بيلوسي تتوعّد ترامب.. ونواب في الكونغرس يدعون لسحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط
تقدّمت النائبتان الأميركيتان إلهان عمر وباربرا لي بمشروع قانون، لقوى الحرب في مجلس النواب الأميركي، يقضي بسحب القوات الأميركية من مناطق بالشرق الأوسط، “عقب الأعمال العدائية ضد إيران، والتي لم يوافق الكونغرس عليها، والتي تعتبر كذلك انتهاكاً لدستور الولايات المتحدة الأميركية”.
وأكدت النائبتان في بيان مشترك، أن اغتيال قاسم سليماني كان “عملاً حربياً وانتهاكاً صارخاً للدستور الأميركي، تمّ على إثره إرسال الآلاف من القوات الإضافية إلى الشرق الأوسط، في واحدة من أكبر عمليات الانتشار السريع التي شوهدت منذ عقود”، وأضاف البيان: “يأتي ذلك بعد سنوات من الرعب والتهديدات بالحرب ضد إيران من قبل الرئيس ترامب وشركائه”، وشدّد على ضرورة ممارسة الكونغرس واجبه الدستوري، وبذل قصارى جهده لوقف حرب كارثية أخرى، في الوقت الذي “كان الكونغرس مفقوداً لفترة طويلة جداً في العمل بشأن مسائل الحرب والسلام”.
وحذّرت النائبتان من الأخطاء، فـ “اغتيال قاسم سليماني، بحسب النائبتان، يضع أميركا على شفا الحرب مع إيران، وذلك بسبب أعمال ترامب العسكرية المتهورة من دون موافقة الكونغرس”، وتابعتا: “لقد سلكنا هذا المسار الخطير من قبل في العراق، ولا يمكننا أن نتحمّل حرباً أخرى مدمّرة ومكلفة في الشرق الأوسط. لقد حان الوقت للكونغرس لإعادة تأكيد سلطتنا الدستورية والعودة إلى الدبلوماسية مع إيران وحلفائنا”.
وينصّ مشروع القرار، الذي تقدّمت به النائبتان، على أن الكونغرس هو السلطة الوحيدة المخوّلة إعلان الحرب، على النحو المنصوص عليه في الدستور، كما يتطلّب أن تكون أي أعمال عدائية مع إيران مرخّصة صراحة بإعلان الحرب أو تصريح محدد لاستخدام القوة العسكرية. لكنه في الوقت ذاته لا يمنع الولايات المتحدة من الدفاع عن نفسها من هجوم وشيك.
يذكر أن الكونغرس ملزم بمناقشة مشروع القرار، والتصويت عليه.
في سياق متصل، أعلنت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي أن المجلس سيصوّت على قرار للحد من التحركات العسكرية للرئيس دونالد ترامب تجاه إيران، وقالت في بيان على موقعها على الانترنت: “أمريكا والعالم لا يمكنهما حمل تصعيد في التوتر يصل إلى درجة اللاعودة”، مضيفة: “هذا الأسبوع سيقدّم المجلس، ويصوت على قرار بشأن السلطة العسكرية للحد من الأعمال العسكرية للرئيس ضد إيران”.
وأضافت بيلوسي في بيانها: إن القرار يؤكد من جديد مسؤوليات الرقابة طويلة الأمد للكونغرس، والذي ينصّ على أنه في حالة عدم موافقة الكونغرس على القرار فإن الأعمال العسكرية للإدارة ضد إيران ستتوقف خلال 30 يوماً”.
وكتبت بيلوسي: أجرت إدارة ترامب الأسبوع الماضي غارة جوية استفزازية وغير متناسبة استهدفت مسؤولين عسكريين إيرانيين وعراقيين رفيعي المستوى، هذا العمل عرّض خدمتنا ودبلوماسيينا وغيرهم للخطر بتهديد تصعيد خطير للتوترات مع إيران، معربة عن القلق لاتخاذ الإدارة هذا الإجراء دون استشارة الكونغرس، وأوضحت أن القرار سيعيد التأكيد على مسؤوليات الكونغرس الإشرافية الراسخة منذ فترة طويلة.
بالتوازي، انتقدت عضو الكونغرس الأمريكي الديمقراطية تولسي غابارد سياسات ترامب في منطقة الشرق الأوسط، مطالبة بسحب القوات الأمريكية من العراق وسورية فوراً، وذكرت صحيفة نيوزويك الأميركية أن غابارد سخرت خلال تسجيل فيديو من الاعتداء الأمريكي الذي استهدف الفريق سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، واصفة ذلك بالعمل قصير النظر. كما انتقدت غابارد قرار إدارة ترامب إرسال 3000 جندي أمريكي إضافي إلى المنطقة، متسائلة عن الهدف النهائي الذي تحاول أمريكا تحقيقه، مشيرة إلى أهمية انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة، وقالت: نحن بحاجة إلى الخروج من العراق وسورية الآن.
