ترامب هدد بفرض رسوم على أوروبا مالم تخضع لإملاءاته ظريف: الترويكا الأوروبية باعت ما تبقى من الاتفاق النووي
في دليل جديد على أسلوب ترامب “المافوي” في ابتزاز حلفائه وأتباعه، والتدخل في السياسة الخارجية للقارة العجوز وفرض إملاءات واضحة عليها، كشفت وزيرة الدفاع الألمانية، أنيغريت كرامب كارينباور، أن الولايات المتحدة هددت بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على صادرات السيارات الأوروبية إذا استمر الأوروبيون في دعم الاتفاق النووي مع إيران، وقالت، في مؤتمر صحفي خلال زيارة إلى لندن بعد تقرير لصحيفة واشنطن بوست بهذا الخصوص، “هذا التعبير أو التهديد موجود”.
وكانت الصحيفة كشفت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدّد بذلك في حال لم تتهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا رسمياً إيران بالتخلّف عن الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، وأوضحت، استناداً إلى مسؤولين أوروبيين اطلعوا على المحادثات التي جرت بين الإدارة الأمريكية ومسؤولين في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، أن “ترامب هدد بشكل سري بفرض 25 بالمئة على شكل رسوم جمركية على السيارات الأوروبية قبل أسبوع من تفعيل آلية فض النزاع”. ووصف أحد المسؤولين الأوروبيين، الذين لم تكشف الصحيفة هويتهم، التحرّك الأمريكي بأنه “ابتزاز واضح يمثّل مستوى جديداً من التكتيكات الصارمة التي تمارسها الولايات المتحدة مع أقدم حلفائها ما يؤكّد الاضطرابات غير العادية في العلاقة بين الطرفين”.
وفي هذا السياق وصف مدير الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جيريمي شابيرو التهديدات الأمريكية بأنها “أسلوب تتبعه عصابات المافيا”، مؤكداً أن “العلاقات بين الحلفاء يجب ألا تسير على هذا النحو”.
وفي وقت سابق، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن الدول الأوروبية الثلاث “بريطانيا وفرنسا وألمانيا” استسلمت أمام أميركا فيما يخص الاتفاق النووي، وقال، في تغريدة على صفحته في تويتر تعليقاً على موقف الترويكا الأوروبية الأخير الداعي إلى تفعيل آلية فض النزاع في الاتفاق، “الترويكا الأوروبية باعت ما تبقى من الاتفاق النووي لتتجنب بذلك الرسوم الجمركية الجديدة للإدارة الأمريكية”.
كما انتقد ظريف عجز الدول الأوروبية عن اتخاذ موقف مستقل بشأن الاتفاق النووي، وقال مخاطباً الأوروبيين: “إذا أردتم بيع سيادتكم تفضّلوا ولكن لا تتلبّسوا بمظهر الأخلاق والقانون إنكم لا تملكونهما”.
في الأثناء، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن أميركا تعتدي على الدول ومصالحها، مشيراً إلى أن مخططات واشنطن العدوانية ضد إيران باتت مكشوفة للجميع، وقال: “ترامب أثار المشاكل ليس مع إيران فحسب وإنما مع الجميع”، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة تعتدي على الجميع وتلحق الأذى بمصالحهم، وأوضح أن الرد الإيراني على جريمة اغتيال الفريق قاسم سليماني وقصف قاعدة توجد فيها قوات أمريكية أجبر واشنطن على التراجع عن تهديداتها، كما تغيّرت اللهجة الأمريكية تجاه إيران بعد الضربة الصاروخية إلى حد كبير.
وفيما يخص الاتفاق النووي، أوضح روحاني أن بلاده لم تنسحب من الاتفاق النووي، وقال: “طلبنا من الأطراف الأوروبية الباقية في الاتفاق التعويض وإلا سنخفض التزاماتنا”، مضيفاً: “لم يبق لدينا في الملف النووي أي حدود ونرفع التخصيب كل يوم”.
من جانبه، أكد رئيس مجلس خبراء القيادة في إيران أحمد جنتي أن إقدام الولايات المتحدة على اغتيال الفريق سليماني يشكل بداية نهاية الوجود الأميركي في المنطقة، وقال، خلال اجتماع المجلس، “الشعب الإيراني جدد من خلال المسيرات الحماسية العهد مع تطلعات ومبادئ الثورة الإسلامية”، مشيراً إلى أن إيران استطاعت أن توجّه صفعة موجعة للأميركيين، فيما أكد وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية العميد أمير حاتمي أن الرد الصاروخي من جانب القوات المسلحة الإيرانية على الاعتداء الأمريكي المتمثّل باغتيال سليماني برهن على إرادة إيران الحاسمة في مواجهة العدو.
وخلال كلمة له قال حاتمي: “إن القادة العسكريين الأمريكيين الذين تعودوا فقط أن يستعرّضوا قدراتهم الخاوية ضد الشعوب شعروا بقدرة القوات المسلحة الإيرانية، ونأمل بألا يختبر الأعداء إرادة الشعب الإيراني مرة أخرى إطلاقاً لأن ما تمّ كان تحذيراً وصفعة فقط”.
بدوره قال مساعد وكبير مستشاري القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رحيم صفوي: إنه في ظل الظروف الحرجة الراهنة في منطقة غرب آسيا واغتيال الفريق قاسم سليماني من قبل القوات الإرهابية الأمريكية بات من الضروري تعزيز قدرات الدفاع والأمن وقدرات الردع للقوات المسلحة الإيرانية، وأشار إلى الرد الصاروخي الذي وجهه حرس الثورة الإسلامية في استهداف القاعدة العسكرية الأمريكية في العراق، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة باتت الآن في موقف ضعيف بعد فشل مخططاتها في المنطقة.
من جانبه أكد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أن بلاده لا ترغب بالتصعيد لكنها سترد بقوة على أي عمل عدواني يستهدفها، وقال، خلال اتصال هاتفي تلقاه من وزير دفاع النظام التركي خلوصي آكار، “إن اغتيال الفريق قاسم سليماني من قبل أمريكا كان عملاً غادرا ومناقضاً لجميع الضوابط القانونية والدولية وهذا الإجراء وغيره من الأعمال التي قامت بها واشنطن أصبحت مصدراً لمرحلة جديدة من التوتر في المنطقة”، وأشار إلى أن إيران بعملية الرد ضد قاعدة عين الأسد الأمريكية أكدت إرادتها الحاسمة للدفاع عن حقوقها وأثبتت أنه لو استمرت أعمال أمريكا الشريرة فستتلقى ردوداً أقوى، مشدداً على أن اجتثاث جميع جذور النزاعات والتوترات من المنطقة يأتي من خلال خروج أمريكا منها.