الترويكا الأوروبية ترضخ لتهديد ترامب
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع نيو ايسترن أوتلوك 17/1/2020
لماذا قرّر الشركاء الأوربيون الثلاثة “ألمانيا، فرنسا، والمملكة المتحدة”، اتباع ما تمليه الولايات المتحدة مرة أخرى وملاحقة إيران، رغم أنهم كانوا أول الموقعين على الاتفاق النووي الإيراني وتأكيداتهم المتكررة بأنهم متمسكون به؟.
الجواب باختصار، لأنهم جبناء، ليس لديهم أي سند لمواجهة الهيمنة الأمريكية، ويخشون أن تطالهم العقوبات التي أشار إليها ترامب في حال التزموا بـ”الاتفاق النووي”.
لإيران حقها المطلق في زيادة تخصيب اليورانيوم تدريجياً، خاصة وأن الولايات المتحدة قامت بانسحاب أحادي الجانب من خطة العمل الشاملة المشتركة، أي الاتفاق النووي مع إيران دون أي أسباب محدّدة، عدا عن أوامر نتنياهو.
قبل أيام، التقت أنجيلا ميركل الرئيس بوتين في موسكو، وتعهد كل منهما أمام حشد كبير من الصحافيين واتفقا على ضرورة الإبقاء على الصفقة النووية، والحفاظ عليها وسريان مفعولها.
والآن، بسبب تهديدات ترامب البربرية، تهديدات أمريكا التجارية على أوروبا -بزيادة تصل إلى 25٪ من ضرائب على استيراد السيارات الأوروبية- والرغبة في صفقة جديدة مع إيران، مهما كان يعني هذا، تتراجع الترويكا الأوربية عن الصفقة النووية.
يندفع زعيم العصابات البربري وهو ينازع لفرض العقوبات، ومما لا شك فيه أن ذلك دليل ضعف، وعلامة على التلاشي ببطء ولكن بثبات في هوة سحيقة لا قعر لها.
ويشكّل هذا الثلاثي مجموعة من الجبناء الذين لا حول لهم ولا قوة، إذ أنهم لم يدركوا بعد أن الغرب بدءاً من الإمبراطورية الأمريكية آيل للأفول. لقد حان الوقت لتتوجه إيران نحو الشرق، إذ تعدّ إيران بالفعل مركزاً رئيسياً في الشرق الأوسط لمبادرة الحزام والطريق الصينية أو طريق الحرير الجديد، ويمكن لإيران الاستغناء عن أوروبا. والولايات المتحدة بحاجة إلى أوروبا أكثر مما تحتاجها أوروبا، إلا أنها لم تفهم ذلك بعد!.
تحقيقاً لنزوات واشنطن، يريد ترامب المهرج، من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، بدء آلية فض نزاع رسمية، وإعادة إيران إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق النووي، وإعادة جميع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة قبل التوقيع على الصفقة في تموز 2015. على الرغم من حقيقة أن إيران قد التزمت بتنفيذ التزاماتها في الاتفاق بنسبة 100٪ ، بشهادة لجنة الطاقة الذرية في فيينا مرات عدة، فقد ينتظر إيران ثلاثة سيناريوهات:
أن تردّ إيران على التحدي الأوروبي، بالسماح له ببدء آلية فض النزاع والتوجّه إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. عندها قد يقوم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بهذه المهمّة من أجل إحالة قضية “الصفقة النووية الإيرانية- والعقوبات” إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكنها ستفشل، لأن روسيا والصين لن يوافقا على الطلب.
الأهم من ذلك، لا تثقوا بالأوروبيين قيد أنملة، فقد أثبتوا أنهم غير جديرين بالثقة.
أخيراً، ابتعدوا باقتصادكم عن نفوذ الدولار بشكل أسرع، ابتعدوا قدر الإمكان عن الغرب، وانضموا إلى الاقتصاد الشرقي الذي يتحكم بثلث الناتج المحلي الإجمالي على الأقل في العالم، انضموا إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تضمّ نصف سكان الأرض، وإلى النظام الصيني للمدفوعات بين المصارف.
في الحقيقة، سيتعيّن على إيران مواجهة الناتو ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية المدربة والممولة، والذين يخلقون الاضطرابات العنيفة والمستمرة في بعض المدن الإيرانية، إنهم مدربون ويتمّ الدفع لهم لإحداث تغيير في النظام. هذا ما تواجهه روسيا والصين وفنزويلا وكوبا. إنه تحدّ، لكن يجب أن يكون قابلاً للتنفيذ.