ورقة اللاجئين.. جوكر أردوغاني خاسر
أمجد السعود
من أبرز القضايا التي تستغل من قبل تجار الحروب هي المتاجرة بورقة اللاجئين إبّان أي حرب تعصف بأي مكان في العالم، وهم على علم تام بأنها ورقة ضغط تستغل بشكل كبير للحصول على مقابل إما في السياسة أو الاقتصاد على الصعيد العالمي، وكما جرت العادة أن تكون هذه الورقة الشمّاعة التي يُلعب بها على أوتار حقوق الإنسان “وفقاً للمفهوم السياسي الغربي لها” واستغلالها بكل أشكال الوصولية للحصول على مكاسب سياسية وإضفاء الشرعية على الحروب العسكرية، وهنا تتساءل المراكز البحثية الألمانية عن حقيقة ما إذا كان اللاجئون السوريون في تركيا يمثلون ذات الأرقام التي تصرّح به القيادات السياسية في تركيا ((3.6 مليون لاجئ سوري)) والتي لطالما استخدمتها كورقة هددت بها القارة العجوز بفتح الحدود التركية وإغراقها بهؤلاء اللاجئين للوصول إلى أوروبا.
وفي دراسة ألمانية استقصائية لعدد اللاجئين السوريين الحقيقي في تركيا قام بها معهد (( دي زيم Dezim)) الألماني في (أيلول 2019م) وصلت الدراسة إلى أن التقديرات الفعلية لعدد اللاجئين السوريين في تركيا يقترب من ((2.7 مليون لاجئ سوري)) وذلك استناداً إلى أرقام الهيئة التركية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين، إضافةً إلى تقديرات علمية، مشيرةً إلى أن هذا العدد دون أن يتم اقتطاع أعداد السوريين الذين نفذوا إلى أوروبا والذين عادوا إلى سورية، وتتساءل الدراسة عن سبب تضخيم العدد من قبل المسؤولين الأتراك في تصريحاتهم بخصوص أعداد اللاجئين السوريين؟
لا يمكن لنظام سياسي تلطخت أيديه بدماء السوريين كنظام أردوغان وحاشيته إلا أن يكون على يقين تام بأن مخيمات اللجوء التي ينصبها للاجئين السوريين والتي تخلو من أدنى معايير ومقومات الحياة الإنسانية هي ورقة يتاجر بها عالمياً، والتسوّل على أبواب الدول الأوروبية لفرض أتاوات مالية بذريعة الدافع الإنساني والحرص على اللاجئين والذين وضعت لهم في الخزائن التركية ملايين الدولارات من قبل الدول والمنظمات الأممية المانحة والتي لو استثمرت بالشكل الذي يدعيه ذلك المتسول لما كان السوريون متواجدين في مخيمات الموت البطيء على الحدود، وإنما كانت هذه الأموال توجه لدعم المجموعات الإرهابية المسلحة ومدّهم بالعتاد العسكري.
ومع انتصارات الجيش العربي السوري المحققة بالتنسيق مع الحليف الروسي انتقلت البراغماتية الأردوغانية في استغلال هذه الورقة من مرحلة لعب دور المتسوّل إلى مرحلة ظهور النوايا التوسعية الحقيقية وبدأ بالمطالبة بمناطق آمنة لتوطين اللاجئين السوريين فيها!!!
نسي المتسول السياسي بأن ارتقاءه إلى مرتبة لص سيفضحه علناً حيث بلغت به الوقاحة إلى أن يطالب بمنطقة آمنة للسوريين داخل بلادهم!!! والحكومة السورية كانت ولازالت لا توفر إجراءً سياسياً أو عسكرياً أو إدارياً إلا وتسارع إلى اتخاذه في سبيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم سواءً على صعيد مراسيم العفو المتتالية أو على مستوى التوجيهات بتوفير جميع التسهيلات في المنافذ الحدودية لعودة اللاجئين أو على مستوى فتح الطرق الآمنة من قبل الجيش العربي السوري لتأمين إعادة الأهالي إلى داخل الوطن.
لا شك في أن الأطماع الأردوغانية واضحة الأهداف، فبعد تكوين جيوش من المجموعات الإرهابية المسلحة على الحدود وتدريبهم عسكرياً وتمويلهم بأموال إنسانية المظهر إرهابية المضمون يريد لهم بقعة جغرافية خارج الحدود التركية كي لا ينقلب السحر على الساحر لأنه يعلم يقيناً بأن الإرهاب لا دين له وفي أي لحظة من الممكن أن ينقلب المشهد عليه، لذلك انتقل في استغلاله لورقة اللاجئين السوريين من مرحلة الاستغلال المالي إلى مرحلة الاستغلال السياسي وبدأ بالمماطلة بسحب الإرهابيين وتصنيف من هو “معتدل” بحسب زعمه ومن هو إرهابي منهم تبعاً للاتفاقات الروسية التركية، وذلك بهدف الحصول على جزء من الجغرافية السورية لتوطين هذا الكيان الإرهابي فيها، إلا أن الحنكة السياسية والتنسيق رفيع المستوى ما بين السوري والروسي كشفت هذه النوايا الأردوغانية الخبيثة منذ البداية وارتدت ألاعيبه هذه عليه بعد أن سئم السوري من المماطلة والمناورة الأردوغانية واتخذ القرار العسكري السوري بالمضي قدماً لتحرير ريف حماه وادلب بما يمهد لدخول الجيش السوري وإعادة السيطرة الحكومية على كامل محافظة إدلب وأريافها والتي تمثّل الثقل الأردوغاني الإرهابي، ولاشك في أن تحرير الجيش السوري وتقدمه للعديد من المناطق الممهدة لفرض سيطرته على إدلب كاملةً وضع أردوغان في موقف حرج سينتج عنه هروب جغرافي حتمي للإرهابيين إلى الداخل التركي، لذلك سارع إلى طلب النجدة من الروسي لإعطائه مهلة أخيرة على شكل هدنة عسكرية يتمكن خلالها من نقل هذه الكيانات الإرهابية إلى ليبيا ويضرب من خلال ذلك عصفورين بحجر واحد دعم القوات ذات الصبغة الإخوانية والحليفة له في ليبيا والتخلص من شبح دخول تلك الكيانات الإرهابية التي صنعها في الجغرافية السورية إلى الداخل التركي. ولكن مهما كانت المخططات والخداع الأردوغاني فإن إعادة سيطرة الدولة السورية على كافة الجغرافية السورية آتيةً لا محال خصوصاً بعد الرسالة التي وجهها الجيش العربي السوري بتقدمه في تلك المناطق.