في السياق ذاته، دعا حزب اليسار الألماني المعارض دي لينكه إلى إغلاق القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا كرد فعل على التهديدات الصادرة عن الرئيس الأمريكي ضد إيران بعد الاعتداء الغادر قرب مطار بغداد الدولي، وقالت خبيرة شؤون الدفاع بكتلة اليسار في البرلمان الألماني سيفيم داغدلين: “إن تهديد ترامب بارتكاب جرائم حرب ضد إيران ينتهك الحظر المطلق لاستخدام العنف المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة”، مشددة على أن هذا التصعيد الخالي من المسؤولية لا يمكن أن يظل دون عواقب، وأشارت إلى أنه لا بد من إغلاق القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا حتى لا يتم استخدامها كمنصة لجرائم أمريكية فاحشة في حرب ضد إيران.
وطالبت داغدلين بإدانة التهديدات الفاحشة من قبل الرئيس الأمريكي، وقالت: من يتباهى عبر تويتر بالرغبة في القيام بجرائم حرب لا يمكنه الاحتفاظ بقواعد عسكرية في نطاق تطبيق الدستور، مشددة على ضرورة أن تعلن الحكومة الألمانية بوضوح أن ألمانيا لن تشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا العنف.
بدوره أكدت رئيسة حزب الخضر الألماني نالينا بيربوك أن الولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية تصاعد التوتر في الشرق الأوسط بسبب سياساتها الخاطئة، والغياب المتعمد للاستراتيجية الأوروبية الموحدة، وطالبت وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بعقد جلسة طارئة، وتبني موقف مشترك حيال الوضع في المنطقة.
من جهة ثانية دعت بيربوك الحكومة الألمانية إلى الشروع بالإجلاء الفوري الكامل للقوات الألمانية من العراق وعدم التمسك بهذه المهمة، مشيرة إلى أن التمسّك بذلك سيكون عملاً غير مسؤول.
في السياق ذاته، أكد نائب رئيس اللجنة الخارجية في مجلس النواب التشيكي ييرجي كوبزا أن ما ارتكبته الولايات المتحدة من اغتيال سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية وعدد من كوادر الحشد يمثّل جريمة وقحة وخرقاً للقانون الدولي. واعتبر كوبزا في حديث لموقع أوراق برلمانية التشيكي أن وضعاً خطيراً جداً نشأ بعد هذه الجريمة الأمريكية ستكون له تداعيات جسيمة على العالم، داعياً إلى سحب العسكريين التشيك الذين يشاركون في البعثة التدريبية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق، فيما شدد عضو المجلس المركزي لحركة (الأمن.. المسؤولية.. التضامن) التشيكية لاديسلاف بيتراش على أن الجريمة التي ارتكبتها الولايات المتحدة تمثّل “إرهاب دولة”، مشيراً إلى أن هذه العملية تتم في إطار سياسة تخريبية مارستها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وفي إطار التحضيرات الجارية للانتخابات الرئاسية.
وفي براتيسلافا أكد روبرت فيتسو رئيس الحكومة السلوفاكية الأسبق الرئيس الحالي لحزب سميير الاجتماعي الديمقراطي أقوى أحزاب الائتلاف الحاكم أن الولايات المتحدة الأمريكية خرقت القانون الدولي بجريمة الاغتيال، وحذّر من التداعيات الكارثية لمثل هذا العمل الذي وصفه بـ الكاوبوي.
من جانبه أكد الباحث العلمي التشيكي البروفيسور فلاستا هافيلكا أن عملية الاغتيال تشكّل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي واصفاً الأمر بجريمة العصر الكارثية، وقال: إن الأمريكيين يعملون ومع من يدور في فلكهم من أنظمة إقليمية على افتعال الأزمات والحروب في المنطقة واغتيال الأشخاص الذين يقفون ضد مشاريعهم.
وشدد على أن هذه الجريمة تشكّل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي واستهتاراً بما سينتج عنها من تداعيات خطيرة تهدد السلم والأمن الدوليين وخاصة في أوروبا، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤوليته في الوقوف بوجه الإرهاب الدولي وبوجه مرتكبي هذه الجريمة حتى لا تتكرر.