هرمينوطيقا سرد ما بعد الحداثة
تحت عنوان “هرمينوطيقا سرد ما بعد الحداثة” أصدر الباحثان د.محمد صابر عبيد، ود.محمود خليف الحياني كتابهما الذي يضم دراسة في ثلاثية “معرض مؤجل” الروائية لهزوان الوز، مبيناً الباحثان في مقدمة الكتاب أن الثلاثية جمعت بين السردية والسيرية والهوية والانتماء وللانتماء والحب والواجب والجسد والروح والاغتراب واللا اغتراب والدين واللا دين وشبكة من المفاهيم التي حملت مشكلة وطن وهموم شعب تحدى كل الصعاب لكي يستمر في إنتاج معنى الوطنية الذي أحبته شخصيات في مجريات أحداث هذه الثلاثية الروائية بكل ما يحمله واقعها من هموم وألم ومعاناة وقناعات وأسئلة وسياقات فكرية ورؤيوية وتمردات وشطحات.
اعتمدت خطة الكتاب البحثية في جانبها الإجرائي على تمهيد وثلاثة فصول، حيث تناول التمهيد موضوعاً نظرياً يقدم رؤية منهجية تحت عنوان “هرمينوطيقية سرد ما بعد الحداثة” وفيها تناول الباحثان الهرمينوطيقيا لغة واصطلاحاً، وسرد ما بعد الحداثة، والمتخيل التاريخي في ضوء طروحات بول ريكور، في حين اشتمل الفصل الأول والذي جاء تحت عنوان “الحياة نقطة رسو سفينة السرد” على تفكيك العلاقة بين الحبكة والحياة في ثلاثة مباحث رئيسة متداخلة على المستوى النظري، فعالج الباحثان في المبحث الأول صورة الحبكة بوصفها فعلاً ونصاً مؤولاً، وفي المبحث الثاني ثالوث الزمان والبيئة والمحاكاة والثالث السرد بوصفه فهماً أنطولوجياً .
وتطرق الفصل الثاني المعنون “السرد حارساً للزمان” إلى البحث ثلاثة مباحث أيضاً رصد في المبحث الأول التجربة السردية والذاكرة، وعاين المبحث الثاني ما وراء الحبكة المأساوية، أما المبحث الثالث فقد عالج أنطولوجيا الحب والواجب، في حين عالج الباحثان في الفصل الثالث “المتخيل الزمني” من خلال الرغبة والعبثية، وسيزيفية متعة الجسد وسقوطه، والمبحث الثالث المتخيل التاريخي: الأيدولوجية واليوتوبيا.
تحاول فصول الكتاب أن تستعير رؤية بول ريكور بمرجعياتها الفلسفية السردية على هذه الثلاثية الروائية لهزوان الوز، في سياق معالجة نقدية تسعى إلى الجمع بين المسار الفلسفي والمسار السردي إذ حاول ريكور تطوير فكرة المتخيل التاريخي على نحو خاص، كي يكون بوسع الفلسفة أن تخوض في شبكة الخطابات السردية خوضاً أنطولوجياً يقارب بين الأيديولوجيا واليوتوبيا، في سياق علاقة المرجع بالمتخيل بكل ما تفرزه هذه العلاقة من استنهاض حي لجملة من المفاهيم التي تجلت على نحو غزير في أجزاء هذه الرواية، لذا فإن المعالجة النقدية ابتعدت عن الإجراءات التي اشتغل عليها السرديون التقانيون ولاسيما على مستوى الزمن، لأن الزمن الريكوري بآلياته الفلسفية السردية برأيهما لا يلتفت كثيراً نحو تقانات السرد المعروفة في الاستباق والاسترجاع والتلخيص وغيرها، بل هو يُعنى بالمنطق الرؤيوي الثقافي الفلسفي الذي يراقب تصرفات الشخصيات وعلاقاتها بالحادثة والحبكة ضمن هذا الإطار .
وختم الباحثان الكتاب بخاتمة توصلا فيها إلى جملة من النتائج التي كانت خلاصة ما تم تناوله في فصول الكتاب، وانتهى بقائمة المصادر والمراجع التي استعان الباحثان بهما.
أمينة عباس