“شراكة غير ناضجة”
طالما كان التعويل خلال هذه المرحلة على العمل التشاركي لإزالة كل ما يعيق العملية التنموية المطلوبة والانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة الإنتاج الفعلي والحقيقي واستكمال تنفيذ الخطط والمشاريع الحيوية والاستراتيجية المتوقفة والمتعثرة، للوصول إلى مرحلة البناء الاستراتيجي، لتحقيق الشعار الذي أطلقته اللجنة الوزارية مؤخراً خلال زياراتها المتكررة إلى حلب.
ومع أهمية ما أنجز من خطط ومشاريع خلال السنوات الثلاث السابقة التي أعقبت تطهير حلب وأجزاء كبيرة من ريف المدينة من الإرهاب، نجد أن مشروع العمل التشاركي لم يصل إلى مرحلة النضوج الكافي، وهو ما يفسّر حقيقة تعثّر معظم المشاريع وتراجع الأداء الإداري والفني في معظم المؤسسات الخدمية والإنشائية، وبالتالي جاء مؤشر ومنسوب الأداء والإنجاز مع نهاية العام الماضي متواضعاً ولا يتوافق مع الوعود التي أطلقتها اللجنة الوزارية، باستثناء ما نفذ من مشاريع متفرقة مؤخراً، منها المشاريع المائية التي أسهمت بشكل ملحوظ في استقرار منظومة المياه والتخفيف من التقنين وانتظام عملية ضخ مياه الشرب إلى المدينة وإرواء الكثير من قرى الريف المحرر.
والواضح أن المشكلة الأساس تكمن في تباعد الرؤى والخطط بين جميع الشركاء في العمل وفي غياب التطابق والتوافق بين ما يتخذ من قرارات وما ينفذ ميدانياً وعلى الواقع، ومن هنا نجد لزاماً علينا -ونحن ما زلنا في الأيام الأولى من العام الجديد- إجراء مراجعة لكل الملفات الملحة، وخاصة ما يتعلق بالقطاع الصناعي والمؤسسات والشركات الإنتاجية للقطاعين العام والخاص على السواء وتبديد المخاوف والهواجس التي تقلق الصناعيين، واتخاذ كل ما يلزم لحماية المنتج الوطني كطوق نجاة مؤقت لكسر القيود المفروضة على اقتصادنا الوطني وتحريره من الظروف الصعبة والاستثنائية الناجمة عن الحصار الجائر المفروض على الشعب السوري من قوى العدوان والشر في العالم.
وكي يكون العمل ناجحاً وبعيداً عن سياسة الترقيع وحرق المراحل لا بد من تطوير آليات العمل التشاركي والاستفادة القصوى من الإمكانات الذاتية وتوظيف الخبرات والطاقات البشرية في خدمة مشروع إعادة البناء، والأهم تقوية دعائم العمل المؤسساتي والتقليل من الهدر ومحاربة كل أشكال الفساد والسعي بجدية إلى خلق ظروف ملائمة للتكيف مع المتغيرات والمتبدلات بأقل التكاليف والخسارات.
معن الغادري