مستقبل بريطانيا محفوف بالمخاطر
ترجمة: هناء شروف
عن الأوبزرفر 29/12/2019
يكافح جونسون لإنهاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن قيادة البلاد في عصر متقلب. وحال بريطانيا في عام 2020 يشبه باخرة متداعية تتسرب إلى مياه مجهولة بقبطان مشكوك في قدراته. إن القول بأن العام المقبل مليء بالتحديات هو وسيلة مريحة للقول إن بريطانيا ستخضع للاختبار، وربما إلى نقطة الانهيار، بطرق لم تختبرها كثيراً من قبل. هناك عقبة حرجة، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني، تعهد جونسون المتهور بإنهاء علاقته التجارية مع أوروبا بنهاية العام. يقول الأشخاص ذو الخبرة في المفاوضات التجارية إنه لا يمكن القيام بذلك، ما لم تقبل بريطانيا بكامل مطالب أوروبا.
ستواجه الحكومة في وقت واحد تحديات دستورية خطيرة، وعلى رأسها مطلب الحزب الوطني الاسكتلندي المؤيد للجولة الثانية من الاستفتاء على الاستقلال. من السهل إجراء تصويت جديد يمكن أن يؤدي مباشرة إلى تفكك المملكة المتحدة. لهذا السبب يعارضها جونسون. وفكرة أنه يمكن حظر الاستفتاء إلى أجل غير مسمى تبدو غير معقولة. ومن المحتمل أيضاً أن يؤدي عدم اليقين المستمر بشأن ترتيبات الحدود مع جمهورية ايرلندا إلى زيادة التوترات، وربما عنف متزايد، في ايرلندا الشمالية. وبينما يحدث كل هذا، ستشرع الحكومة في إجراء مفاوضات مثيرة للجدل وغير متكافئة مع إدارة ترامب بشأن التجارة عبر الأطلسي بعد الاتحاد الأوروبي. لا يوجد أدنى شك في أن الولايات المتحدة سوف تستغل الاحتياج البريطاني إلى أقصى حد.
إن آمال مؤيدي بريكست في الحصول على مكان جديد في العالم لـ “بريطانيا العالمية” سوف تعتمد إلى درجة كبيرة على إعادة ضبط العلاقات الحالية مع القوتين العظيمتين المهيمنتين الولايات المتحدة والصين. سيكون تأمين الصفقات العادلة صعباً بما فيه الكفاية، لكن سيكون هناك بعض المقايضات المحتملة التي تستلزم تضييق السيطرة السيادية التي كان من المفترض أن تستعيدها بريطانيا بعد بريكست، وربما تكون متواضعة. قد يشمل الثمن غير المباشر للاتفاق مع دونالد ترامب اتخاذ موقف أكثر خطورة من إيران، أو إضعاف التزام بريطانيا بحل الدولتين في فلسطين. هناك خطر حقيقي من أن يتم التضحية باستقلال بريطانيا في الفكر والعمل من أجل تحالف أمريكي أوثق.
في الوقت الحالي، تتباعد النظرة العالمية الأمريكية إلى حد بعيد عن النظرة العالمية البريطانية، وتمثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية خطراً إضافياً، وسوف يطالب ترامب بتأييد جونسون مع أنه يبدو وكأنه ينحاز إلى الجانب الآخر.
غالباً ما يتم التغاضي عن الضرر الذي ستلحقه مغادرة بريطانيا بمشروع الاتحاد الأوروبي المنهك بالفعل في لندن، لذلك إن تصاعد عدم الاستقرار في جميع أنحاء القارة، والذي يظهر في النفوذ المتزايد للشعوب اليمينية المتطرفة والقوميين، ليس في صالح بريطانيا، وحتى ضعف التحالف الأنكلو- ألماني هو أحد أكثر العواقب إثارة للقلق.
هناك أيضاً الكثير من القضايا الشائكة التي تضع ديمقراطية وسيادة بريطانيا على المحك مثل ديكتاتورية رجب طيب أردوغان التي تزيد معاداة أوروبا والناتو. وفي الخليج، يظل السعوديون بدون عقاب على مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018. وقضايا كثيرة في تايلاند وباكستان والبرازيل وفنزويلا، قد يكون عام 2020 عاماً خطيراً.