ترامب إرهابي.. ونهاية الوجود الأمريكي في غرب آسيا بدأت ملايين الإيرانيين يشيّعون الشهيد سليماني ورفاقه: سننتقم
في مشهدٍ غير مسبوق، شيّعت حشود مليونية من المواطنين في منطقة الأهواز الإيرانية جثامين الشهداء قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الفريق قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، ورفاقهما، الآتية من النجف الأشرف في العراق.
وخرجت الحشود في مدينة الأهواز، وهي تردّد الهتافات المندّدة بالولايات المتحدة وجريمتها، والمعبّرة عن الحزن باستشهاد سليماني والمهندس ورفاقهما، مؤكدة أن قائد فيلق القدس “من الشخصيات الاستثنائية التي يحبها كل الإيرانيين بمختلف تياراتهم”، وكان له “الدور الأبرز في توفير أمن المدينة”.
ومن المقرر أن تنقل جثامين الشهداء بعد مراسم التشييع في مدينة الأهواز إلى مدن مشهد وطهران وقم وكرمان، لاستكمال المراسم قبل دفنهم في مثواهم الأخير، حيث سيوارى الشهيد سليماني في كرمان، أمّا جثمان الشهيد المهندس، فانتقل إلى إيران لإجراء فحص الحمض النووي، ثم سيرجع إلى النجف، حيث سيدفن في مقبرة وادي السلام.
وفي ردود الأفعال على جريمة اغتيال الفريق سليماني ورفاقه، أدان مجلس الشورى العمل الإرهابي الأمريكي، مؤكداً أنه انتهاك لجميع القوانين والمعاهدات الدولية ومثال واضح للإرهاب الدولي، وقال المجلس في بيان: إن الولايات المتحدة بدأت بمغامرات وعمليات إرهابية، ومن الضروري أن يتم العمل الدبلوماسي والسياسي من قبل المجتمع الدولي كاملاً للوقوف بوجهها، مؤكداً أن حكومة الولايات المتحدة تنتهك بهذا العمل الجبان جميع القوانين والمعاهدات الدولية.
وأوضح البيان أن هذا العمل الأمريكي ليس انتهاكاً للسيادة الوطنية العراقية فحسب، بل هو أيضاً عمل ضد الأمن القومي الإيراني ومنطقة غرب آسيا والعالم بأسره، مشدداً على ضرورة اتخاذ تدابير حاسمة وأقصى درجات اليقظة من أجل ضمان الأمن القومي لإيران وجميع شعوب العالم.
مجلس الشورى قال: إنه يجب اتخاذ إجراءات دبلوماسية للتصدي لإرهاب الدولة الأمريكي، كما صادق في جلسته على مشروع إدراج الجرائم والمؤامرات الأميركية ضمن المناهج المدرسية.
قلب الموازين في المنطقة
كما أكد رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، أن استشهاد الفريق سليماني ورفاقه قلب الموازين في المنطقة، وقال مخاطباً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: لقد ارتكبت جريمة كبيرة سيسجل اسمك في تاريخ العالم إلى جانب مرتكبي جريمة انقلاب 19 آب 1953، والجريمة الأمريكية بإسقاط طائرة الركاب الإيرانية في تموز عام 1988.
ونوّه لاريجاني بما قدّمه الشهيد سليماني ودوره الرائد في قيادة قوة القدس والدفاع عن أمن المنطقة بمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، وأضاف: إن المسؤولين الأمريكيين قالوا: إن القائد سليماني كان يريد اتخاذ إجراء ضد القوات الأمريكية في المنطقة وهذه المزاعم باطلة، وعلى الشعب الأمريكي ومجلس النواب أن يعلما أن مزاعم الرئيس الأمريكي ما هي إلا كذبة للتغطية على جريمة الحرب والعملية الإرهابية التي ارتكبتها أمريكا.
بدوره أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن أمريكا ارتكبت انتهاكات خطيرة للقانون الدولي عبر الاغتيالات الجبانة التي نفّذتها يوم الجمعة الماضي بحق الفريق سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما.
ورداً على تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستهداف مواقع إيرانية قال ظريف في تغريدة على موقع تويتر: من يتنكرون في هيئة دبلوماسيين ومن حددوا بلا خجل الأهداف الثقافية والمدنية الإيرانية ألم يتعبوا أنفسهم وينظروا في القوانين الجنائية الدولية، لافتاً إلى أن قواعد وأساسيات القانون الدولي تشير إلى أن هذه خطوط حمراء دولية وممنوعة قطعاً.. واستهداف المواقع الثقافية يعد جريمة حرب، وأضاف: شاءت أمريكا أم أبت، فقد بدأت نهاية الوجود الخبيث لها في غرب آسيا.
