات الإرهاب الدولي وداعميها من الأطراف المتآمرة على سورية وفي مقدمتها الولايات المتحدة والنظام التركي اللذان يحاولان تعويض فشل واندحار أدواتهما من المجموعات الإرهابية والوصول إلى ما عجزت عن تحقيقه بالتدخل العسكري المباشر وممارسة التهجير والتطهير العرقي وسرقة الثروات الوطنية السورية.
وشدد المعلم على أن الشعب السوري وقواته المسلحة الباسلة أكثر تصميماً على الاستمرار في تعزيز الإنجازات الميدانية، ومطاردة فلول الإرهاب التكفيري حتى القضاء عليه، وإنهاء أي وجود أجنبي غير مشروع على الأراضي السورية، والدفاع عن سيادة سورية، والحفاظ على وحدتها أرضاً وشعباً، مضيفاً: إن سورية تتعاطى بشكل إيجابي وبنّاء مع كل الجهود الجادة للخروج من الأزمة الراهنة على أساس احترام السيادة الوطنية السورية، وعدم التدخل في الشأن الداخلي، وأن أي عملية سياسية يجب أن تكون سورية سورية، مُلكية وقيادة ومخرجات، والقول الفصل فيها للسوريين حصراً.
من جانبه، أكد نائب رئيس اللجنة السورية الروسية الدائمة من الجانب الروسي ميخائيل بابيج أنه تم بناء آلية فعالة لتعزيز مشاريع التعاون الرئيسة، وتحديد المشاريع الواعدة الجديدة ومجالات التعاون، ورصد قائمة المشاريع ذات الأولوية للتعاون الروسي السوري المشترك، وقال: إننا نركّز على توفير المنتجات ذات الاستهلاك الشعبي بالرغم من انخفاض حجم صادرات هذه المنتجات بنسبة 9ر8 بالمئة خلال عام 2019 ونتطلع إلى تحسين ديناميكية التجارة المتبادلة بين روسيا وسورية في المستقبل، مشيراً إلى أن الإطار التنظيمي للتعاون يتطور بشكل إيجابي، حيث تم اليوم التوقيع على البروتوكول العام وعلى اتفاقية التعاون في المجال الجمركي، وسيتم توقيع وثائق أخرى في المستقبل القريب.
وتابع بابيج: هناك إمكانات كبيرة لتطوير التعاون الثنائي في مجالات مثل الطاقة والصناعة والنقل والبناء، وإن الشركات الروسية على استعداد للمشاركة في ترميم مختلف المنشآت في سورية، مضيفاً: إننا نعتبر أنه من المهم الحفاظ على تعاون فعال في المجال الإنساني بما في ذلك في مجال العلوم والتعليم، وإن الجانب الروسي اكتسب خبرة واسعة في مجالات مثل أمن الشبكات وأتمتة الإدارة العامة ومراقبة الراديو، ووضع الحلول لمشغلات الاتصالات ومنتجات البرمجيات الأخرى.
حضر جلسات اللجنة وزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، ووزير النفط والثروة المعدنية الدكتور علي غانم، ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل، والأمين العام لرئاسة الوزراء قيس خضر، ومعاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، وسفير سورية في موسكو رياض حداد، وحاكم مصرف سورية المركزي حازم قرفول، ومعاون رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي ثريا إدلبي، والوفد الرسمي والفني.
وفي تصريح له عقب المحادثات، قال وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل: شهد الاجتماع الثاني عشر للجنة السورية الروسية الدائمة المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والتقني العلمي نقاشات جدية ومهمة وبنّاءة لتحقيق المزيد من التعاون الاقتصادي على المستويين التجاري والاستثماري، موضحاً أنه تحققت على المستوى التجاري مجموعة من الإجراءات المرتبطة بقرار الاتحاد الأوروآسيوي الذي سيصدر قريباً، ويمنح سورية ميزات وأفضليات في مجال المنتجات الواردة إليها من البلدان النامية، كما تم في الوقت ذاته تحقيق حسومات جمركية للمنتجات السورية عند دخولها أسواق بلدان الاتحاد الأوروآسيوي وفي طليعتها روسيا الاتحادية، مشيراً إلى بروتوكول التعاون الجمركي الذي تطلق عليه تسمية مجال “الممر الأخضر”، ويسهل دخول المنتجات السورية إلى الأسواق الروسية، ويخفض الإجراءات الزمنية للتخليص الجمركي، وهذا ما يخفض بدوره التكلفة في هذا المجال، ويعطي المنتجات السورية المزيد من القدرة على المنافسة في الأسواق الروسية وصولاً إلى مزيد من التبادل التجاري بين البلدين.
