النواب العراقي يلزم الحكومة بإنهـاء وجود القوات الأجنبية
بدأت تداعيات الجريمة الإرهابية التي ارتكبتها القوات الأمريكية في العراق بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتفاعل في الأوساط الرسمية والشعبية العراقية، وتعالت الأصوات بضرورة إخراج القوات الأمريكية من العراق، حيث صوّت مجلس النواب العراقي أمس بأغلبية مطلقة على قرار يلزم الحكومة العراقية بإنهاء الوجود الأجنبي في البلاد، بعد الجرائم الأميركية ضد مقرات عسكرية عراقية وقيادات عسكرية عراقية وصديقة رفيعة المستوى.
وصوّت المجلس، خلال جلسته بحضور رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي، على القرار الذي تضمّن إلزام الحكومة العراقية بإنهاء وجود أي قوات أجنبية في الأراضي العراقية، ومنعها من استخدام الأراضي والأجواء العراقية، ودعا إلى ضرورة الكشف عن أعداد الفنيين والمدربين الأجانب الذين تحتاج إليهم الحكومة العراقية وأماكن وجودهم ومهامهم ومدة عقودهم.
من جهته، شدّد عبد المهدي في كلمة ألقاها أمام البرلمان أمس، على أن الخيار الأصح والأنسب هو انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، مشيراً إلى أنه بات من الصعب على بغداد حماية هذه القوات، وأكد أن وجود القوات الأجنبية ينحصر بتدريب القوات العراقية، وأن “الحشد الشعبي” جزء من المنظومة العسكرية العراقية، مشيراً إلى انعكاسات الصراع بين الولايات المتحدة وإيران على العراق، حيث امتعضت واشنطن من الموقف العراقي الرافض للعقوبات ضد إيران، كما أنها أبلغت الجانب العراقي أن “إسرائيل” مسؤولة عن الهجمات السابقة على “الحشد الشعبي”، في الوقت الذي حذّرت فيه الحكومة العراقية من ردود أفعال خارجة عن السيطرة في حال حصول أي هجمات أمريكية. وفي ختام حديثه أشار عبد المهدي إلى أن الوجود الأمريكي محصور بمحاربة “داعش” ومساعدة القوات العراقية فقط، وأن القوات الأمريكية تجاوزت حدود الاتفاق باستهدافها “الحشد الشعبي”.
وأكد أن من مصلحة العراق والولايات المتحدة إنهاء الوجود العسكري الأمريكي بعد الأحداث الأخيرة، ومعتبراً أن الخيار الأصح هو انسحاب القوات الأجنبية لأنه بات من الصعب حمايتها.
ورفع برلمانيون، في وقت سابق، هتافات مناهضة للولايات المتحدة، تحت قبة البرلمان مطالبين بخروج القوات الأمريكية من العراق، وذلك قبيل عقد الجلسة.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية العراقية أنها تقدّمت بشكوى ضد الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن والأمم المتحدة حول الاعتداءات الأميركية التي استهدفت مواقع عسكرية عراقية وقيادات عسكرية عراقية وصديقة.
وقالت الوزارة في بيان لها أمس: إنها “رفعت شكوى بموجب رسالتين متطابقتين إلى كل من رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة عبر الممثلية الدائمة لجمهورية العراق في نيويورك بشأن الهجمات والاعتداءات الأميركية ضد مواقع عسكرية عراقية والقيام باغتيال قيادات عسكرية عراقية وصديقة رفيعة المستوى على الأراضي العراقية، ما يشكّل انتهاكاً خطيراً للسيادة العراقية ومخالفة لشروط وجود القوات الأميركية في العراق”، وأشارت إلى مطالبة العراق مجلس الأمن بإدانة عمليات القصف والاغتيال الأميركية.
وكانت الخارجية العراقية استدعت في وقت سابق أمس السفير الأميركي في بغداد احتجاجاً على جريمة اغتيال المهندس وسليماني وعدد من كوادر الحشد، مؤكدة أنها انتهاك سافر للسيادة العراقية ولجميع الأعراف والقوانين الدولية.
وقالت الوزارة في بيان: إن الوكيل الأقدم لوزارة الخارجية عبد الكريم هاشم مصطفى أكد خلال استدعاء السفير الأمريكي ماثيو تولر إدانة بلاده لهذا العمل “الذي يمثّل انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق ولجميع الأعراف والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول ومنع استخدام أراضيها في تنفيذ اعتداءات على دول الجوار”.
وشدّد مصطفى على أن “ما حدث من اعتداءات يخالف ما تم الاتفاق عليه من مهام للتحالف الدولي الذي ينحصر بمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي وتدريب القوات الأمنية العراقية بالتنسيق مع الحكومة العراقية وإشرافها”، وتعتبر وزارة الخارجية هذه العمليات العسكرية غير المشروعة التي نفّذتها الولايات المتحدة اعتداء وعملاً مداناً يتسبب في تصعيد التوتر بالمنطقة.
وفي رسالة شديدة إلى القوات الأمريكية في العراق، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى تشكيل “أفواج مقاومة دولية”، وأضاف: “أدعو الفصائل العراقية المقاومة بالخصوص والفصائل خارج العراق إلى اجتماع فوري للإعلان عن تشكيل أفواج المقاومة الدولية”، معرباً عن عدم رضاه إزاء النقاط التي وضعها برلمان بلاده للتصويت على الوجود الأمريكي في البلاد، على خلفية الجريمة الإرهابية.
وكان الصدر قد طالب البرلمان العراقي بالتركيز خلال التصويت على نقاط بينها “إغلاق سفارة الشر الأمريكية” لدى بغداد، وطالب، في بيان نشر على صفحته في “تويتر”، بإلغاء الاتفاقية الأمنية فوراً، وعدم الالتزام ببنودها المجحفة والمذلّة، وبإغلاق سفارة الشر والقواعد الأمريكية، وطردها بصورة مذلّة، وتجريم التواصل مع الحكومة الأمريكية والمعاقبة عليه، وإسناد الجيش العراقي والقوات الأمنية بالمقاومة الأمنية المنضبطة لحماية سيادة العراق وحدوده وسمائه، وحماية السفارات الأخرى في العراق، ومقاطعة المنتجات الأمريكية.