ترامب إرهابي يرتدي بزة
بدوره وصف وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي في تغريدة على تويتر ترامب بأنه “إرهابي يرتدي بزة”، وقال: “ترامب إرهابي يرتدي بزة.. شأنه شأن تنظيم “داعش” الإرهابي وهتلر وجنكيز خان.. سيتعلم من التاريخ قريباً أن أحداً لا يستطيع هزيمة الشعب الإيراني”، فيما قال وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي: إن العالم بأسره يتحمّل مسؤولية الوقوف بوجه الإرهاب الأمريكي، موضحاً أنه إذا لم يتحمّل العالم مسؤولية التصدي لجريمة اغتيال سليماني، فستتكرّر هذه الجريمة وتصبح منظمة، وأضاف: نشهد اليوم خطوة غبية جداً أقدمت عليها أمريكا بإصدار أمر باغتيال قائد إيراني كبير.. هذه العملية جريمة إرهابية منافية لكل القوانين الدولية ولم نر مثيلاً لها في التاريخ، مشدداً على أن هذه الجريمة تمثّل منتهى يأس العدو الذي يأمر جيشه الإرهابي بتنفيذ عملية اغتيال ليسجل عملاً إجرامياً حربياً باسمه.
وأكد حاتمي أنه إذا لم يتم التصدي لهذه العملية الإجرامية بالشكل المناسب فإن هذا العدو المتكبر سيكرر إجرامه، مشيراً إلى أن أمريكا تفرض حالياً الحظر حتى على أصدقائها الأوروبيين، وهي تستخدم الدولار كأداة حرب وقمع للعديد من البلدان.
أمريكا لن تتجرأ على ضرب 52 هدفاً
إلى ذلك قال المدعي العام الإيراني جعفر منتظري: إن رسالة تمّ توجيهها إلى وزارة الخارجية لمتابعة الهجوم الإرهابي الأمريكي قانونياً في الأوساط الدولية، وأضاف: إن العملية التي ارتكبها ترامب تعد جريمة وفق القوانين والمواثيق الدولية، وسنتابعها بالتأكيد رغم أنه لا أمل بالأوساط الدولية، إلا أننا نتحمّل مسؤولية المتابعة القانونية على الصعيد الدولي، فيما أكد القائد العام للجيش الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي أن الهدف من تهديدات الرئيس الأمريكي بضرب أهداف في إيران هو التغطية على الجريمة الإرهابية الأخيرة باغتيال الفريق سليماني ورفاقه، وشدّد على أن أمريكا لن تتجرأ على ضرب 52 هدفاً في إيران حسبما ادعى ترامب، موضحاً أن شعوب المنطقة وجميع المضطهدين في العالم وكل المناهضين لأمريكا والمعادين للصهيونية سيحيون ذكرى سليماني، ويواصلون نهجه ونهج المقاومين.
من جانبه اعتبر كبير المتحدثين باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد أبو الفضل شكارجي أن العمل الإرهابي الذي قامت به أمريكا ليس شرفاً ولا مدعاة للفخر، ولكنه يدل على الوضاعة والذل وعدم القدرة على مواجهة المقاومين وجهاً لوجه، مشيراً إلى أنه بعد هذا العمل الإرهابي ينبغي على الولايات المتحدة أن تنتظر ضربات أوسع وأعمق من أي وقت مضى.
في الأثناء، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير السويسري لدى طهران، لكون بلاده راعية للمصالح الأمريكية في إيران، وأبلغته احتجاج طهران على تصريحات ترامب العدائية، وأكد مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية عباس عراقجي للسفير السويسري أن تصريحات ترامب تشكّل انتهاكاً للقوانين الدولية ومثالاً صارخاً على جرائم الحرب، مبيناً أنه لا يمكن قبول هذه التصريحات العدائية والتهديدية بأي شكل من الأشكال، وأشار إلى أن تهديدات ترامب بالهجوم على المراكز الثقافية الإيرانية تذكّر بهجوم المغول أو أعمال الجماعات الإرهابية والمجرمة في تدمير الأماكن التاريخية والثقافية والتي تعتبر بموجب القواعد الدولية جرائم حرب.
بدوره وعد السفير السويسري بأن ينقل الاحتجاج إلى مسؤولي الحكومة الأمريكية في أقرب وقت ممكن.
