مساعٍ وتحركات إقليمية ودولية لوضع حلول عاجلة للأزمة الجيش الليبي يوسّع الحظر الجوي لمواجهة التدخلات الأردوغانية
تكثّفت المساعي الإقليمية والتحركات الدولية في الأيام والساعات الأخيرة بشأن الأزمة الليبية، والتي تسير كلها في اتجاه الدعوة إلى وقف العمليات القتالية, والحد من العنف مقابل دعم الحل السياسي، ويترافق كل هذا مع تزايد التصعيد العسكري، واشتداد المواجهات المسلّحة بين الجيش الوطني الليبي وقوات ما يسمى “حكومة الوفاق” للسيطرة على العاصمة طرابلس.
بالتوازي، تحاول القيادة العامة للجيش الوطني الليبي إحباط محاولات النظام التركي إرسال إرهابيين وأسلحة عبر المطارات، في إطار دعم ميليشيات “الوفاق” بقيادة فائز السراج، وفي هذا الإطار أعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق العسكري باسم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أنه تمّ توسيع منطقه الحظر الجوي فوق طرابلس، وأضاف في بيان نشر على موقعه الرسمي: إن على شركات الطيران الالتزام بالحظر الجوي على مطار معيتيقة والقاعدة الجوية بطرابلس، وعدم تعريض طائرتها لخطر التدمير.
وكانت مصادر بمطار معيتيقة الليبي كشفت عن وصول عدد كبير من مرتزقة النظام التركي من سورية إلى ليبيا عن طريق رحلات جوية غير مسجّلة، عبر 4 طائرات لشركة الخطوط الجوية الليبية وشركة طيران يملكها عبد الحكيم بلحاج، أحد متزعمي تنظيم القاعدة والمقيم بتركيا، للقتال إلى جانب المجموعات المسلحة التابعة لما تسمى “حكومة الوفاق”، فيما أعلن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده سترسل “محاربين غير أتراك” إلى ليبيا مع بدء تنفيذ خطة التدخل التركي المباشر في هذا البلد، وسط مخاوف من اتساع النزاع المستمر منذ 9 سنوات.
ويسعى النظام التركي إلى تعزيز نفوذه السياسي في ليبيا، من خلال حكومة السراج، التي تحيط نفسها بجماعات إرهابية تكفيرية موالية لأنقرة.
ومن شأن إرسال قوات تركية إلى ليبيا تصعيد النزاعات التي تعانيها هذه الدولة منذ عدوان الناتو في 2011، وسيسهم هذا التدخل العسكري المباشر في إثارة التوترات الإقليمية وإطالة أمد الحرب.
والأربعاء حذّر الإعلامي التونسي لطفي العماري من مساعي لتجنيد شباب تونسيين بمبالغ تصل إلى 3.5 آلاف دولار للشخص الواحد للقتال في ليبيا، وطالب الأجهزة الأمنية التصدي، مشيراً إلى أن النظام التركي يضغط على تونس لإرسال أسلحة عبر الحدود في إطار دعم ميليشيات الوفاق، كما حذّر من دخول أسلحة تركية من ليبيا إلى تونس، حيث تمّ إيجاد مخازن أسلحة من صنع تركي على الأراضي التونسية، وذلك وسط الاضطرابات التي شهدتها المنطقة والبلاد طيلة 9 سنوات.
وعلى ضوء ذلك، بدأت الجهات الفاعلة إقليمياً ودولياً في الملف الليبي تحركات واتصالات واسعة النطاق بشأن الأزمة غير المنتهية، حيث تشهد عواصم عربية وغربية اجتماعات مكثّفة حول هذا الملف، آخرها لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأردوغان، وتزامن ذلك مع اجتماع ضم وزراء خارجية مصر وفرنسا وقبرص واليونان في القاهرة، اتفقوا خلاله على دعم مسار برلين للوصول لتسوية سياسية شاملة في ليبيا وحرصهم على تجنب التصعيد. وجاء ذلك، بعد عقد الاتحاد الأوروبي اجتماعاً في مدينة بروكسيل البلجيكية مع وزراء خارجية كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، أسفر عن بيان مشترك دعا إلى وقف العمليات القتالية والالتزام بالقيام بجهود لإرساء الحوار السياسي، ومع تحركات دبلوماسية تقوم بها دول الجوار لاحتواء الوضع، حيث تبذل كل من الجزائر وتونس مساعي لإنهاء التصعيد العسكري.
وبالأمس، حل وزير الخارجية الفرنسي بتونس في زيارة تدوم ليومين لبحث ملفات، أهمها الأزمة الليبية، وذلك غداة زيارة وزيري الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، والمصري، سامح شكري، الجزائر لبحث الأوضاع الليبية.
في المقابل، تقود ألمانيا حراكاً دبلوماسياً لعقد مؤتمر خاص بالأزمة الليبية تحت اسم “مؤتمر برلين”، من أجل تقريب وجهات النظر بين الدول الفاعلة في المشهد الليبي، والحصول على ضمانات بعدم التدخل، ودعم الأطراف الداخلية المتصارعة عسكرياً، والدفع بالعملية السياسية نحو السلام، وتأمل أن يكون هذا المؤتمر بداية الطريق نحو الحل.
وتعليقاً على ذلك، اعتبر خبراء أن مذكرة التفاهم الجدلية التي تمّ توقيعها بين أردوغان والسراج دفعت بكل القوى الفاعلة الخارجية في الأزمة الليبية لمحاولة احتواء الأزمة، مع احتمالية تدخل عسكري تركي على الأرض، ويرون أن كل هذه المبادرات الإيجابية الداعية لوقف إطلاق النار تصب في صالح إنجاح مؤتمر برلين، الذي أعلنت القوى الخارجية تأييدها له، والذي قد يقوم ببلورة هذه المبادرات في ورقة واحدة تلزم وتضغط على الأطراف الداخلية لوقف التصعيد، والعودة للعملية السياسية التي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة.