أنباء متضاربة حول انسحاب ” تحالف واشنطن” من العراق
وسط أنباء متضاربة حول انسحاب محتمل لـ “تحالف واشنطن” من العراق نفى وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر عزم الولايات المتحدة سحب قواتها، مضيفاً: أنه لا يمكن تأكيد ما إذا كانت الرسالة المرسلة من الجنرال سيلي حقيقية، ولكن لا يوجد هناك قرار للقوات الأمريكية بمغادرة العراق.
فيما أشارت مصادر إعلامية إلى أن الجيش الأمريكي أبلغ السلطات العراقية باتخاذه إجراءات للانسحاب من البلاد، مؤكدة أن قوات المشاة البحرية الأميركية بدأت سلسلة إجراءات للخروج من الأراضي العراقية، حيث شهدت العاصمة بغداد بالتزامن مع ذلك تحليقاً مروحياً كثيفاً في سماء المنطقة الخضراء. وورد في بيان عن قيادة العمليات المشتركة بالعراق، حسبما نقلت وكالات، “احتراماً لسيادة جمهورية العراق، وحسب ما طلب البرلمان العراقي ورئيس الوزراء، ستقوم قيادة قوة المهام المشتركة بإعادة تمركز القوات خلال الأيام والأسابيع القادمة”، وأضاف البيان: “من أجل تنفيذ هذه المهمة يتوجب على قوات التحالف اتخاذ إجراءات معينة لضمان الخروج من العراق بشكل آمن”. هذا وحصلت الميادين على صورة عن وثيقة لرسالة التحالف الدولي إلى قيادة العمليات المشتركة في العراق حول إجراءات الانسحاب الآمن.
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أكد أن الحكومة العراقية لا تقبل أن يصبح العراق ساحة لتصفية الحسابات، مشيراً إلى أن القوات الأمريكية موجودة بقرار عراقي وخروجها بقرار عراقي. وفي بيان لمكتب عبد المهدي، قال خلال لقائه السفير الصيني في بغداد تشانغ تاو أمس: “الولايات المتحدة موجودة بقرار عراقي وانسحاب قواتها بقرار عراقي أيضاً”، وأشار إلى أن الصين شريك قوي ومهم للعراق، وأعرب عن شكره لمواقف الصين الإيجابية تجاه بلاده في مجلس الأمن ودفاعها عن حقوق العراق في المحافل الدولية.
بدوره أكد السفير الصيني أن بلاده تدعم العراق بقوة، وتولي اهتماماً لتطوير العلاقات معه.
من جهتها، هدّدت كتائب “حزب الله” في العراق بمنع تدفق النفط الخليجي إلى أسواق الولايات المتحدة في حال فرض الرئيس الأمريكي أية عقوبات على العراق، وقال المسؤول الأمني في الكتائب أبو علي العسكري في تصريح صحفي: “إذا فرض ترامب الأحمق عقوبات اقتصادية على العراق، سنعمل مع الأصدقاء لمنع تدفق النفط الخليجي لأمريكا”، وأضاف: “أما القواعد الجوية، فستحال إلى ركام إذا أصرّ على البقاء في العراق، ومستعدون لمساعدة الحكومة العراقية في تأمين عمل الشركات الصينية”.
وكانت “كتائب حزب الله” قد دعت، في وقت سابق، الأجهزة الأمنية العراقية إلى الابتعاد عن قواعد القوات الأمريكية في عموم البلاد، وقال قائد العمليات الخاصة لدى الكتائب: “على الإخوة في الأجهزة الأمنية العراقية الابتعاد عن القواعد الأمريكية لمسافة لا تقل عن 1000 متر ابتداء من مساء يوم الأحد 5 كانون الثاني”، وأضاف: “على قادة الأجهزة الأمنية الالتزام بقواعد السلامة لمقاتليهم، وعدم السماح بجعلهم دروعاً بشرية للغزاة”.
وكان الأمين العام لـ”عصائب أهل الحق” الشيخ قيس الخزعلي، قال: إن الثأر لجريمة اغتيال القائدين سليماني والمهندس ورفاقهما لن يكون “أقل من طرد كل القوات الأميركية من العراق”، مضيفاً: إن “الجريمة الأميركية تشكّل حدثاً مفصلياً في المنطقة”، وطالب القوات الأميركية في العراق بـ”الخروج فوراً، وفي حال المماطلة سنعتبرها قوات احتلال، ونتعامل معها على هذا الأساس”، وتوجّه للأميركيين قائلاً: “إذا لم تخرجوا ستجدون ردّاً عراقياً قوياً يزلزل الأرض من تحت أقدامكم”.
