الأديب يوسف شقرة: سورية هي القلب والعشق الأول
واجه اتحاد الكتاب العرب في سورية أزمات كثيرة على المستوى العربي، وإذا أردنا التحدث عن موقف عربي حقيقي صادق، كان موقف الجزائر وبالتحديد موقف الشاعر يوسف شقرة ومن كان معه ضمن لقاءات عديدة، ولا يراه الأديب كرد دين ووفاء لسورية فقط وإنما واجب اتجاه هذا البلد، وكضيف مليء بالحب لسورية العظيمة حلّ الشاعر والأديب يوسف شقرة ضيفاً على فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب بدمشق في أول لقاء حواري ثقافي شعري لهذا العام، وأدار الحوار رئيس فرع الاتحاد د.محمد حوراني.
سيرة ذاتية
بدأ نائب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب الأديب يوسف شقرة بالحديث عن سيرته الذاتية والشعرية فعرّف بنفسه قائلاً: أنا من مواليد مدينة سيدي خالد، نشأت وترعرعت وعملت في مدينة عنابة، بعد أن استقر والدي في المدينة ليدفن فيها، لكن دراستي وكل حياتي قضيتها في عنابة التي أعطتني كل شيء في الثقافة من خلال الأساتذة الكرام في البعثات التعريبية للجزائر من سورية الشقيقة والأم الحاضنة والعراق والأردن ومصر، ولكن أدين لسورية بتكويني وصقل موهبتي، فقد تبناني أديباً أعتبره الأب الروحي بالنسبة لي وهو الأديب أحمد سعود من حمص، الذي مازال يقيم في الجزائر وكان يجمع أساتذة من الشعراء الكبار في ذلك الوقت ممن كانوا يدرسون في الثانوي والجامعة من دول عربية شتى، يقيم في بيته ما أسماه بـ”القعدة” -بلهجة الجزائر، ولم يسمه الصالون الأدبي-، وفيها صقلت موهبتي وكان هؤلاء يزودوني بالمجلات والمؤلفات الأدبية، وفي بدايتي عندما كنت أخربش كان يصوب هذه الخربشات ويقول لمن حضر من الشعراء والكتاب: “سيسمعكم ابني نصاً شعرياً”، وكنت أنا الصغير المتلعثم أجتهد في إتقان اللغة وألمح التشجيع في نظرات هؤلاء الأساتذة.
مواقف إنسانية
سورية هي القلب، والعشق الأول من خلال أستاذي ومن تعرفت عليهم بعد ذلك، وأضاف الأديب شقرة: عُرفت “عنابة” بالزخم الثقافي وهي البيئة التي نشأت وترعرعت فيها، وسبب دفاعي عن سورية بكل المحافل الغربية والعربية ليس من باب رد الجميل وإنما يعود لموقف إنساني وفكري، فسورية هي بلد الحضارة الإسلامية، وهي بلد علّمت العالم الكثير من المواقف لأنها كانت مع الجزائر دوماً، كانتا جسماً واحداً في جبهة الصمود والتصدي فكيف لا أكون مقاتلاً في الصفوف الأولى من أجلهما؟.
السياسة والثقافة
في الانتخابات الجزائرية كان أحد المرشحين الشاعر عز الدين الميهوبي وكان وقتها وزيراً للثقافة ورئيس اتحاد كتاب الجزائر. والسؤال الذي يطرح هنا: هل السياسة تضع الثقافة تحت جناحها أم أن الوضع مختلف في الجزائر ؟، يجيب رئيس اتحاد الكتاب الجزائر: قد يكون المثقف السياسي أكثر ديكتاتورية من السياسي العادي، وقد يكون المثقف السياسي أكثر قمعاً وعنفاً من الموظف الإداري، وبما أن السؤال كان عن شخص محدد فسأتكلم عنه، عز الدين شاعر وروائي ومن لا يعرف هو خطاط، ويملك مواهب متعددة، أعرفه وهو طالب في الثانوي هي رحلة عمر بيني وبينه، تقلّد مناصب متعددة فكان نائباً في البرلمان ومديراً للمكتبة الوطنية، وكان كاتب دولة لوزير الإعلام ثم رئيس المجلس الأعلى للغة العربية وأخيراً وزيراً للثقافة، ورئيس اتحاد الكتاب الجزائري، وفي الفترة التي كان فيها رئيس اتحاد الكتاب في سورية الأديب علي عقلة عرسان وهو “رمز من رموز سورية” -وقد لا يتفق البعض معه- فقد كان موجوداً في المؤتمر الذي عقد في الجزائر في فترة الانشقاق واستحدثوا خارج القانون منصب رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وأعطاهم عز الدين المهيوبي الشرف وكان علي عقلة عرسان للاستشارة، وفي الحقيقة، المنصب –برأيي الشخصي- كان وهمي لإرضاء البعض في تلك الفترة في الجزائر.
وعن تعامله كوزير مع الثقافة قال: كان هناك الكثير من الأمور عندما كانت الوزيرة السابقة خليدة تومي المفرنسة “تكتب وتتكلم الفرنسية” عندما جاءت كانت لا تتقن مفردة واحدة باللغة العربية فهي أستاذة في الرياضيات، وفي زمن قصير اجتهدت وأصبحت تتقن العربية أكثر من كثيرين يدرسونها، في النهاية كانت تجتهد ولكن عندما يأتي شخص ليس بحاجة إلى الاجتهاد فإنه يطمس بدوره طموحات الكثير من الأدباء فكانت النتيجة أن دواوينهم رميت، وأعمالهم جمدت، والكثير من الملتقيات والمهرجانات حجبت والاعتمادات المالية، ودخل في صراع مع اتحاد الكتاب، وبعد ذلك احترف السياسية بامتياز وترشح لرئاسة الجمهورية وحاز على المرتبة الرابعة في الانتخابات.
واختتم الأديب يوسف شقرة الحوار بالحيث عن أهداف المستعمر الفرنسي في الجزائر، وكيف كان للبعثات دور أساسي فيها حيث تم إرسال أساتذة لتعليم العربية للشعب الجزائري من سورية والعراق. وعرّف المثقف بأنه المبدع والشاعر والروائي والناقد وليس المثقف المطلق، وأن أي سياسي في العالم ليس مثقفاً لا ينجح في مهامه بالتأكيد، فالسياسة تحتاج إلى المراوغة وشخص لديه اطلاع عندما يوضع في فخ يعرف كيفية الخروج منه ولديه أسلوبه في إقناع المتلقي في كافة المجالات، لذلك لابد من القول أن المصطلحين مرتبطين ببعضهما البعض.
جمان بركات