وأوضح الوزير الخليل أنه تم تناول الوضع الاستثماري، وفرص الاستثمارات في مجالات مختلفة، ورغبة الشركات الروسية في الدخول إلى قطاعات مختلفة واعدة في سورية على مستوى إعادة الإعمار والمشاريع المتنوعة التي تمتلك الشركات الروسية خبرة واسعة في تنفيذها ولها الأولوية في هذا المجال.
بدوره، أكد الوزير غانم أهمية تعزيز التعاون مع الأصدقاء الروس في المجال النفطي، وذلك عبر الاجتماعات التي عقدت سواء لجهة اللجنة السورية الروسية الدائمة أم لجهة خريطة الطريق الموقّعة مع وزارة الطاقة في روسيا الاتحادية، مشيراً إلى أن هذا التعاون يشمل كل قطاعات النفط والغاز في سورية والثروات المعدنية، وهناك اتفاقية بصدد تدريب وتأهيل الكوادر الفنية في سورية، وكذلك التعاون في تأهيل البنى التحتية، وتأمين احتياجات قطاع النفط.
وقال الوزير غانم: إن الجميع يعرفون أن القطاع النفطي كان مستهدفاً بصورة ممنهجة طيلة سنوات الحرب الإرهابية على سورية، وجاءت الاعتداءات الأخيرة متزامنة لاستهداف ثلاث منشآت نفطية في محافظة حمص والمنطقة الوسطى بما فيها المحطة الغازية، ولكن وبفضل كفاءة وخبرة عمالنا الفنيين في القطاع النفطي تم العمل بسرعة لإعادة تأهيل ما تضرر، وتمت السيطرة عليه بزمن قياسي، وبدأت أغلب الوحدات الإنتاجية بالعمل بعد ساعات قليلة من الاستهداف.
من جهته، قال معاون وزير الخارجية والمغتربين: إن اجتماع اللجنة السورية الروسية المشتركة الدائمة هو خطوة جديدة في تعزيز مسيرة التعاون بين البلدين بهدف بناء شراكة استراتيجية، والارتقاء بعلاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والصناعي وغيرها إلى مستوى العلاقات السياسية، وأضاف الدكتور سوسان: إن زيارة بوريسوف إلى دمشق الأسبوع الماضي مهّدت لهذه الاجتماعات في موسكو، وهي خطوة في مسيرة تعزيز هذا التعاون، لافتاً إلى أن هناك مجالات عديدة تم التوافق بشأنها، وستشهد الشهور القليلة القادمة مجموعة من الاتفاقات لتعزيز التعاون في مختلف المجالات وخاصة قطاعات النفط والطاقة والصناعة، مشيراً إلى أنه يجري العمل بشكل جدي على صياغة اتفاقية للتبادل التجاري بين البلدين من شأنها زيادته، والارتقاء أكثر بعلاقاتنا الاقتصادية.
من جهته، قال فيكتور بابيتشيف نائب رئيس الجانب الروسي للجنة السورية الروسية المشتركة الدائمة: لقد أنجزنا عملاً كبيراً، واستخلصنا نتائج تلك الالتزامات الناجمة عن الجلسات السابقة للجنة المشتركة الدائمة، مضيفاً: تم عمل الكثير، ونسعى لتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه وبالدرجة الأولى في مجال الطاقة والتنمية الصناعية، وتطوير مرفأ طرطوس، وطرق المواصلات لإيصال الشحنات، وزيادة التبادل التجاري، وهناك نتائج ملموسة مهمة في هذه المجالات، وتابع: إن الخطط التي رسمناها هي خطط كبيرة وواعدة ومؤهلة لتطوير علاقاتنا، والخروج بها إلى مستويات جديدة، وتنفيذ عشرات المشاريع المهمة التي سيجري تشييدها معاً في سورية قريباً.