وكان مجلس النواب العراقي صوّت أمس الأول بأغلبية مطلقة على قرار يلزم الحكومة العراقية بإنهاء الوجود الأجنبي في البلاد بعد الجرائم الأمريكية ضد مقرات عسكرية عراقية وقيادات عسكرية عراقية وصديقة رفيعة المستوى، بينما أعلن عبد المهدي أن المسؤولين العراقيين يعدّون مذكرة للخطوات القانونية والإجرائية لتنفيذ قرار مجلس النواب طرد القوات الأجنبية من البلاد.
إلى ذلك، كشف الجيش العراقي عن الآلية التي أعدّتها بغداد لإخراج القوات الأجنبية من البلاد، وأوضح المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء عبد الكريم خلف أن القرار الذي صدّق عليه مجلس النواب والآلية التي أعدّتها الحكومة تنص على انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، وتعليق مشاركتها في مهام الدعم الجوي، مع الإبقاء على مهام التجهيز والتسليح والدعم اللوجيستي، وأشار إلى أن “التفاهمات جارية” بهذا الشأن بين القيادة العراقية والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وأضاف: “الحكومة ترغب في استمرار الدعم في قضايا التدريب والتسليح.. ليس هناك مذكرة، بل آلية يتم إعدادها لغرض التفاهم مع القوات القتالية للخروج من الأراضي العراقية”.
ولفت خلف إلى أن المذكرتين المبرمتين عام 2014 بين الطرفين كانتا تقتصران على مساعدة التحالف الدولي للقوات العراقية في حربها ضد تنظيم “داعش”، محمّلاً التحالف المسؤولية عن “الانحراف” واتخاذ “قرارات فردية” في الآونة الأخيرة.
وفي بيان بمناسبة الذكرى التاسعة والتسعين لتأسيس الجيش العراقي، دعا الرئيس العراقي برهم صالح العراقيين إلى توحيد الصفوف للحفاظ على أمن وسيادة البلاد، وقال: “تمر علينا اليوم الذكرى الـ99 لتأسيس الجيش العراقي ليستذكر العراقيون بفخر واعتزاز الكثير من المآثر البطولية التي خاضها الجيش ورجاله المخلصون من أجل دحر الإرهاب والانتصار عليه”، داعياً إلى توحيد الصفوف، وتغليب المصلحة الوطنية العليا للحفاظ على أمن وسيادة واستقرار العراق في ظل الظروف البالغة التعقيد التي تشهدها المنطقة.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب التآزر، والعمل المشترك بين جميع العراقيين بكل مكوّناتهم، وإدامة زخم الانتصارات بمطاردة فلول تنظيمات الإرهاب، وتحقيق النصر الحاسم والنهائي عليها، وتلبية مطالب جميع العراقيين في حياة حرة كريمة تحفظ لهم بلدهم وسيادته واستقلاله، وإعادة إعمار المدن المحرّرة، والنهوض بالواقع الاقتصادي لتأمين مستقبل الأجيال المقبلة.
وفي بيان له بالمناسبة أيضاً، أكد عبد المهدي التزام الجيش العراقي بمهامه في الدفاع عن أرض وحدود البلاد وسيادتها الوطنية، قائلاً: “في مثل هذا اليوم تأسس الجيش العراقي ليكون سداً منيعاً في الدفاع عن أرض وحدود العراق وسيادته الوطنية.. وتحل ذكرى تأسيس الجيش هذا العام وبلدنا العزيز يعيش ظروفاً حساسة، ويواجه تحديات جسيمة تمسّ حاضره، وتهدّد مستقبله”، مشدّداً على أن الظروف الراهنة في البلاد تستدعي وحدة الصف والموقف، وتغليب المصالح العليا للعراق، والحرص على سلامته وأمنه واستقراره، والحفاظ على سيادته الوطنية.
ولفت عبد المهدي إلى أن الجيش العراقي بات أقوى مما سبق، وأصبح يمتلك الخبرة الكافية واللازمة، كما هو حال صنوف القوات الأمنية الأخرى التي تعمل سوية للحفاظ على أمن البلاد ومستقبلها، مشيراً إلى أن حكومته أصدرت القرارات والأوامر بحصر السلاح بيد الدولة.
بدوره قال وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري في بيان بمناسبة عيد الجيش الـ99: إن “العيد مناسبة للتضافر والوحدة بين شرائح الشعب”، ونوّه بالنصر الذي حققه الجيش العراقي على تنظيم “داعش” الإرهابي.