إرهاب دولة يهدد الاستقرار والأمن الدوليين
عربياً، أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية زياد النخالة، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الإيراني، معزّياً باستشهاد سليماني، أن استشهاد سليماني هو دليل عزّة وكرامة في مواجهه الولايات المتحدة و”إسرائيل”، مشيراً إلى أن قرار إدارة ترامب اغتيال سليماني “يحمل دلالة على ما لهذا الرجل من دور كبير في تعزيز خط المقاومة والجهاد باتجاه فلسطين”، وجدد تأكيده أن “هذه الشهادة لن تكسر خط المقاومة، بل ستجعلها أكثر وعياً بمدى عدوانية الولايات المتحدة وعدائها للشعب الفلسطيني ولشعوب المنطقة كافة.
وأدان الحزب القومي الاجتماعي في اليمن جريمة اغتيال سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، معتبراً في بيان هذه الجريمة انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق وعدواناً سافراً على الشعب العراقي وخرقاً واضحاً للقانون الدولي والمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية ودعوة للعنف واستخدام القوة في حل الخلافات بين الدول.
ودعا الحزب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية إلى الاضطلاع بمهامها ومسؤولياتها لحفظ السلم والأمن الدوليين وإلى إدانة الجريمة الأمريكية وسياسة استخدام العنف والقوة وانتهاك القوانين والعهود والاتفاقيات الدولية والدعوة إلى إيقاف عملية التصعيد السياسي والعسكري ونزع فتيل الحرب التي تعمل الإدارة الأمريكية على إشعالها.
دولياً، أكد رئيس جمعية الصداقة الكوبية العربية رودريغو الفاريس كامبراس أن عملية اغتيال الفريق سليماني تشكّل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، معتبراً سلوك ترامب وسياساته بالجنون، مشيراً إلى أنه لا يأبه لتدمير العالم كله خدمة لمخططاته في الهيمنة، فيما أكد رئيس البرلمان السلوفاكي اندريه دانكو أن الجريمة تمثّل خرقاً للقانون الدولي، مشدداً على أنه لا يمكن أن يلتزم العالم الصمت تجاه هذه العملية، وقال: إن على الاتحاد الأوروبي أن يعبّر الآن وبشكل موحد للولايات المتحدة عن موقفه الرافض لهذه العملية، مشدداً على أنها تمثّل “عملاً غير مسؤول من قبل الولايات المتحدة يعرّض الأمن الدولي للخطر”.
من جهته وصف رئيس اللجنة الأوروبية في البرلمان السلوفاكي لوبوش بلاها عملية اغتيال سليماني بالإرهابية، مشدداً على أنه يتوجب إيقاف الإدارة الأمريكية عن ارتكاب مثل هذه الأعمال وتقديمها إلى محكمة العدل الدولية والتعامل معها ككيان إرهابي، فيما أكد رئيس الحكومة التشيكية الأسبق ييرجي باروبيك أن ما قامت به الولايات المتحدة في العراق يمثّل خرقاً للقانون الدولي ولسيادة الدولة العراقية، مشيراً إلى أن إدارة ترامب بهذا العمل تريد إبعاد الأنظار عن مشاكلها الداخلية، ونبّه إلى أن هذه المغامرة الأمريكية تمثّل خطراً كبيراً ليس فقط على منطقة الخليج، وإنما على السلام العالمي بشكل عام.
ووصف الرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية التشيكي الجنرال اندور شاندور عملية اغتيال سليماني بأنها أسوأ من جريمة لأنها كانت خطأ فادحاً، محذراً من أنها تمثّل استمراراً لسياسة تعكير الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، فيما وصف رئيس معهد العلاقات الدولية التشيكوسلوفاكي يارومير شلاباتا الجريمة الأميركية بأنها مأساة كبيرة تشكّل انتهاكاً واضحاً وخطيراً للقانون الدولي، وقال: إن هذه العملية تمثّل إرهاب دولة، وتتلاقى مع العمليات الإرهابية التي تقوم بها تنظيمات مثل “داعش” و”جبهة النصرة”، داعياً المجتمع الدولي إلى عدم التزام الصمت والإعلان عن الرفض لهذه العملية غير المسؤولة التي تمثّل دعماً مكشوفاً للإرهاب والإرهابيين، وتزيد من حدة التوتر في الشرق الأوسط، وتهدد الاستقرار والأمن الدوليين وخاصة في أوروبا المجاورة جغرافياً.