صحيفة البعثمحليات

شركات الشحن “فوق الموت عصة قبر” تراخيص مخالفــــة.. ورســــوم بالملاييـــن.. وقـــرارات مـــع وقــــف التنفيــــذ

 

قد يكون من غير المجدي الحديث عن تشجيع الإنتاج وتنشيط الصادرات في ظل الاستمرار بوضع العصي في عجلات شركات الشحن التي تعتبر عصب التجارة في أي بلد، فالحديث الرسمي بالانفتاح على التصدير وتقديم كل التسهيلات يتنافى مع الواقع الذي يثبت مراراً وتكراراً أن كلام العموميات لا ينفع شيئاً أمام التنفيذ، وكل القرارات التي صدرت لدعم الشحن اصطدمت بعراقيل حدّت من تطبيقها، وإن كانت الضغوط الخارجية والتضييق على السائق السوري هي المشكلة الأبرز، إلا أن إهمال الداخل يقوض الكثير من المشاريع ويتسبب بإحجام البعض عن العمل.
مشاكل شركات شحن البضائع ليست وليدة الأمس، فأغلبها تجاوز عمرها سنوات عدة دون حل ولا حتى مؤقت، وخلال لقائنا عدداً من العاملين في الشركات كان لهم شكاوى حول تعدد القطاعات التي يُلزمون بالانتساب لها، ودفع رسوم لجهات ليس لها أية إشراف عليهم (كالمؤسسة العامة للبريد)؛ مما جعل الانتساب لاتحاد شركات الشحن عبئاً يتهربون منه حتى اليوم، إضافة إلى التأخر غير المبرر في إصدار البوليصة التي تسبب غيابها بتجريم سائقي الشاحنات بجرائم تهريب ليس لهم شأن بها، وأشار أصحاب الشركات إلى صعوبة استرجاع السيارات التي خرجت خلال الحرب، وعرقلة إبراء البيانات الجمركية لشاحنات خرجت عبر معابر معتمدة قبل أن يتم تخريب البيانات وإغلاق المعابر، فضلاً عما يواجههم من نقص في الأسطول وصعوبة ترميمه.

تضييق الخناق
وبعد أن نقلنا الشكاوى لرئيس اتحاد شركات شحن البضائع الدولي صالح كيشور لم يبدِ اختلافاً مع أي مما سبق، حيث رأى أن المرحلة الحالية تتطلب مرونة أكبر، وتبسيطاً في الإجراءات من قبل الحكومة، في الوقت الذي يعمل فيه الاتحاد على توقيع اتفاقيات لتنشيط الحركة التجارية مجدداً، موضحاً أن سورية لاتزال عضواً في الاتفاقيات الدولية للشحن الدولي والمنظمات العالمية، ورغم ذلك يواجه السائق السوري ضغوطاً عديدة في الدخول إلى أية دولة، كالأردن والعراق مثلاً؛ ففي الأردن يمنع دخول السيارات السورية، وفي العراق رغم افتتاح معبر القائم وتقديم كافة التسهيلات للشاحنات العراقية ماتزال الشاحنات السورية ممنوعة من الدخول رغم استمرار المناقشات بين الطرفين، والوعود بالسماح بمرور الشاحنات السورية.

حبر على ورق
وبعد الخسارة الكبيرة التي لحقت بالأسطول السوري طالبت الشركات بالسماح باستيراد السيارات المستعملة لترميم النقص، ولاقى الاقتراح قبولاً حكومياً لاستيراد سيارات مستعملة من 5-10 سنوات، إلا أنه حتى اليوم لم يستفد أحد من الاستيراد –وفقاً لكيشور- كون جمرك السيارة فاق سعرها بكثير ، فبقي القرار حبراً على ورق، علماً أنه من المتعارف عليه عالمياً أن كل وسائل النقل ومواد إعادة الإعمار تعفى جمركياً، فيما تكلف هنا أكثر من قيمتها الفعلية، وطالب كيشور ببعض التعاون من الجمارك للاستفادة من القرار، فيد واحدة لا تصفق، وإعادة بناء الأسطول لن يكون سهلاً إلا بهذه الطريقة، مؤكداً في الوقت ذاته أنه لا يوجد أي قيد أو عقوبة أو شرط للشركات التي خرجت في الحرب وتطلب الرجوع حالياً.

تجاهل
واستنكر كيشور منح تراخيص وسجلات تجارية لشركات غير منتسبة للاتحاد رغم قرار مجلس الوزراء بإلزام الشركات بالانتساب، فاليوم هناك 40% من الشركات غير منتسبة، وهي تعمل بشكل طبيعي ولا عقوبات تؤخذ بحقها، بل تحصل على جميع الأوراق المطلوبة في تناقض واضح بين القرارات والتنفيذ، وأوضح كيشور أن عدد الشركات المنتسبة للاتحاد بلغ 480 شركة، ورسوم الاشتراك ليست عائقاً أمام أحد؛ فهي لا تتجاوز 50 ألف ليرة سنوياً، أما الرسوم الأخرى فهي مجحفة بحق شركات الشحن حيث تسبب زيادة رسم الطرد من قبل المؤسسة العامة للبريد من 3.5 إلى 11 مليون ليرة بإحجام عدد من الشركات المختصة بنقل الطرود عن العمل، كما تتدخل المؤسسة بعمل الشركات وتلزمها بالانتساب، علماً أن عدداً من هذه الشركات لا تعمل بنقل الطرود، وبيّن كيشور أن الاتحاد طالب مراراً بمعالجة هذه الإشكالية دون جواب؛ مما جعل بعض الشركات ترسل طروداً تحت اسم شركات أخرى لتوفير المال؛ مما يضر بسمعتها وعملها.

تجميد القرار
من جانب آخر قد مضى 3 سنوات منذ اقتراح بوليصة الشحن دون أي قرار بشأنها بعد، حيث أكد كيشور أن إصدار البوليصة كفيل بحفظ حقوق كل الأطراف بدءاً من المصدّر وصولاً إلى المستورد حتى الوجهة النهائية، وهي ضرورية لتحمّل كل شخص مسؤوليته وتحاكي نموذج البوليصة العالمية، فاليوم هناك شركات شحن سُجن أصحابها أو سائقوها لوجود مخدرات ومهربات في البضائع المشحونة، وتملص المصدّر من مسؤوليته، ومع أن البوليصة المقترحة حصلت على الموافقة إلا أنه لم يصدر تعليمات تنفيذية لها فبقيت مجمدة حتى اليوم، مؤكداً أن ثمن البوليصة لا يتجاوز تكلفتها الفعلية؛ فهي لا يمكن أن تكون مجانية، وفي الوقت ذاته لا يوجد أية أرباح أو فوائد زيادة على التكلفة.

يوم واحد.!
وجدّد كيشور مطالبته بإبراء البيانات الجمركية لشركات الترانزيت التي عبرت الحدود، وإزالة منع السفر عن أصحابها، فبعد تخريب المستندات في المعابر سجل بحق عدد من الشركات عقوبات، رغم أنه تم نقلها برفقة الجمارك من معبر لآخر وليس عليها أية مسؤولية، ولدى اقتراح الاتحاد بحل المشكلة عبر غرامة مالية صدر القرار باستيفاء غرامة مقدارها 10 آلاف ليرة، إلا أنه استمر ليوم واحد فقط استفاد منه عدد ضئيل قبل إلغائه لسبب غير مفهوم..!
ريم ربيع